هل تتحوّل المنطقة إلى جنوب لبنان الثانيّة؟

 

نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ رفيعة في تل أبيب، قال طل لف رام، مُراسِل الشؤون العسكريّة في صحيفة (معاريف) العبريّة إنّه بعد شهر ونصف على اغتيال قائد قوة (القدس)، الجنرال قاسم سليماني، عادت الجبهة الشماليّة إلى روتينها المعروف، مُشيرًا إلى أنّه في المؤسسة الأمنية لا يلاحظ المسؤولون تغييرًا كبيرًا على الأرض، ولم تشخّص أجهزة الإستخبارات تغييرات في الانتشار أوْ في نوايا تعزيز النشاط العسكريّ ضدّ إسرائيل في هضبة الجولان.

وشدّدّ على أنّ المعنيين في المؤسسة الأمنية أكّدوا أنّه ردًا على الهجمات التي طالت سوريّة والمنسوبة لإسرائيل ستجري محاولات للردّ، ولاسيّما عبر إطلاق الصواريخ، لكن في الجيش هناك مَن هو قلق كثيرًا من استمرار محاولات حزب الله تعزيز نفوذه وقدراته على طول الحدود عند هضبة الجولان، مُضيفًا أنّ الجيش السوريّ عاد تدريجيًا إلى المنطقة الحدودية تزامنًا مع نشر ألوية المدفعية، سلاح المشاة والمدرعات، وأنّ عودة الجيش السوريّ إلى القطاع، خاصّةً في مناطق كانت تحت سيطرة داعش وتنظيمات متطرفة أخرى، كان من المفترض أنْ يبشِّر باستقرارٍ أمنيٍّ لحدود هضبة الجولان، وأنّ ذلك مصلحة واضحة لإسرائيل، ومن الممكن أنْ تتحقق في السنوات المُقبلة.

وأوضح أنّ الشعور وسط قادة الجيش الإسرائيليّ الذين يخدمون في القطاع هو أنّ حزب الله آخذ في تعميق نفوذه في المنطقة، انطلاقًا من العمل تحت رعاية الجيش السوريّ، وفي العام الأخير، لم تحصل في المنطقة أحداث دراماتيكية، وأنّ صورة الاستخبارات بدأت تُجمع قطعة تلو أخرى، التحركات قليلة، ومن وجهة نظر القادة في القطاع تدل المؤشرات على أنّ حزب الله يُعمّق وجوده في المنطقة، مؤكِّدًا أنّ التقدير في قيادة الجبهة الشماليّة هو أنّ حزب الله، من خلال وسائل مراقبة واستخبارات الجيش السوريّ، يجمع معلومات استخباراتية عن إسرائيل وعن نشاط الجيش في المنطقة.

ويخشى المسؤولون في الجيش الإسرائيليّ من أنْ يسعى حزب الله إلى تحويل حدود هضبة الجولان إلى حدود مواجهة، كتلك التي أحيانًا ما تجري فيها عمليات دون أن يكون لإسرائيل عنوانًا واضحًا للردّ، وبالتالي ينفّذ الجيش العديد من النشاطات، بدءًا من نصب كمائن وصولاً إلى إدخال دبابات وقوات سلاح المشاة إلى الجيوب بغية إظهار الجهوزية، اعتقال المشتبه بهم والتحقيق معهم.

ولفت إلى أنّه في السنوات الأخيرة، حوفظ على استقرارٍ أمنيٍّ نسبيٍّ عند الحدود اللبنانيّة، مع عدد من الأحداث الاستثنائية التي جرت منذ حرب لبنان الثانية، وفي السنوات 2000-2006 منذ الانسحاب من لبنان وحتى الحرب، نفّذ حزب الله عدة عمليات على طول الحدود، لكن اليوم يبدو أنّ التنظيم يكبح عناصره بغية عدم الانجرار مجددًا إلى حرب.

ووفقًا للمصادر الأمنيّة بالكيان فإنّ مواقف الجيش الإسرائيليّ إزاء وجود حزب الله في سوريّة ليست موحدة، وهناك مَنْ يعتقد أنّه يشكّل خطرًا أكثر من إستقواء الميليشيات الموالية لإيران في سوريّة وهناك مَنْ يزعم أنّه محدود نسبيًا، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّ المعضلة الرئيسيّة المطروحة هذه الأيام على طاولة النقاشات هي إذا ما كان على الجيش الإسرائيليّ تشغيل القوة لكبح تمركز حزب الله في سوريّة، وأنّ الخشية هي من أنْ تُفضي خطوة كهذه إلى تصعيدٍ أمنيٍّ عند الحدود مع لبنان وتوترٍ دبلوماسيٍّ مع الروس.

مؤخرا، تابعت المصادر، شدّد وزير الأمن نفتالي بينت على أهمية تفعيل مزيد من الضغط على إيران وذلك بهدف إبعادها عن سوريّة، ويعتقد المسؤولون في الجيش الإسرائيليّ بأنّه ينبغي مواصلة الرد عندما تُطلق النيران على إسرائيل، لكن ينبغي تعزيز مطالبة الجيش السوري بألّا يسمح بإجراء عمليات ضد الكيان، ولا يهمّ مَنْ يبادر إليها، وإلاَّ ستضطر إلى الرد.

من ناحيته شدّدّ قائد سلاح الجوّ المُنتهية ولايته، الجنرال تسفيكا حايموفيتش، في سياق حديثٍ مع صحيفة (معاريف) على أنّه يرى صعوبةً كبيرةً في رؤية الإيرانيين يتنازلون عن وجودهم في سوريّة وتركها، لكنّه استدرك قائلاً في رسالةٍ حادّةٍ كالموس إنّ هذا هو الهدف الإسرائيليّ رقم واحد في الجبهة الشماليّة، أيْ إبعاد الإيرانيين ومنع نقل قوّاتهم إلى الجزء المُحرّر من الجولان، أيْ إلى الـ”حدود” مع كيان الاحتلال.

وعندما سُئل عن تهديد حزب الله وتمدّدّه في الساحتين السوريّة واللبنانيّة، شدّدّ حايموفيتش على أنّ الجبهة الشماليّة باتت مختلفةً بشكلٍ تامٍّ، مُقارنةً عمّا كانت عليه في الماضي، لافتًا إلى أنّها أصبحت تشمل ربط سوريّة ولبنان بجبهةٍ واحدةٍ من دون حدود، مؤكّدًا على أنّ حزب الله نفسه موجود في سوريّة وفي لبنان، ومن الصعب معرفة مركز ثقله الرئيسيّ في الساحتين، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى