نرجيلة … وفون …!!
أينما ذهبت وكيفما نظرت ترى الرؤوس مطأطئة .. والأصابع مشغولة.. تداعب جهاز الفون ..
ظاهرة تحولت إلى عادة اجتماعية طبيعية، فالجميع مشغولون بمتابعة الأخبار السياسية والاجتماعية والترفيهية .. وإنزال الصور وتلقي الصور والتعليق عليها بروح رياضية ..
وجوه تتبسم .. وأخرى تتأزم .. تعبس ، تضحك ، تستغرب .. وتعطي انطباعات استفزازية ..
في المطاعم والمجالس والدعوات الرسمية ، بدأ الناس ينسون وجود الآخر .. ويتلهون بالعوالم الافتراضية ..حتى في المنزل .. باتت تشكل خطراً على العلاقات الأسرية ..
قبلاً..
كان الأصدقاء يجتمعون على أركيلة وفنجان قهوة أو شاي في القهوة أو المطعم أو حديقة المنزل يتسامرون ، يتسلون ، يضحكون .. والأهل على مائدة الطعام ، أو على فنجان قهوة وجلسة دافئة حميمة يتبادلون الأخبار ويتشاركون الأفكار …
واليوم الأركيلة على شفاههم والفون في أحضانهم ..وكل واحد مشغول بعالمه الافتراضي الخاص ، ناسياً وجود آخر يشاركه الجلسة والاصغاء والحديث ..حتى الأركيلة .. اخترعوا منها الأركيلة الالكترونية الذكية .. باعتبارها صديقة للبيئة ، نظيفة ، وأقل مضاراً على الصحة .. وبالتالي أصبح يمكن للمرء حمل أركيلته بسهولة وهاتفه النقال .. والانعزال …
رويداً رويداً .. يبدأ الناس بنسيان الوجوه .. وتختفي البسمة من أعينهم ..وإلى أجساد بلا حياة يتحولون ..
فلا أجمل من لغة الجسد والعيون وسماع صوت دافئ حنون .. يتكلم .. أو صديق حقيقي لهوف يصغي ..
ظواهر الكترونية بدأت تحول إنساننا إلى روبوت.. بعد عدة محاولات بعضها ناجح وكثيرة فاشلة بتحويل الروبوت إلى إنسان ..يتحكمون به ويسيطرون عليه ويغسلون دماغه .. ليفرغوه من عواطفه ومشاعره وأحاسيسه ، ويملؤوه ومعه جيوبهم.. بما يريدون ..
ظاهرة نشتكي منها .. ونعاني منها بنفس الوقت ..
لتكون دعوتي اليوم إلى فنجان قهوة وأركيلة، وجلسة حقيقية مع أصدقاء حقيقيين.. تنطفئ فيها الأجهزة الألكترونية.. وتشتعل العواطف الجميلة الانسانية .. وتبادل الأفكار والمشاعر والأحلام والهموم اليومية …