هذه الممارسات السيّئة تضرّ بالقلب
يعـــيش الإنـــسـان بنبض القلب ويحيا على إيقاع دقاته، وعندما ينكسر هذا القلب فإن أعضاء الجسم كلها تنكسر وتتأوه. منذ اللحظة التي ينكسر فيها القلب، يطرح الجسم كميات فائضة من هرمون الغضب الأدرينالين وهرمون الكورتيزول اللذين يطلقان شتى أنواع العوارض الجسمية التي تنذر صاحبها بأن شيئاً ما يجري في الكواليس، وفي هذه الحال فإن الاستشارة الطبية العاجلة تصبح أكثر من ضرورية لكشف الملابسات. لا تتدهور صحة القلب هكذا بين عشية وضحاها، إذ هناك بعض التصرفات و الممارسات السيّئة نمارسها يومياً، تلقائياً أو طوعياً، هي التي يجب البحث بين ثناياها لأنها قد تكون أساس المشكلة. ويكفي هنا إصلاح هذه التصرفات كي يعود القلب الى النبض بالصحة.
القلب هو دينامو الحياة لكل أعضاء الجسم لأنه يضخ إليها الدم اللازم الذي يحمل معه وقود العيش، من هنا أهمية تفادي الممارسات السيّئة التي تضر به، ونعرض هنا أشهرها:
– التدخين أو العيش مع مدخن،
فالتدخين كارثة لصاحبه وكل من يعيش معه، فقد بينت الدراسات أنه يمثل العدو الأكبر للشرايين كونه يتسبب في تصلبها وتضيقها وفي نشوء الجلطات فيها، خصوصاً في الشرايين القلبية.
يجعل التدخين القلب ينبض بسرعة ويترك شرايين القلب في توتر دائم، فتبقى متشنجة ضيقة تهيئ الظروف المناسبة لتشكل التضيقات والجلطات وبالتالي النوبات القلبية. وحتى صمامات القلب نفسها لا تسلم من شر التدخين، وفي هذا الإطار حذرت دراسة فنلندية أشرفت عليها الدكتورة ساتو هلسكي، من مضار التدخين على الصمام الأبهري، لافتة الى أنه يزيد خطر تعرّضه للتضيق، الأمر الذي يقود لاحقاً الى الإصابة بفشل القلب. والمشكلة في تضيق الصمام أنه لا يعطي عوارض إلا بعد تضرر البطين الأيسر للقلب، وهنا تكمن الكارثة لأنه من الصعب إصلاح الضرر الحاصل في العضلة القلبية.
– فرط استهلاك الملح.
لا شك في أن هناك علاقة وطيدة بين كثرة استهلاك الملح وارتفاع ضغط الدم الذي يجعل القلب يعاني لأنه يجبره على العمل في شكل أكبر. ما يعرضه في نهاية المطاف للإصابة بالإفلاس. لكن وفق نتائج بحث لكلية العلوم الصحية في جامعة ولاية ديلاوير الأميركية، فإن زيادة تناول الملح لا تعني فقط ارتفاع ضغط الدم. بل إن الكميات الفائضة من الملح يمكنها أن تدمر البطانة الداخلية للأوعية الدموية الدقيقة. ما يزيد من احتمال تجلط الدم وتضخم البطين الأيسر للقلب.
– الإكثار من تناول الوجبات السريعة،
من الممارسات السيّئة تناول الوجبات السريعة. فوجبات المطاعم السريعة تكون محمّلة بثلاثة مكونات ضارة، هي الدهون المشبعة، السكريات، والملح. ومع مواصلة تناول هذه الوجبات التي تزخر بهذه المكونات، فإن القلب لن يسلم من أخطارها. وتفيد دراسات بأن تناول الوجبات السريعة لأربع مرات أو أكثر أسبوعياً، يضع أصحابها تحت رحمة خطر الموت بعد الإصابة بمرض في القلب.
– قلة استهلاك الفواكه والخضار.
أمراض القلب أكثر انتشاراً بين الأشخاص الذين يقللون من تناول الوجبات النباتية مقارنة بالذين يكثرون منها. يجب أن تشغل الفواكه والخضار حيزاً كبيراً من الوجبات اليومية. لأنها تعتبر الحليف الفعلي لصحة القلب.
– الجلوس لساعات طويلة.
أفادت بحوث. بأن الجلوس لساعات طويلة يزيد احتمال الإصابة بالنوبات القلبية. حتى لو كان الشخص يمارس الرياضة بانتظام. وأظهرت دراسة حديثة لجامعة تكساس. أن الجلوس في شكل مفرط لمدة تفوق 10 ساعات يزيد من احتمال الإصابة بأمراض القلب بنسبة كبيرة. وذلك بصرف النظر عن عوامل الخطر الأخرى. وأوضحت دراسة أشرفت عليها الباحثة بريتا لارسن من جامعة كاليفورنيا. أن الجلوس المديد يساعد على تراكم نوع ضار من الدهون حول القلب. وبالتالي يزيد احتمال التعرض للحوادث القلبية الوعائية. وربطت دراسة أميركية حديثة، قادها باحثون من كلية طب ويسكنسون، بين الجلوس لساعات طويلة يومياً وزيادة تكلّس الشرايين التاجية للقلب، ما يزيد من احتمال الإصابة بالأزمات القلبية.
– الوحدة.
قد يحلو لكل شخص أن يختلي بنفسه بعيداً من الآخرين. وهذا لا غبار عليه. لكن بعضهم قد يدخل في دوامة الوحدة فيقاطع الناس، ما يعرّضه لأخطار صحية. من بينها أمراض القلب. وخلصت بحوث أجريت حديثاً من جانب جمعية القلب الأسترالية. الى وجود علاقة وثيقة بين الوحدة ومرض شرايين القلب التاجية. وفي دراسة تحليلية أجراها باحثون بريطانيون من جامعات يورك وليفربول ونيوكاسل. وشملت أكثر من 180 ألف شخص، كشفت نتائجها أن الوحدة تزيد خطر التعرض لأمراض القلب بنسبة تقارب 30 في المئة.
– قلة النوم،
وتخلق هذه بلبلة على صعيد الأوعية الدموية. وقد وجدت دراسة فنلندية حديثة طاولت أكثر من 2200 شخص تراوحت أعمارهم بين 30 الى 50 سنة، أن عدم حصول الشخص على كفايته من النوم يومياً على مدى أسبوع كامل فقط يمكن أن يلحق أضراراً كبيرة بالشرايين. كما ويجعل القلب أكثر عرضة للمرض،. وأظهرت النتائج أن الذين لا ينالون أقساطاً وافية من النوم تقل لديهم معدلات الكوليسترول الجيد الذي يجري في عروقهم. والمعروف أن هذا النوع من الكوليسترول يحمي من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.
ختاماً، يعتقد بعضهم أنه في منأى عن الإصابة بمرض في القلب، ما يجعله يتقاعس عن اتخاذ التدابير اللازمة في مواجهة عوامل الخطر التي تهدد القلب وأوعيته الدموية، مثل ارتفاع التوتر الشرياني، السكري، الزيادة في الوزن، التدخين وغيرها من عوامل الخطر التي يجب أن تبقى تحت السيطرة لحماية القلب من شرورها.
فعلى كل من يفترض أنه لن يصاب بمرض القلب، أن يعتبر هذه الفرضية مجرد أضغاث أحلام.