تحليلات سياسيةسلايد

هل الهدنة تصب في مصلحة “حماس” أم فرصة ذهبية لإسرائيل؟..

نادر الصفدي

مع دخول “التهدئة الإنسانية” المؤقتة في قطاع غزة، يومها الثاني، وحالة الهدوء “المُخيفة” التي يعيشها سكان القطاع بعد 48 يومًا من القتال العنيف والقصف الدامي المتواصل، الذي لم يرحم بشرًا ولا شجرًا ولا حتى حجرًا، فبدأت الكثير من التساؤلات والشكوك تحول حول هذه التهدئة الغامضة.

 

ولعل أبرز وأهم التساؤلات التي تُطرح في الساحة وتبحث عن إجابات دقيقة وواضحة، وهي “التهدئة المؤقتة جاءت لمصلحة من، “حماس” أم إسرائيل؟، فيما تساؤلات أخرى تُطرح حول ما بعد انتهاء هذه التهدئة، وكيف سيكون شكل المعركة المقبلة؟

إسرائيل ورغم أن اتفاق التهدئة والذي جاء برعاية “قطرية ومصرية وأمريكية” شمل على شرط قوي وضعته المقاومة الفلسطينية، وهو انسحاب كافة أنواع الطائرات الإسرائيلية من سماء القطاع، بما فيها الحربية وكذلك التي تستخدم في التصوير والتجسس والذي وافقت عليه “تل أبيب”، بدأت الآن تبحث عن طرق سرية أخرى في جمع المعلومات الأمنية والاستعداد جيدًا للمعركة الجديدة.

وفي هذا السياق كشفت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، بأن جيش الاحتلال يستغل فترة الهدنة في قطاع غزة من أجل جمع معلومات استخباراتية وتعزيز قواته، وزعمت الصحيفة بأن الجيش يلتزم بما ينص عليه اتفاق الهدنة، ولا يقوم بإرسال طائرات مسيّرة في أجواء غزة من أجل جمع المعلومات، لكنه يستخدم وسائل استخباراتية أخرى.

وأضافت أن الجيش الإسرائيلي سيعمل خلال فترة وقف إطلاق النار على حماية قواته الموجودة في قطاع غزة، بالإضافة إلى تعزيز جهوزيته اللوجستية ودراسة الوضع، كما سيستعد ويضع الخطط لاستمرار الحرب، بالإضافة إلى جمع المعلومات الاستخباراتية، والتصديق على الأوامر للمرحلة المقبلة.

أسرار الحرب

وتابعت الصحيفة العبرية أن الجيش الإسرائيلي يوجد الآن على ما وصفته بخطوط الدفاع، وأنه يواجه تحديات عملياتية، مضيفة أن كل “تهديد” للقوات يُقابل بقوة شديدة، وهكذا سيستمر الأمر.

ويستعد جيش الاحتلال لمواصلة هجومه بعد انتهاء الهدنة التي لا يسمح خلالها لسكان القطاع، بالعودة إلى المناطق الواقعة شمال وادي غزة، زاعمًا أن العملية البرية هي التي دفعت حركة حماس إلى إعادة “المحتجزين”، رغم أنه كثّف القصف الوحشي وتهجير المواطنين بحثاً عن الأسرى والمحتجزين، دون أن تفلح جهوده.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه استغل الساعات الأخيرة حتى بداية وقف إطلاق النار، من أجل استكمال عدد من الهجمات، وأنّه دمّر نفقاً زعم وجوده تحت مستشفى الشفاء، وبهذا أنهى عملياته العسكرية في المجمّع الطبي.

ويشدد جيش الاحتلال الإسرائيلي على أن الحديث يدور عن هدنة وليس عن نهاية الحرب. وقد نقل قواته في الساعات الأخيرة قبل دخول وقت وقف إطلاق النار إلى مناطق قال إنها “آمنة”، تساهم في الحفاظ على القوات في الميدان بطريقة تمكّنها من استئناف القتال بعد انتهاء الهدنة.

وعلى الجانب الاخر، تسعى حركة “حماس” جيدًا لاستغلال أيام التهدئة الـ4، للتحضير لمرحلة جديدة من الحرب التي قد تستمر لأشهر، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وبعد هجوم السابع من أكتوبر، حددت إسرائيل أهداف حربها بأنها الإطاحة بحماس من السلطة، وقتل قيادتها، وتحرير المختطفين الإسرائيليين في غزة، وإنهاء أي تهديد أمني من القطاع.

وقال محللون عسكريون، إن الهدنة التي تستمر أربعة أيام تمنح حماس الوقت للتحضير لمرحلة جديدة من الحرب التي قد تستمر لأشهر، بهدف تقليص زخم الهجوم الإسرائيلي وخلق ضغوط دولية لإنهاء الصراع دون تحقيق أهدافه.

وقال رئيس الأبحاث السابق في قسم المخابرات العسكرية الإسرائيلية، يوسي كوبرفاسر، إن الشيء الأكثر أهمية الآن للحركة هو ضمان بقاء حماس على قيد الحياة، مضيفًا “الحركة تأمل أن تتمكن من إطلاق سراح الرهائن تدريجيا، وتحويل “فكرة هزيمة حماس برمتها إلى شيء لن يحدث أبدا”.

ويعتقد قادة حماس بالفعل أنهم “حققوا نصرا كبيرا بهجمات 7 أكتوبر من خلال توجيه ضربة استخباراتية وعسكرية لإسرائيل ومن خلال الحفاظ على كبار قادتها في مأمن من الرد الإسرائيلي”.

وتتكون قيادة “حماس” من حوالي 15 عضوا، يتمركزون عادة في غزة والدوحة وبيروت، ويتخذون قراراتهم على أساس الإجماع، لكن استراتيجية الحرب التي تنتهجها الحركة أصبحت الآن محصورة بشكل وثيق داخل غزة وربما تكون غير معروفة حتى بالنسبة لقيادة حماس السياسية في المنفى، الأمر الذي يجعل من الصعب التنبؤ بتحركاتها التالية، حسبما تشير الصحيفة.

ماذا يدور في عقل السنوار؟

وتعتقد إسرائيل أن زعيم حركة “حماس” في غزة، يحيى السنوار، هو الذي يدير العمليات، بمشاركة القائد العسكري محمد ضيف، وعدد قليل من كبار القادة الآخرين.

ويعتبر السنوار الشخصية الأبرز التي حملتها إسرائيل مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر، ووصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنه “رجل ميت يمشي”، قاصدا الهدف المتعلق بقتله.

ويعمل السنوار على تحقيق أحد أهدافه الرئيسية من شن هجمات 7 أكتوبر، وهو تأمين إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.

وتوصلت قطر إلى جانب مصر والولايات المتحدة إلى اتفاق الهدنة لأربعة أيام قابلة للتمديد والتي تنص على تبادل 50 رهينة محتجزين في غزة بـ150 معتقلا فلسطينيا لدى إسرائيل.

والجمعة، أطلقت حماس، سراح 24 شخصا، من بينهم 13 امرأة وطفلا إسرائيليا، و10 أشخاص من تايلاند وفلبيني واحد، في حين أفرجت إسرائيل عن 39 من الفلسطينيين من سجونها.

وبموجب الاتفاق، وافقت إسرائيل على إضافة يوم إضافي لوقف إطلاق النار مقابل كل دفعة إضافية مكونة من 10 رهائن من النساء أو الأطفال يتم إطلاق سراحهم بالإضافة إلى الخمسين الأصليين المتفق عليهم، حسبما تشير “وول ستريت جورنال”.

لكن مسؤولين إسرائيليين يقولون إن حماس وآخرين في غزة يحتجزون ما يصل إلى 100 امرأة وطفل كرهائن.

وهذا يعني أن حماس يمكنها تمديد وقف إطلاق النار لمدة تصل إلى تسعة أيام وفقا للاتفاق الحالي.

ويرى محللون أن “السنوار سوف يسعى إلى استغلال فترة التوقف واحتمال إطلاق سراح الرهائن في المستقبل لإطالة أمد وقف إطلاق النار إلى ما بعد الأيام الأربعة، وإطلاق سراح فلسطينيين مسجونين بتهم أكثر خطورة من أولئك الذين تم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى”.

وهنا يقول المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، إن السنوار قد يقول إنه “لم يعثر على كافة المختطفين”، لأنهم موجودين لدى فصائل فلسطينية مختلفة، بهدف “إعادة تنظيم صفوف حماس”، مؤكدًا ” السنوار يريد وقف طيران الطائرات المسيرة في سماء غزة والتي تجلب الكثير من “المعلومات الاستخباراتية” للجيش الإسرائيلي، بهدف استغلال ذلك لاحقا”.

وفي سياق متصل، قال المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، إن حماس سوف تستغل الهدنة المرتقبة للاستعداد لمواجهة الهجوم الإسرائيلي والتصدي له، وللعمل على “تصوير حجم الدمار الذي لحق بالقطاع”، والترويج لذلك إعلاميا في مواجهة الزخم الدولي الذي يؤكد “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.

في حين أن الهدنة ستمنح “حماس” الفرصة لإعادة تجميع صفوفها، فمن المتوقع أن تشن إسرائيل هجوما كبيرا على مدينة السنوار، خان يونس، على أمل عزل الشمال والجنوب وإجبار الحركة إما على الخروج من الأنفاق للقتال أو الاستسلام، وفق تقديرات إسرائيلية.

وأكد الجنرال الإسرائيلي السابق ومستشار الأمن القومي، جيورا إيلاند، أن القتال في الجنوب سيكون أكثر صعوبة من الشمال بسبب وجود النازحين الفلسطينيين، الأمر الذي قد يعمق الأزمة الإنسانية ويزيد الضغط الدولي على إسرائيل لوقف الحرب.

وأمام هذه الرؤية الموضوعية للوضع القائم.. كيف ستكون شكل المعركة المقبلة؟ وهل تملك “حماس” أوراق مفاجئة؟ وماذا يدور برأس السنوار؟

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى