«هدوء» إسرائيلي في الجنوب: النازحون لن يعبروا

لا يدلُّ «الهدوء» الذي يظهره العدو الإسرائيلي تجاه ما يجري في الجنوب السوري من عمليات عسكرية، على رضى واطمئنان تشعر بهما تل أبيب. الهدوء الإسرائيلي الميداني، جاء كخيار «أكثر ملاءمة» للمرحلة الراهنة التي تمر فيها الحرب السورية. فبعد «ليلة الصواريخ» الأخيرة في أيار/ مايو الماضي، فرض الواقع الجديد على الإسرائيليين التفكير أكثر قبل إقدامهم على أي تحرّك عسكري ــ ظاهر وعلني ــ تجاه الجيش السوري أو حلفائه، خصوصاً في المنطقة الجنوبية.

اليوم، اكتفى العدو برفع حالة التأهّب لدى قواته على الحدود، كما عمد إلى اعتماد أسلوب جديد في دعم بعض الفصائل المسلحة في المنطقة الحدودية، بالإضافة إلى إرسال شحنة «مساعدات إنسانية»، بحسب إعلام العدو، إلى الذين نزحوا نحو الحدود مع الجولان المحتل. وتجدر الإشارة إلى أن الصواريخ التي استهدفت مطار دمشق قبل يومين، لم يتبنَّ إطلاقها العدو الإسرائيلي، وهي في الأساس تأتي في سياق منفصل عن دعم المجموعات المسلحة، أو ضرب أهداف عسكرية سورية.

العدو الذي خبر ومارس كل أساليب دعم المجموعات المسلحة الجنوبية، من التمويل إلى التدريب والتجهيز، حتى النقل البري والدعم المدفعي والصاروخي، كما حصل أواخر العام الماضي في منطقة حضر، عندما عمد إلى نقل مقاتلي جبهة النصرة عبر الأراضي المحتلة لفتح طريق القنيطرة باتجاه منطقة بيت جن المحاصرة ــ تمكّن الجيش السوري من التصدي للهجوم وإفشاله ــ صار اليوم يكتفي بالمراقبة الميدانية، ومحاولة دعم فصائل مسلحة معينة، دون أخرى، يستفيد منها مباشرة على حدوده مع سوريا. وسائل الإعلام العبرية، تتابع عن كثب ما يجري في الجنوب السوري، وتحدثت اليوم، عن أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة التأهب عند الحدود الشمالية (الحدود مع سوريا).

وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية، إنّ «قوات الجيش رفعت مستوى التأهب في مرتفعات الجولان في ضوء التصعيد الأخير في القتال جنوبي سوريا، والاقتراب المتزايد للجيش السوري من الحدود الإسرائيلية». وأضافت: «لا تتوقّع إسرائيل مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، لكنها تستعدّ لاحتمال حدوث آثار غير مباشرة من هجوم النظام، بمساعدة من روسيا وإيران، على منطقة درعا، التي لا تبعد سوى 60 كيلومتراً عن الحدود الشمالية».

ولفتت الصحيفة في هذا الصدد، إلى توجه رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت إلى واشنطن مساء أمس، لإجراء لقاء سريع مع نظيره الأميركي، وذلك لـ«مناقشة الأحداث في سوريا، فضلاً عن الجهود المشتركة للبلدين لتقييد التدخل العسكري الإيراني في المنطقة»، بحسب الصحيفة الاسرائيلية. يأتي ذلك، في حين «يجتمع المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية الكابينت، يوم الأحد، لمناقشة استعداد الجبهة الداخلية لشن حرب في الشمال»، وفقاً لـ«هآرتس».

في مقابل ذلك، بدا واضحاً أن دمشق وحلفاءها، تجنّبوا استفزاز العدو الإسرائيلي في المنطقة القريبة من الحدود. فبينما يشهد الريف الشرقي لدرعا، عمليات عسكرية وتقدماً برياً واسعاً، يكتفي الجيش السوري بتوجيه ضربات جوية ومدفعية إلى عدد من قرى الريف الغربي البعيدة نسبياً عن الحدود مع الجولان المحتل.

الهدف من عدم تفعيل الجبهة في المنطقة الحدودية بالتزامن مع معارك درعا وريفيها، بحسب مصادر عسكرية سورية، هو «سحب الذرائع من يد العدو الإسرائيلي، والتي يمكن أن يستغلها لعرقلة تقدم الجيش أو تأخيره، وهذا أمر يريده العدو وهو ليس في مصلحة دمشق».

يبقى السؤال هنا عن قرى ريف درعا الشمالي الغربي، وريف القنيطرة، وتحديداً المناطق التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة هناك، هل هي محيّدة عن معركة الجنوب؟ تجيب المصادر ذاتها بالنفي، وتقول: «معركة تحرير الجنوب تشمل كل قرى وبلدات ومدن الجنوب، إنما الأولويات العسكرية والميدانية تفرض تقسيم العملية إلى مراحل، واليوم نحن في مرحلة درعا وريفها الشرقي وجزء من ريفها الغربي»، وتؤكّد أن «المنطقة الحدودية ستواجه مصير درعا وريفها ذاته، إذ لا بدّ من إمساك الحدود كاملة».

أفاد بيان للجيش الإسرائيلي، بأن الأخير «يتابع عن كثب التطورات في جنوب سوريا وهو مستعدّ لمختلف السيناريوهات»، مضيفاً «لن نسمح للسوريين بالدخول إلى إسرائيل وسنواصل صون مصالحنا الأمنية».

في السياق ذاته، قال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، في مقابلة مع محطة «102 إف إم» الإذاعية: «أظن (أننا) يجب أن نمنع دخول النازحين من سوريا إلى إسرائيل. ومنعنا مثل هذه الحالات من قبل». كما عُمّم اليوم على وسائل الإعلام الإسرائيلية، مقطع فيديو يظهر جنوداً من الجيش الإسرائيلي يقومون بإدخال «مساعدات الى النازحين السوريين داخل الأراضي السورية». نشر مقطع الفيديو تحت التعليق التالي:

أمر الجيش الإسرائيلي، بإرسال مئات الأطنان من المواد الغذائية، والطبية، والألبسة، والخيم، إلى أربعة مناطق تجمّع فيها اللاجئون السوريون البالغ عددهم 120 ألفاً، والذين تمركزوا بالقرب هضبة الجولان (الجزء المحتل). وتعليقاً على ذلك، قال جيش الاحتلال إنه «لن يسمح لهؤلاء بأن يعبروا الحدود».

صحيفة الاخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى