تحليلات سياسيةسلايد

هل باتَ اجتياح إسرائيل للبنان بريًّا قريبًا وماذا عن فشل الجهوزيّة بغزة؟ …

خالد الجيوسي

يعود التساؤل العريض إلى الواجهة، هل تتفجّر حرب شاملة، بين إسرائيل، وحزب الله؟ وهو تساؤل يعود مع عودة تهديدات إسرائيلية بشن حرب برية على لبنان، حيث الهدف الأهم بالنسبة لحكومة نتنياهو هو إعادة المستوطنين النازحين من المستوطنات الذين يفوق عددهم 130 ألفًا، وذلك نزوح بفعل صواريخ حزب الله.

 

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعطى بالفعل أوامر للجيش الإسرائيلي للاستعداد لتغيير الوضع في الشمال، وقال يوآف غالانت وزير الحرب إن الجيش بدأ نقل ثقله نحو الشمال.

عامل فرملة جبهة الحرب ضد لبنان، كان مرهونًا بالرهان على الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وتبادل الأسرى، وهذا ما لم يحصل، ما دفع بجبهة إسناد غزة جبهة الجنوب اللبناني إلى الاستمرار، ما يعني عدم عودة سكّان الشمال، الأمر الذي يدفع إسرائيل إلى التصعيد.

الاثنين، وفق موقع “أكسيوس” الأمريكي يصل آموس هوكشتاين كبير مُستشاري الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل، وذلك لمُناقشة التوترات مع لبنان، ما قد يُشير إلى تصاعد المخاوف والأمريكية منها من اتجاه إسرائيل الحتمي نحو احتمالات نشوب حربٍ واسعة.

وأشار المتحدّث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، إلى أن رحلة هوكستين المُقبلة هي جزء من الجهود المستمرة التي تبذلها إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لمنع فتح جبهة ثانية في لبنان.

شكل الحرب على لبنان، يحمل تهديدات باتجاه الاجتياح البري، وتوالت هذا الأسبوع تهديدات قيادات إسرائيلية باحتمال شن حرب على لبنان، ولوحظ تصعيد في حدّة الوعيد بالاجتياح البري، وفي زيارةٍ له لقيادة المنطقة الشمالية، تحدّث وزير الأمن الإسرائيلي الجنرال احتياط يوآف غالانت، بشكل صريح عن الحرب قائلًا: “لقد أنهينا تدريب كل التشكيلات العسكرية نحو عملية برية في لبنان”، كما تبعه رئيس الأركان الجنرال هرتسي هليفي بالقول إن الجيش بجهوزية عالية والخطط العملياتية مُعدّة ومستعد لتنفيذ أي مهمة تُطلب منه.

حزب الله رفع من جهته حدّة القصف الصاروخي، فقد ارتفع عدد الصواريخ التي يُطلقها من 337 صاروخًا في شهر يناير مطلع العام إلى 1307 صواريخ في أغسطس الماضي، ولا يتبنّى الحزب الحرب الشاملة، ولا يُريدها، ولكنه لا يتنازل عن جبهة الإسناذ لغزة، حيث قال نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، في خطاب تأبيني ببيروت، السبت، “ليست لدينا خطة للمبادرة في حرب لأنَّنا لا نجدها ذات جدوى، ولكن إذا شنَّت إسرائيل الحرب فسنُواجهها بالحرب وستكون الخسائر ضخمة بالنسبة إلينا وإليهم أيضاً”. وأضاف “إذا كانوا يعتقدون بأنَّ هذه الحرب تعيد الـ100,000 نازح” إلى شمال إسرائيل، “فمن الآن نبشركم أعدوا العدّة لاستقبال مئات الآلاف الإضافية من النازحين”.

وفيما يُلوّح نتنياهو بالتصعيد ضد حزب الله بحربٍ واسعة، لا يزال وضع جيشه في غزة كمن غاص بالوحل، فلم يُسيطر على القطاع، ولم يُدمّر الأنفاق، ولم يُعيد الأسرى، فكيف هو حاله حال خوض حرب مع حزب الله، وماذا عن جاهزيّة الجيش الإسرائيلي الذي يتحضّر كما يقول لاجتياح برّي للبنان، وهو يسقط بكمين تلو الآخر، على يد المُقاومة الفلسطينية في غزة.

القناة 13 الإسرائيلية نقلت عن مسؤولين أمنيين قالوا لنتنياهو إن “توسيع الحرب في الشمال سيتطلّب في المُقابل تقليص الوجود العسكري في غزة، وأي تحرّك لتغيير الواقع الحالي على الأرض في الشمال قد يؤدي إلى حرب واسعة النطاق”.

التوقيت في توسيع معركة إسرائيل في الشمال مع حزب الله غير واضح، فبحسب القناة 13 الإسرائيلية نقلًا عن أحد مُساعدي نتنياهو فإن تلك الخطوة قد تستغرق أسابيع أو بضعة أشهر، هذه الأشهر قد تكون المدة الزمنية الفاصلة بين انتهاء المدة الرئاسية للرئيس الأمريكي جو بايدن، وبداية ولاية الرئيس دونالد ترامب حال فوزه، حيث يُعوّل نتنياهو على فوز ترامب، ودعمه في حربه الواسعة ضد لبنان.

لا بد من الإشارة أيضًا، إلى أن إسرائيل توعّدت عدّة مرّات بشن هجوم برّي واسع على لبنان في حال لم يتوقّف حزب الله عن إطلاق الصواريخ والمُسيّرات على إسرائيل، ولم تنسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني، وهو ما لم يحدث، ولم تنفذ إسرائيل تهديداتها هذه حتى الآن.

وفيما نظر البعض إلى سحب البنتاغون حاملة الطائرات روزفلت من شرقي المتوسط كمؤشر على انخفاض التوتر، لكنه أبقى الحاملة الأخرى أبراهام لينكولن والقطع الحربية المُرافقة لها ما يعني أن مخاوف الحرب الشاملة لا تزال قائمة.

وتُوحي واشنطن برفضها لعملية عسكرية ضد لبنان، ولكنها لا تُخفي دعمها المفتوح لإسرائيل، وتظل قلقة من احتمال انضمام إيران في حرب تشنها إسرائيل ضد حزب الله، حيث حاول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال مهمتين في بيروت إقناع حزب الله بوقف إطلاق النار في الجنوب كي يبدأ البحث في حل دبلوماسي للنزاع، لكن الحزب رفض وربط قراره بوقف إطلاق النار في غزة.

ومع تصاعد مخاوف الحرب الشاملة، ألقى الجيش الإسرائيلي بالتزامن الأحد مناشير فوق منطقة الوزاني في جنوب لبنان، طالبا إخلاء المنطقة من السكان والنازحين السوريين، وجاء في نصّ المنشور الإسرائيلي: “إلى جميع السكان والنازحين في منطقة مخيمات اللجوء، يطلق حزب الله النيران من منطقتكم.. عليكم ترك منازلكم فورا والتوجه شمال منطقة الخيام حتى الساعة الـ4 مساء وعدم الرجوع إلى هذه المنطقة حتى نهاية الحرب”، وأضاف: “من تواجد في هذه المنطقة بعد هذه الساعة، سيعتبر عنصرا إرهابيا وستستباح دماؤه.. الجيش الإسرائيلي سيعمل بقوّة للتأكّد من إخلاء المنطقة من السكّان”.

هذه المناشير أظهرت ضعفًا وعدم تنسيق داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحتى عدم رغبة بالتصعيد، حيث أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن إلقاء منشورات لإخلاء قرية في جنوب لبنان كان مبادرة خاصّة للواء الإقليمي 769، ولم تُوافق عليها قيادة الجيش العُليا، وأضافت أن الجيش فتح تحقيقا في واقعة إلقاء المنشورات، كما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية (كان) أن “المنشورات غير العادية التي ألقيت على جنوب لبنان هي مبادرة فردية من قائد لواء في الجيش الإسرائيلي، ولم تتم الموافقة عليها من قبل الجيش ولا المستوى السياسي”.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى