نحو جيل مبدع ( 2 ) !!

خاص بموقع ( بوابـة الشـرق الأوسـط الجديـدة )

” إن أول التجديد أن نقتل االقديم بحثاً ” أمين الخولي

” رحلة الاستكشاف الحقيقية لا تستلزم الذهاب لأراضي جديدة بل تستلزم الرؤية بعيون جديدة ”
مارسيل بروست

تحدثنا في المقال السابق عن دور الأسرة في تنمية الإبداع عند الأطفال
واليوم نتحدث عن دور المدرسة في ذلك ؛ وكنت قد وعدتكم بإدراج آخر الإحصائيات المؤسفة في هذا المجال !!!

فلقد وجدوا أنّ نسبة الأطفال المبدعين إبداع غير عادي دون سن الخامسة هو 90% وإذا وصلوا إلى سن السابعة تنزل النسبة إلى 10% !!!!!
والسبب المؤسف حقاً والذي سيفاجئكم !!

هو دخول الطفل المدرسة ، وخضوعه لأنظمة تعليم غير مدروسة ؛ حيث نفرض عليه أن لا يخرج خارج الصندوق ؛ فمثلاً ممنوع يسأل أي سؤال خارج الدرس ، ممنوع يقترح ، ممنوع يتخيل ، ممنوع .. ممنوع !!
أي باختصار ممنوع التفكير !! وهذا هو قتل الإبداع بعينه !!

نملأ وعاء رأسه بمعلومات 80% منها ليس ذو فائدة ولا تمت للواقع بصلة ؛ وبدوره يسكبها في ورقة الإمتحان ، ثم تُرمى كل هذه المعلومات في سلة المهملات أخر العام …. لماذا ؟؟ لأنها لاعلاقة لها بالحياة العملية !!
حوّلناهم إلى طلاب يستهلكون المعرفة ولا ينتجونها وأوجدنا فجوة واسعة جداً بين أنظمة التعليم وبين الحياة العملية الحقيقة !!
عندما سئل أحد طلبة جامعة هارفارد مالذي ينقص المواد التي تدرسها لتكون أكثر أهمية وفائدة ؟؟ كان ردّه الرائع : ” لابدّ أن تكون متصلة بالعالم الذي نعيش به فتترجم إلى تجارة وصناعة ومخترعات وعمل اجتماعي …إلخ “.

أضف إلى أننا جعلنا أطفالنا يتمسكون بالطرق التقليديّة في التفكير والحل والحفظ وزرعنا داخلهم الخوف من اللجوء إلى طرق غير اِعتيادية في ذلك ؛
بمعنى آخر جففنا عندهم الفضول والخيال ينبوعا الإبداع اللذان لا ينضبان !!

باختصار إذا أردنا صناعة الإبداع فعلينا اِجتثاث جذور التعليم التقليدي من مجتمعاتنا الذي سجن عقول أبناءنا داخل صناديق محكمة الإغلاق ، ونغرس بدلاً منه تعليماً ابداعياً قائماً على البحث والاستكشاف والتجربة وبالطبع يجب أن ينطبق هذا على جامعاتنا أيضا بل وعلى مجتمعاتنا بشكل عام !!

ولكن السؤال الآن كيف نستطيع صناعة الإبداع في مدارسنا ؟؟
نستطيع ذلك من خلال أمور كثيرة أهمها :

* إعادة صياغة المناهج وطرق التعليم بحيث تكون مبنية على أسس التفكير الإبداعي وتكون مرتبطة ارتباطاً مباشراً مع الواقع أي نستطيع تطبيق هذا العلم على أرض الواقع !!

* تشجيع الطلاب على طرح أسئلتهم وتحريضهم على النشاط الفعّال في إيجاد الأفكار وتطبيقها وحثّهم على المناقشة والنقد البنّاء !!

* إجراء ألعاب وتمارين تحث على استخدام الخيال لتوليد الأفكار!!

* ايجاد حصص ولو اسبوعية تعلّم طرق الإبداع وتطبق ذلك عملياً كأن نحفّز الطلاب على الاختراع ولو أشياء بسيطة !!

* ليكن هناك معارض خاصة بكل مدرسة تعرض إنتاجات واختراعات الأطفال مهما كانت بسيطة ولتوزع الجوائز تشجيعاً لهم ؛ وهذه الطريقة تطبّق في الغرب وقد أثبتت نجاحاً رائعاً !!

* لتقيم المدرسة رحلات بين الحين والآخر ولو لحديقة ويطلب المعلم من الأطفال التفكير في حل مشكلة ما ؛ فمثلا يقول لهم : ماذا لو وجد نهر يعيق وصولنا الى الطرف الآخر من الحديقة حيث الألعاب كيف نستطيع عبوره ؟؟
ماذا يمكننا أن نفعل ؟؟
ناقش حلولهم وأفكارهم و حاول تطبيق ماتستطيع منها على أرض الواقع وهكذا نطلق العنان لخيالهم ونصنع مايسمى بالتفكير الإبداعي !!

يقول شارلي شابلن : على مدى أعوام اكتشفت أنّ الأفكار تأتي من خلال الرغبة الشديدة في ايجادها والرغبة المتصلة تحوّل العقل إلى برج مراقبة يفتش عن الجديد في الملابسات التي تثير الخيال !!

* استخدام الوسائل المرئية والمسموعة في التعليم والطرق الحديثة في الحفظ كالخرائط الذهنية مثلاً !!

* تطبيق العلوم النظرية بطرق تجريبية على أرض الواقع

إذن فلنخرج عن المألوف في طرق التعليم ، فلكم أن تعلموا أنّ من القواسم المشتركة بين الطلاب المبدعين أنّهم جميعاً أتيحت لهم فرصة تجربة مادة دراسية واحدة على الأقل تمثّل خروجاً عن المألوف فلنفسح المجال لأفكارهم أن تتكلم !! كما أنّهم جميعاً كان عندهم قدوة أو معلم كان له الأثر العظيم في صناعة إبداعاتهم وتحفيز خيالهم ؛ يقول أينشتاين : إنّ الميزة التنافسية لأي مجتمع لاتأتي من جودة تعليم المدارس لجدول الضرب والجدول الدوري ، بل من قدرة المدارس على تحفيز الخيال والإبداع !!

وأخيراً أقول :
ستكمن مفاتيح المستقبل في قدرة الأسرة والتعليم بشكل خاص والمجتمع ككل ؛ شركات وأفراد ومؤسسات بشكل عام على القدرة على الابتكار والإبداع والتجديد والخروج عن النمطية والمألوف في التفكير
فإن الثروة القومية لأي أمة تنشأ عن حجم رأسمالها الفكري !!
وإذا أردنا إحداث فارق ايجابي في مجتمعاتنا فعلينا أن نعلم أنّ الإبداع ضرورة وليس رفاهية !!

وهنا يتبادر إلى ذهني المثل القائل ( الحاجة أم الاختراع ) فأتساءل عن حالنا كأمة عربية لماذا لا نُعمل عقولنا ونخترع عندما نحتاج لشيء ما ؟ لماذا ننتظر أن يخترعه لنا الآخرون ؟؟ لماذا نستورد مخترعاتهم وعندنا كل ماعندهم وأكثر ؟؟ لماذا لماذا ؟؟؟

لكم مني أجمل التحيات
* مدربة تنمية بشرية
www.facebook.com/Lena.Mhd.Matteet

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى