أحوال الدنيا

نوبل للمصالح العقارية في محل نوبل للسلام!!

د. فؤاد شربجي

في تفسيره لمفهوم (حل الدولتين) طلع معه أنهما دولتي إسرائيل وأمريكا لا إسرائيل وفلسطين كما هو مفهوم لدى العالم كله. وفي صرفه لـ (وطن) بمجموعة عقارات وتحويله مفهوم (الشعب) إلى مجموعة (نزلاء) على أرض ما، توصل ترامب إلى ابتكار حل لقطاع غزة في اليوم التالي للحرب وهو حل يتمثل بنقل شعب غزة البالغ أكثر من مليونين ونصف المليون نسمة إلى مصر والأردن وإندونيسيا وبلاد أخرى، بحجة أن القطاع مدمر ولا يصلح للسكن والحياة. وبعد إخلاء القطاع من شعبه، أوضح ترامب أن إسرائيل وبعد انهائها الحرب على غزة ستسلم القطاع لأمريكا ليصبح تحت سيطرتها وتابع لها وجزء من تابعيتها. ولتنطلق ورشة أعماره ليكون (ريفيرا الشرق الأوسط) الأمريكية.

وهكذا فإن اليوم التالي للحرب في غزة يجعلنا أمام دولتين، إسرائيل مع توسيعها على حساب الضفة، وأمريكا في غزة بعد تحويلها إلى ريفيرا أمريكية في الشرق الأوسط. ألا يستحق ترامب جائزة نوبل كما يطالب؟؟ ثم من قال أن (المصالح العقارية) بدل الوطن ليست ابتكارا إنسانيا يخلق السلام حسب ما يفكر ترامب؟؟ وفي حله لليوم التالي في غزة حل ترامب مشكلة الغزيين بنقلهم إلى بلاد يقول أنها أفضل من بلدهم، ويقيم ولاية أمريكية سياحية في وطنهم. لذلك معه حق عندما يظن ويقول (استحق جائزة نوبل للسلام). وله أن يرى في نفسه ندا لرؤساء أميركا الذين نالوا هذه الجائزة روزفلت وويلسون وكارتر وأوباما. والظريف أنه يعرف مقامه، فهو بعد أن أعلن استحقاقه لنوبل يعود ليقول (أعرف أنهم لن يعطونها لي). طبعا لن يعطونها له لانه ليس هناك نوبل المصالح العقارية التي يتميز بها. وهو ليس مؤهلا لنوبل السلام لا سمح الله لأن ما يفعله لن يقر سلاما في المنطقة بل يطيل الصراع ويجذر النزاع حتى لو نقل الغزاويين إلى أقاصي الأرض. لأنه لا يمكن لشعب فلسطين أن يتخلى عن ارضه أو وطنه. كما أنه لا يمكن للمصالح العقارية أن تكون في محل السلام للحصول على جائزة نوبل.

‏معه كل الحق “بيتر بيكر” كبير مراسلي نيويورك تايمز عندما كتب قبل أيام أن مشروع ترامب في غزة ما هو إلا (ناقوس الموت لحل الدولتين). والحقيقة ان اقتراحه هو عمل حثيث على دفن اقتراح وحل قيام دولة فلسطينية. وهذا بالضبط ما سيجدد روح المقاومة لدى الفلسطينيين وما سيبقى الصراع قائما. اقتراح ترحيل شعب غزة هو مشروع مستشار نتنياهو (رود دريمر) طرحه على ترامب، الذي تبناه وأعطاه عنوان دلع (ريفيرا الشرق الأوسط) متجاوزا أو ناعيا حل الدولتين، ومتناسيا أو غير عابئ برفض السعودية وجميع الدول العربية له، ومستهترا بتمسك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا وألمانيا واستراليا وكندا واليابان وروسيا والصين وغيرها، مستهترا بتمسكهم واصرارهم على ضرورة إقامة دولة فلسطينية كأساس للحل في المنطقة.

والسؤال الذي يطرحه الجميع كيف يمكن نقل وترحيل شعب بكامله بذريعة إقامة منطقة سياحية؟؟ والسؤال الأكثر إلحاحاً هو هل هذه هي استراتيجية ترامب (تحقيق السلام عبر القوة)؟؟ هل القوة المقصودة هي عظمة أمريكا في السيطرة وفي تحويل أوطان الآخرين إلى عقارات مفيدة للاستثمارات الأمريكية؟؟!!!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى