فن و ثقافة

هكذا تُظلم الثقافة: 700 ألف دولار لتيم حسن ، وألفان للطيب تيزيني !!

هكذا تُظلم الثقافة…الحكومات العربية ورأس المال العربي هم الأكثر ظلما للمثقف العربي، وإذا كانت مشاريع الثقافة واحدة من أسلحة العصر مع الإعلام ووسائل التواصل، فإن الظلم يقع بالضرورة على  هذه الأسلحة. وإذا كانت الثقافة هي العقل، فإن ظلم العقل يعني بالنتيجة السعي إلى تحطيمه أو تشويهه أو ابتذاله!

وأبدأ بالقائمة المنشورة على وسائل التواصل ، وفيها يمكن الشروع في الحديث عن آليات هذا الظلم، والآثار المترتبة عليه في عملية التطور الحضاري والتنوير في بلادنا ، التي تنتزع الآن من جذورها بلا رأفة :

تيم حسن تقاضى عن مسلسل الهيبة          700 ألف دولار

عابد فهد تقاضى عن مسلسل طريق          350 ألف دولار

قصي خولي عن مسلسل خمسة ونص        325 ألف دولار

باسل خياط عن مسلسل تانغو                 250 ألف دولار

باسم ياخور عن مسلسل ببساطة              225 ألف دولار

وتطول القائمة لتشمل قائمة لأجور ضخمة لفنانين سوريين تقدم لهم هذه الأجور على قيامهم بتمثيل أدوار تسند لهم في مسلسلات تفتقد للحد الأدنى من المضمون ، والحد الأقصى من الشكل !

وقبل أن أنتقل إلى الصورة النقيضة، أقول بصدق أنني أتمنى لكل من هؤلاء الفنانين أن تزداد أرصدته بقدر ما يبدع، وهذا شيء آخر، وأظن أن أكثرهم سيوافقونني على الفكرة التالية المتعلقة بمكافأة العقل العربي، فإذا أخذنا الدكتور الطيب تيزيني مثلا ، والكلام عرفته منه، فهو لم يتقاض على مشروعه الثقافي الذي اشتغل عليه عشرات السنين سوى (100 ألف ليرة سورية)، والكلام التالي له : ” لم يعطني أحد أي مردود ، سوى أحد دور النشر المغربية التي أرسلت لي مايعادل هذه المائة ألف) ، وإذا كان كلامه لي قد تم عام 2007، ولنفترض أن سعر الدولار كان وقتها خمسين ليرة، فهو  لم يتقاض سوى ألفي دولار، أما بسعر اليوم ، فهذه نكتة لأن هذا يعني أنه تقاضى نحو أربعين دولاراً على مشروع حياته كلها !

ولأن منشورات الدكتور الطيب تيزيني طبعت عندنا ، فلابأس لنبحث هنا عن مردود الكتاب الثقافي الذي يطبع في دول الخليج، فسلسلة عالم المعرفة تدفع بحدود 1200 دينار كويتي للكتاب ، وهو مبلغ متميز في حسابات الكتاب لأنها تساوي بالدولار بحدود خمسة آلاف دولار أو أقل، وعندما نستعيد قائمة الجوائز العربية للرواية والشعر والدراسات والترجمة، نلاحظ ارتفاع قيمة الجائزة إلى متوسط يساوي خمسين ألف دولار، أي أن أهم نص عربي يمنح هذا المبلغ حتى لو غيّر تاريخ الثقافة العربية، أي أن ماقدمته شخصية جبل في الهيبة تساوي عند المال العربي سبعة من أهم الكتاب الحائزين على الجوائز!

أما في سورية، وهي الدولة العربية الوحيدة التي رفعت تعويض الكتاب رغم حالة الحرب والأزمة الاقتصادية الخانقة إلى ثلاثة أضعاف، بحيث تصل قيمة حقوق المؤلف لكتاب متوسط الحجم إلى نحو 160 دولاراً ، فكيف هو الحال في مردود المثقف اليومي عندنا ؟!

لاحظوا المفارقة : إن أي بحث منشور في مجلتي المعرفة أو الموقف الأدبي مهما كانت قيمته ، فإن مردوده أقل من 10 دولارات في المعرفة ، وأقل من دولارين في الموقف الأدبي !

المقارنة قد تبدو خاطئة بين موارد الخليج وموارد سورية، ولكن الفكرة تكمن في سؤال ينبغي على كل الجهات العربية الإجابة عليه، ويقول:

ــ هل هذه قيمة العقل العربي الذي نحن بأمس الحاجة إليه ؟!

 

ملاحظة : لجأت للحساب بالدولار للتخفيف من عدد الأصفار لأن 700 ألف دولار ستحتاج إلى سطر كامل.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى