هاني الروماني …. اشتقنا لك !!

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديد

في الأسبوع الماضي مرت ذكرى وفاة الفنان النجم السوري هاني الروماني ، ورغم مرور أكثر من عشر سنوات على رحيله مازال مكانه شاغراً في الدراما التلفزيونية السورية، و مازال المسرح العربي يفتقده وتستمر الثقافة الشعبية السورية تبحث عمن يحل محله.

عرفت ( أبو علي ) عن قرب، واكتشفت الكثير من جوانب شخصيته، وعرفت الكثير من أسرار إبداعه .. أول هذه الأسرار، شغفه المشتعل بفنه، هذا الشغف الذي جعله يلاحق كل كبيرة و صغيرة في بيئة الأعمال الدرامية، وفي تفاصيل الأعمال التي أسندت إليه . شغف جعله يدس أنفه في كل شأن من شؤون هذا الفن وعوالمه لدرجة أغاظت البعض. ومن أسرار إبداع هاني الروماني ثقافته الواسعة، وذكاؤه اللماح، وتعدد مواهبه، من الكتابة الصحفية في بداياته إلى التمثيل والإخراج المسرحي منذ أيام الجامعة إلى المسرح القومي إلى الفعالية  الفنية المجتمعية في جمعية ندوة ( فن وفكر ) التي خرجت أهم المخرجين والفنانيين . إلى الإخراج التلفزيوني، وفي مركز كل هذه الإبداعات، يظل التمثيل الدرامي جوهرة مواهبه. ولكن هاني استطاع أن يبقي مواهبه حية متوهجة من خلال سر أُعده سر أسرار أبوعلي، وهو الطفل الذي فيه، حيث كان هاني الروماني طفلاً، مشاغباً، باحثاً، مستطلعاً، كتير غلبة، مستفهماً لاعباً كا الألعاب، حتى رحيله عن دنيانا . وبالفعل بلغ هاني حافة قبره دون أن يترك الطفل المبدع الذي يسكنه و يحركه.

كنت أستفزه بانتقاد أحد أعماله، أو بالتشكيك في رواية يرويها عن نفسه، وفي كل مرة كان يفاجئني بسرعة بديهيته، وبروحه المرحة، وبثقافته الشعبية المتجذرة في بيئته. و كان يتحداني متنبئاً ( أنت أكثر من سفتقدني …. و ستروي حكاياتي دائماً ) .. وبالفعل، ورغم مرور كل هذه السنين مازلت أقبض على نفسي متلبساً برواية قصص هاني في كل جلسة أو جمعة أصدقاء مثقفين أو فنانيين أو غيرهم . كان فناناً شعبياً بحق. جسد شايلوك شكسبير بطريقة جعلت الناس تتأثر به بعمق، وجسد الدور الرئيسي في مسرحية ( سهرة سمر من أجل 5 حزيران ) إنتقاداً لمن تسبب بالهزيمة . وفي أسعد الوراق قدم نموذجاً للشخصية التي يدور حولها التدين الشعبي . وفي هجرة القلوب للقلوب قدم شخصية الأعمى بإسلوب سبق و تفوق على ما قدمه محمود عبد العزيز في الكيت كات . و جسد في أبوكامل شخصية إبن الحارة بتميز لافح وقوي . .. باختصار قدم هاني الروماني فناً يصل للشعب ويعبر عنه. وكان مهموماً بقضايا الناس . ولم يتحزب إلا للوطن والثقافة والإبداع، وظل وفياً لدمشق التي أنجبته وظل وفياً ومعبراً عن إبداعها وحضاريتها . لذلك نستمر بإفتقاده .. و نقول له : أبو علي …. أشتقنا لك .!!.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى