نفط إيران إنتصر… ولن يوقفه أحد!

بعد العزلة الدولية التي إستمرت سنوات نتيجة العقوبات، عادت إيران وبقوة لتطوير مشاريعها النفطية والغازية بهدف دعم الانتاج والصادرات وإعادتها الى مستويات ما قبل فرض العقوبات. وتُسجل هذه الخطوة بعد أشهر من المناقشات الداخلية بشأن الشروط الخاصة بالعطاءات والتي تهدف لأن تكون أكثر جاذبية للشركات الأجنبية. وتأمل إيران، ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة البلدان المصدرة للبترول، في إحياء قطاع الطاقة عقب رفع العقوبات عنها في كانون الثاني بعد سنوات من نقص الاستثمار وأن تحقق مستويات الإنتاج التي شهدتها في 2012.

وفي هذا السياق، دعت وزارة النفط الإيرانية الشركات الأجنبية الى تقديم عطاءات لمشروعات نفط وغاز في إيران، مع سعي البلاد الى ترسية عقود تنقيب وإنتاج بعد رفع العقوبات المفروضة عليها، وذلك للمرة الأولى منذ إبرام الاتفاق النووي مع القوى العالمية. وبحسب وزارة الطاقة ينبغي على الشركات الأجنبية التقدم بطلباتها في 19 تشرين الثاني المقبل على ان يتم الاعلان عن الشركات الفائزة في السابع من كانون الاول المقبل، وعلى ان تقوم شركة النفط الوطنية الإيرانية بإرساء العقد بحلول مطلع 2017. وبحسب المعلومات، سيكون بمقدار شركات النفط التقدم لعقد تطوير حقل جنوب ازاديجان النفطي في 19 تشرين الثاني ، وبعد جنوب ازاديجان فإن شركة النفط الوطنية الإيرانية ستبدأ طرح حقلا واحدا شهريا، على ان يكون هنالك مجموعة من 11 حقلا للنفط والغاز متاحة للطرح. وبحسب المعلومات، من المتوقع ان تشمل العطاءات عمليات التنقيب عن حقول النفط والغاز، وعمليات الإنتاج، على ان تكون هذه أول مرة تقدم فيها إيران مناقصة دولية لمشروعات نفط وغاز، منذ دخول الاتفاق النووي، الذي وقعته طهران عام 2015 مع القوى الدولية، ودخل حيّز التنفيذ في كانون الثاني الماضي.

وفي وقت سابق من شهر تشرين الأول الاري وقعت شركة النفط والطاقة الوطنية الايرانية أول عقد إنتاج بموجب نموذج عقود البترول الإيرانية الجديد مع شركة قالت الولايات المتحدة إنها ضمن مجموعة شركات يسيطر عليها المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي. وجرى تأجيل إطلاق عقود النفط والغاز الإيرانية مرارا مع مقاومة خصوم الرئيس حسن روحاني لأي اتفاق قد ينهي ما يطلق عليه نظام إعادة الشراء الذي يمنع الشركات الأجنبية من تملك حصص في الشركات الإيرانية.

وبالفعل، تخطط إيران لزيادة حجم إنتاجها من النفط من 3.89 مليون برميل يومياً إلى مستوى 4 ملايين برميل يوميا بحلول نهاية السنة الفارسية التي تنتهي في آذار المقبل. وفي هذا السياق، أكدت طهران ان قدرتها الانتاجية من النفط ستصل الى هذه المستويات بعد ان تمّ استثناؤها من اتفاق غير رسمي بين الدول الاعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبيك) لخفض الانتاج بهدف تعزيز الاسعار. هذا وقررت “أوبك” الشهر الماضي في الجزائر تقليل إنتاجها الجماعي إلى ما يتراوح بين 32.5 مليون و 33 مليون برميل يوميًا، من أجل دعم الأسعار، في خطوة وصفها نائب وزير النفط الإيراني بـ” الصغيرة” لكنها في الاتجاه الصحيحـ، مؤكداً ايضا ان مستويات الإنتاج الدقيقة لكل دولة ستكون محل تفاوض خلال اجتماع أوبيك الرسمي القادم في تشرين الثاني. بدوره أكد وزير النفط بيجان زنقنة في مؤتمر للشركات المحلية والدولية ان الانتاج الايراني يصل حاليا الى ما يقارب ” 3,8 ملايين برميل يوميا بعد النصف الاول من السنة، وستعمل البلاد على رفعه الى 4,03 ملايين برميل في نهاية السنة” الايرانية في مارس 2017، كما تستهدف ايران الى الوصول بانتاجها الى 4,6 ملايين برميل يوميا خلال 5 سنوات. وحاليا تصدر الجمهورية الاسلامية أكثر من 2.2 مليوني برميل يوميًا، وتسعى البلاد الى استعادة حصتها السوقية في سوق النفط التي كانت تمتلكها قبل فرض العقوبات عليها، في الوقت الذي تسعى فيها إيران أي للتوقف كليا عن إستيراد مادة البنزين مع تشغيل مصافي تكرير محلية جديدة في الأشهر المقبلة. وهذه الخطوة قد تعقد طوحات منظمة الدول المصدر للنفط “أوبيك” الهادفة الى خفض الإنتاج في محاولة لتعزيز الأسعار، رغم ان هذه المنطمة سمحت لايران وليبيا ونيجيريا بمواصلة انتاجها “عند المستوى الاقصى المنطقي”، ما يحد من الامال الموضوع على تداعيات أي قرار قد يصدر عن إجتماع فيينا الشهر المقبل على اسعار النفط.

وخرج نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري مرة جديدة ليؤكد ان الجمهورية الاسلامية بحاجة لاستعادة حصتها في سوق النفط العالمية والتي خسرتها خلال سنوات الحظر الدولي وذلك لاستخدام العائدات النفطية في تنمية البلاد والاقتصاد بشكل عام. ورغم هذه النوايا المؤكدة والهادفة الى الاستمرار في رفع مستوى الانتاج، الا ان وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أعرب مرة عن أمل في أن تتوصل منظمة البلدان المصدرة للبترول أوبيك لقرار بشأن تقييد إنتاج النفط في تشرين الثاني، ما قد يساهم في الحد من نزيف الاسعار.

كما أمل وزير النفط الإيراني في تعزيز إنتاج بلاده من الغاز الطبيعي مطلع العام المقبل لتصل به إلى مستويات مماثلة لإنتاج قطر، معتبراً ايضا ان أولوية الجمهورية الاسلامية هي تطوير حقل بارس الجنوبي للغاز الطبيعي الذي تتقاسمه مع قطر بالإضافة إلى حقول النفط المشتركة. وكانت أعلنت إيران في وقت سابق أن الأولوية في عطاءات التنقيب والإنتاج المتاحة للشركات الأجنبية، ستكون لدول الجوار التي تتشارك معها حقول نفط وغاز حدودية.

صحيفة النهار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى