نِتنياهو يتَطاول على مِصر ويسخر من انتِصار جيشها في حرب أكتوبر التي تعيش ذِكراها..

 

يحتاج بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى دروسٍ في التّاريخ والعلوم العسكريّة، ومُراجعة وثائق حرب تشرين الأول (أكتوبر) قبل أن يتطاول على الجيشين المِصري والسّوري اللّذين خاضَا هذه الحرب بشجاعةٍ وبُطولةٍ، وقبل أن يسخر ويُحاول التّقليل بالتّالي من الانتِصار العظيم للجيش المِصري تحديدًا بعُبوره قناة السويس في عزّ الظّهر وتَحطيم أُسطورة خطّ بارليف، ومسح عار هزيمة عام 1967 في أقل من ست سنوات نِتنياهو الذي لم ينتصر في أيٍّ مِن حُروبه سواءً في جنوب لبنان أو قطاع غزّة، حاول السّخرية من مِصر، والتّشكيك بانتِصار جيشها، عندما قال في تغريداتٍ وتصريحات صحافيّة “رغم الموقف الضّعيف في بداية الحرب إلا أنّنا قلبنا الموازين رأسًا على عقبٍ وحقّقنا النّصر”، وهذا يَعكِس غطرسةً وتعاليًا لا يَستنِد على أيّ أسس، أو وقائع ميدانيّة، وأنّما كذبٌ وليٌّ لُعنق الحقائق.

الوثائق تؤكّد أن غولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيليّة في حينها أُصيبت، وجِنرالاتها، بانهيارٍ عصبيٍّ من جرّاء المُفاجأة وهزيمة جيشها الذي كانت تتباهى بأنّه لن يُهزم، وهرعت إلى الولايات المتحدة طالبةً إقامة جسر جوّي لإرسال أحدث الأسلحة الأمريكيّة لإنقاذ جيشها من الهزيمة السّاحقة على أيدي الجِنرالات المِصريين والسّوريين الأفذاذ مِثل سعد الدين الشاذلي وعبد الغني الجمصي، وناجي جميل، وقائمة الشّرف تطول.

حرب أكتوبر تُسَجِّل بداية مُسلسل الهزائم للجيش الإسرائيلي، مثلما تُوثّق التّضامن العربي في أنقى صُوره، واستِخدام الدول العربيّة النفطيّة سِلاح النّفط بصُورةٍ هزّت إسرائيل والعالم، وشاهدنا الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين لا يكتفي بحظر النّفط وإنّما يطير إلى موسكو ويُقدّم صكًّا مفتوحًا للقادة السّوفييت لتغطية حاجة الجيشين السّوري والمِصري من الأسلحة الحديثة.

لا يُمكن أن ننسى تحرّك الجيش العراقي السّريع ودبّاباته إلى سورية لحِماية دِمشق، والمُشاركة في جبَهات القِتال، حيث تعانقت دماء رجاله الشّهداء مع دماء أشقائهم السّوريين، رغم بعض الخِلافات بين نظاميّ البلدين.

الجيش المِصري الباسل اقتحم قناة السويس وخطّ بارليف ورفع علم بلاده على الضفّة الأُخرى مُسَجِّلًا سابقةً عسكريّةً ما زالت تُدَرّس في الكليّات الحربيّة في مُختلف أنحاء العالم، وتُشَكِّل مصدر فخر للأمّتين العربيّة والإسلاميّة، وبَل والعالم الثّالث أيضًا.

نتذكّر العاهل السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز والشيخ زايد بن سلطان رئيس الإمارات ونحن نرى هرولة من أخذوا مكانهما في قمّة السّلطة، نحو التّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وإقامة تحالفات عسكريّة وأمنيّة، والتخلّي عن أقدسِ قضيّة في تاريخ الأمّتين العربيّة والإسلاميّة، هل ننسى مقولة الأخير “النّفط ليس أغلى من الدّم العربي” في تلك اللّحظات التاريخيّة التي تظهر فيها معادن الرّجال.

نِتنياهو وجيشه هُما اللّذان يستحقّان السّخرية، وليس الجيشان المِصري والسّوري وجِنرالاتهما الأبطال، والأمر المُؤكّد أنّ هذا الوضع العربي المُنهار لن يدوم طَويلًا، فمِثلما نهض الجيشان المِصري والسّوري من وسَط رُكام هزيمة حزيران (يونيو) عام 1967، وخاضَا حرب أكتوبر وانتَصرا، ستنهض هذه الأمّة مرّةً أُخرى، وتستعيد مكانتها التي تستحقّها في مُقدّمة الأُمم.. وليس هذا على الله بكثيرٍ.

نِتنياهو يُجسِّد بسُخريته هذه التّعالي الصّهيوني الأجوف، مثلما يُجسّد النظريّة الدونيّة العُنصريّة الحاقدة من قبله، وأمثاله، للعرب والمُسلمين، والأشقّاء المِصريين خاصّةً، ولكنّه يحتاج إلى من يُذكّره ببُطولاتٍ وتضحياتٍ هؤلاء الأشقّاء في حرب الاستِنزاف التي استمرّت أكثر من ثلاث سنوات وتكلّلت بانتِصار السّادس من أكتوبر لتتواصل بعدها الهزائم الإسرائيليّة على أيدي رِجال المُقاومة في لبنان أثناء غزو عام 1982، وتحرير الجنوب اللبناني عام 2000، وهزيمة العُدوان الإسرائيلي في حرب تمّوز (يوليو) عام 2006.

من يهرع إلى القاهرة رُعبًا وخوفًا من سُقوط أوّل صاروخ قُرب تل أبيب في حُروب غزّة الأخيرة طالبًا وقفًا سريعًا لإطلاق النّار.. ومن يُعلن حالة الطّوارئ القُصوى في صُفوف جيشه على الحُدود اللبنانيّة مُنذ شهرين خوفًا من انتِقام “حزب الله” عليه أن يسخَر من نفسه ويَنظُر في المرآة قبل أن يسخر من الجيش المِصري ويُشَكِّك في تاريخه البُطولي.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى