هالأسمر اللون !!!
بعد غياب … قصدت احدى حارات الشام العتيقة أبحث عن روح اشتقتها.. روح الأصالة والعراقة .. روح الحجارة التاريخية.. روح النسيم العليل والياسمين الجميل .. روح الروح التي افتقدتها بين علب اسمنتية متماثلة ومكررة ..
ذهبت أبحث عن بعض مني تاهت في زحمة الحياة وضجيج الرفاهية المصطنعة .
مشيت في الحارات .. على الأرصقة بين البيوت الحميمية وحول الياسمين والورد والشجيرات الساهية على حواف الطرقات .. بحثت هنا وهناك.. بحثت وما وجدت روحا” .. وجدت سواتر اسمنية .. وشبابا بملابس عسكرية وسلاحا منتشرا في كل مكان..
وجدت بؤسا مرسوما باحترافية..بؤسا على الوجوه وحزنا في العيون … وشيخوخة في القلوب ..
ولم أجد الروح ..
كانت العتمة تطفو .. والكهرباء مقطوعة.. والأنفاس متعبة .. لا تسمع الا صوت المولدات .. ورائحة المازوت والتلوث تخنق رائحة الياسمين وتلوث المكان …
نعم لم أجد شيئا.
ولكنني لم أيأس وواصلت البحث في كل مكان … حتى وجدتها .. نعم وجدتها .. في مكان محاط بأشجار الزيتون القديم ، وكأن الروح لجأت اليه هاربة ممن يحاول قتلها … متراخية .. مستلقية تحاول استرداد انفاسها … والموسيقى الجميلة تغرد من حولها :
“هالأسمر اللون .. هالأسمراني .. تعبان يا قلب خيو هواك راماني ..!!!”
تنفست الصعداء .. واستردت الروح وجلست استمتع بالروح بعد غياب ..ليصعقني رؤية شباب غير سوريين يخدمون بالمكان.. ولألتفت حولي باحثة عن شباب بلدي الذين أنهكتهم الحرب واستهلكتهم نيرانها .. ليصبحوا اما بملابس عسكرية أو خارج الحدود الجغرافية أو تحت التراب .. !!
ولأستدرك نفسي أتنشق دمعي وأدندن مع الأغنية ..
“هالأسمر اللون.. هالأسمراني.. تعبان يا قلب خيو .. هواك بكاني !!!!! “