نزاعات الشرق الأوسط تنعش صناعة الأسلحة
انتعشت صناعة الأسلحة البلغارية بعد ركود استمر سنوات، وبدأت المصانع التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، العمل بكامل قدرتها وسط البلاد، مستفيدة من اندلاع النزاعات في الشرق الأوسط.
وفي وادي إيغانوفو، ينقل العمال الذين يرتدون المآزر والقفازات القطنية، الذخائر بحذر لاستخدامها في صنع قاذفات الصواريخ الرهيبة المضادة للدبابات ،الروسية التصميم، من نوع “آر.بي.جي-7″، وبعض العمليات تجري في حجرة مدرعة. وللمرة الأولى منذ فترة طويلة، وظف المصنع عمالا جددا ويؤهلهم للقيام بهذه المهمات البالغة الدقة.
وخلال زيارة إلى المصنع، أبدى إيفان غيستوف المدير العام لمصنع “في.أم.زد سبوت” ارتياحه، وقال إن “الطلب يتجاوز قدراتنا الانتاجية، لقد صنعنا في الفصل الأول أكثر مما أنتجنا خلال 18 شهرا في السنوات السابقة”.
من جهته أوضح تيهومير بيزلوف الخبير الأمني في “مركز الدراسات حول الديمقراطية” في صوفيا، أن بلغاريا المتخصصة في إنتاج الأسلحة الخفيفة والذخائر “تنتج نماذج روسية ليست باهظة الثمن، وسهلة الاستخدام”، مضيفا أن “الانتعاش الملموس المسجل منذ سنة ونصف السنة، تغذيه الحروب في سوريا والعراق”.
وأقرت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة بأن شركات أمريكية تشتري من بلغاريا أسلحة مخصصة لتدريب المعارضة السورية، وقد قتل أمريكي وأصيب اثنان بجروح في 2015 في موقع يستخدمه مصنع “في.ام.زد” للتجارب.
لكن الخبير الأمني سلافتشو فيلكوف قال إن “أسلحة وذخائر بلغارية مصدرة بصورة شرعية قد وقعت أيضا في أيدي تنظيم داعش”. وخلصت دراسة أجراها في 2014 مركز “كونفليكت ارممنت ريسترتش” البريطاني للدراسات عن الأسلحة التي يستخدمها مسلحو تنظيم داعش في شمال العراق وسوريا، إلى أن 47 من أصل 161 خرطوشة جمعت ومصنعة بين 2010 و 2014، قد أنتجت في بلغاريا”.
مصدر رزق محفوف بالمخاطر
وتعد السعودية مع العراق والهند وأفغانستان، من كبار زبائن بلغاريا، وتبين من تحقيق أجرته شبكة “البلقان الاستقصائية للتحقيقات” أن “هذا البلد يمكنه أن يزود بهذه الأسلحة مجموعات مقاتلة يدعمها في سوريا واليمن”. إلا أن جيريمي بيني من مجلة “اي.اتش.اس جاينز ديفنس ويكلي” البريطانية، أوضح لوكالة فرانس برس، أن الجيش السعودي “يستخدم عموما أسلحة غربية وليس من الكتلة الشرقية”.
وتؤكد بلغاريا التي تبقى منتجا للأسلحة الخفيفة متوسط الأهمية قياسا لكبار منتجي الأسلحة، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، أنها تحترم أي حظر دولي. وقال وزير الاقتصاد البلغاري بوجيدار لوكارسكي إن “المنتجات ترفق بشهادة إلى وجهتها النهائية، ولا يمكن لبلغاريا أن تتحمل مسؤولية ما يحصل بعد ذلك”.
وأقدم مصنع “في.ام.زد”، الذي يعد آخر مؤسسة رسمية للأسلحة، على افتتاح وحدتين جديدتين في ايغانوفو من أجل زيادة إنتاجه بمعدل النصف، وما زال المصنع الذي تأسس في 1936 غير قادر على تشغيل 20 ألف موظف كما كان في السابق، لكنه وظف حوالي 1000 عامل منذ 7 أشهر، فرفع عدد عماله إلى 3600 وما زال يسعى إلى توظيف 500 آخرين. وفي مدينة كازانلاك المجاورة، يستفيد 7300 عامل في مصنع “أرسنال” الخاص لصنع بندقية “كلاشنيكوف البلغارية”، والمعروف بجودته وأسعاره، من هذا التحسن أيضا.
ولا تخلو هذه المهنة من خطر، فقد لقي 3 عمال مصرعهم في انفجارين عرضيين في أبريل/نيسان ومايو/أيار لدى “أرسنال” الذي يعد أكبر مؤسسة لإنتاج الأسلحة. ومنذ 1989 وانهيار الكتلة السوفياتية، ارتفع بـ 10 مرات عدد العاملين في الصناعة العسكرية البلغارية.
وخلال فترة حلف وارسو، كانت بلغاريا تبيع أسلحة يناهز متوسط ثمنها 800 مليون دولار سنويا إلى بلدان أخرى في الكتلة وإلى أنظمة أو حركات قريبة من الشيوعيين في الشرق الأوسط وإفريقيا. وشهدت الصادرات تراجعا رمزيا في العقد الماضي، لتنهض تصاعديا بلغت 80 مليون يورو في 2008 ثم 404 ملايين يورو في 2014 ثم 640 مليونا في 2015، على رغم البنى التحتية المتهالكة والنقص المزمن للاستثمارات.
وكالة الأنباء الفرنسية