هكذا تسقط قذائف الهاون على الناس !

دمشق – تبدأ الحياة في الأيام العادية في كل مدينة سورية بطريقة روتينية، وكذلك في دمشق العاصمة، فالأطفال يستيقظون باكرا، ويرتدون ثيابهم سريعا للذهاب إلى المدرسة، فيما أمهاتهم يركضن ملهوفات تلحق كل واحدة منهن بابنها إلى باب البيت أو درج البناء أو عند ((الأوتوكار))، لتدفع (( سندويشة الصباح في حقيبته)) ..

ورغم أن ((حرب السنوات الأربع)) التي لم تنته بعد، قد غيرت كثيرا من هذه العادات ، فهناك مدارس وبيوت مدمرة ، وشوارع مهشمة، وأطفال أيتام ، وزوجات أرامل، إلا أن الطابع العام للحياة ظل كما هو، وإن كان في القلوب حزن عارم على المدينة وأهلها ..

الأمهات والآباء يسارعون بعد خروج الأبناء إلى ارتداء ملابسهم للذهاب إلى أعمالهم، سواء في وسائل النقل العامة، أو في سيارات خاصة، وكذلك يفعل طلاب الجامعات والمدارس الثانوية، وتبدو دمشق في قمة حيويتها بين الساعة الثامنة ولغاية الساعة العاشرة صباحا، فالازدحام والضجيج يتصاعد شيئا فشيئا إيذانا بنهار جديد حافل بالحيوية والأمل !

فجأة تسقط قذيفة هاون ! ثم قذيفتان ..

ولسقوط قذيفة الهاون صوت مميز : ش.ش.ش.ش.بوم !!

يتوقف الناس، لعدة ثوان قد لاتكفي لمراوحة أي سيارة أو باص أحس بالقذيفة حيث سقطت، ثم يعاودون الحركة ، وأمامهم أكثر من احتمال:

الاحتمال الأول: المسارعة لإنقاذ المصابين الذين يتساقطون على الأرض..

الاحتمال الثاني: النظر إلى القذيفة المغروسة في الأرض كرمح بازدراء ثم السير وكأن شيئا لم يكن ..

أما الاحتمال الثالث، فقد يكون صاحبه مرمي على الأرض مضرجا بدمه ..

لا أحد يعرف أهداف قذائف الهاون، وخلال يومي السبت والأحد الماضيين 12و13 كانون الأول، سقط فوق دمشق أكثر من مائة قذيفة، وجاءت التقارير يوم الأحد تتحدث عن استشهاد 13 شخصا وإصابة ما يزيد عن 50 شخصا إثر سقوط 65 قذيفة على دمشق وأطرافها..

ما أن تسقط قذائف الهاون حتى تترامى أصوات سيارات الإسعاف في الأماكن العامة، ويبدو صوتها كئيبا حادا يفعل فعلا أشد من صوت القذيفة أحيانا . وفي الأيام التي تكون الإصابات فادحة بين الناس والأطفال نسمع صوت سائق سيارة الإسعاف عبر المكبرات: افتحوا الطريق .. ابق ع اليمين .. افتح .. افتح الطريق !

كل أهل دمشق يسألون : من يطلق هذه القذائف؟!

هل يفعل ذلك أبناء الغوطة وداريا ومرج السلطان وجوبر؟ ويردون على الأسئلة بحيرة : لا أبدا .. السوري لا يفعل ذلك، وأغلب أهل الغوطة وداريا وجوبر في مراكز الإٌيواء !!

عندما تزداد القذائف، نسمع ردا قويا عليها ..

الدولة تعمل على إسكات مصادر قذائف الهاون.. هكذا نقول في الشوارع وبين الحارات .. وسريعا تظهر على بعض المحطات العربية تقارير تتحدث عن إصابة مدنيين في الغوطة وداريا ..

معقول ؟!

السوريون يحنون إلى الغوطة في مشاوير الربيع والصيف، ومنهم من يحملون طعامهم وأشياءهم، ويذهبون إلى بساتينها الغناء .. وأهل الغوطة يحنون إلى شوارع دمشق وأقاربهم في أحيائها الجميلة ومائها العذب، فمن يطلق قذائف الهاون على دمشق ؟!

لتكسر يده لأنه لا يمكن أن يكون سوريا !

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى