هل تحطم هواوي القيود الأميركية وتعود لنادي كبار صناع الهواتف
أماطت عملاقة الهواتف الصينية هواوي أواخر أغسطس/آب اللثام عن نسختها الحديثة من الهواتف الذكية “ميت 60 برو “، في اختراق تكنولوجي كبيرا يطرح تساءلات عن امكانية عودة الشركة الى نادي كبار مصنعي الهواتف، إذ يتضمن معالجاً فائق التطور يدعم الجيل الخامس من شبكة الإنترنت، ما أثار ضجة في الغرب وصلت الى حد فتح تحقيق أميركي وسط حرب تقنية مستعرة بين بيكين وواشنطن.
والتقنية المضمنة في سلسلة الاجهزة الجديدة تشير إلى أن الشركة التي تقهقرت من ثاني اكبر صاحبة مبيعات هواتف الى المرتبة الثامنة، تمكنت من التغلب على العقوبات الأميركية ما قد يمكنها أن تعود كمنافس لشركة آبل.
وأعلنت شركة هواوي الصينية، في بيان لها الجمعة، أنها شرعت في عملية البيع المسبق لهواتف “ميت 60 برو +”، النسخة الأكبر لـ”ميت 60 برو “. وتتميز هذه النسخة، وفق ما كشفته الشركة، بقدرتها على ربط ما يصل إلى قمرين صناعيين في وقت واحد، بالإضافة إلى مساحة تخزين داخلية أكبر مقارنة بهاتف “ميت 60 برو”.في وقت سابق هذا الأسبوع، أشارت اختبارات السرعة التي شاركها المشترون على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية إلى أن هاتف “ميت 60 برو” قادر على سرعات تنزيل تتجاوز تلك الموجودة في هواتف الجيل الخامس من الإنترنت.
ويكمن سبب سرعة الهاتف الصيني الحديث في توافره على المعالج المتفوق “كيرين 9000 إس”، الذي يعمل بتقنية “7 نانومتر” الأحدث في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية. وكان هذا المعالج ثمرة شراكة بين عملاقي الصناعة الدقيقة الصينية؛ شركة هواوي وشركة “سي إم آي سي” أكبر شركة لتصنيع الرقائق في الصين.
وحسب شركة الأبحاث التكنولوجية “TechInsights”، فإن المعالج المستخدم في “ميت 60 برو” هو أول معالج يستخدم تقنية “7 نانومتر” الأكثر تقدماً من “سي إم آي سي”، ما يشير إلى أن الحكومة الصينية تحرز تقدماً في محاولاتها لبناء نظام بيئي محلي للرقائق.
وقال دان هاتشيسون، نائب رئيس شركة “TechInsights”: “إنه بيان مهم للغاية إلى الصين، أن التقدم التكنولوجي لشركة “سي إم آي سي” الصينية يسير في مسار متسارع، ويبدو أنه قد عالج المشكلات التي تؤثر في الإنتاجية في تقنية 7 نانومتر”.
وتناولت وكالة رويترز في تقرير جديد بعض الأشياء الأساسية التي يجب معرفتها بشأن هواتف هواوي الجديدة ومورديها وما يمكن أن تعنيه لأكبر سوق للهواتف الذكية في العالم:
قد أعلنت هواوي بصورة أساسية عن قدرة الهواتف الذكية على دعم الاتصالات عبر الأقمار الصناعية التي تسمح للمستخدمين بإجراء مكالمات، أو إرسال رسائل حتى في المناطق التي لا توجد فيها إشارات للهاتف المحمول أو الإنترنت، مثل: الجبال، أو البحر.
جهاز يدعم الاتصالات عبر الأقمار الصناعية
لم تكشف عن تفاصيل الشرائح المستخدمة، لكن شركة التحليل (تك إنسايتس) TechInsights وجدت أن الهاتف مدعوم بشريحة (كيرين 9000إس) Kirin 9000s الجديدة التي صنعتها في الصين (الشركة الدولية لصناعة أشباه الموصلات) SMIC الصينية.
ويأتي إطلاق هواوي أيضًا قبل أيام من الموعد المتوقع لإطلاق شركة آبل هواتف سلسلة (آيفون 15) الجديدة في 12 أيلول/ سبتمبر.
تحقيق اميركي
بدأت السلطات الأميركية تحقيقا رسميا حول وجود رقائق إلكترونية متطورة مصنوعة في الصين في أحدث هاتف ذكي طرحته شركة الإلكترونيات الصينية هواوي تكنولوجيز، في الوقت الذي يتصاعد فيه الصراع بين الصين والولايات المتحدة حول التفوق التكنولوجي.
وقالت وزرة التجارة الأميركية التي فرضت بالفعل عقوبات عديدة على شركة هواوي وعدد من شركات صناعة الرقائق الصينية خلال العامين الماضيين، إنها تجري تحقيقا للحصول على مزيد من المعلومات بشأن اكتشاف رقائق متطورة مقاس 7 نانومتر في الهاتف هواوي ميت 60 برو. وهذه الشرائح من إنتاج شركة سيميكونداكتور مانيفاكتشورنج إنترناشونال كورب والخاضعة أيضا إلى جانب هواوي لعقوبات أمريكية تحظر عليها الحصول على التكنولوجيا الأميركية المتطورة.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن اكتشاف هذه الرقائق في الهاتف الصيني أشعل جدلا في واشنطن حول جدوى العقوبات الأميركية التي تستهدف احتواء منافس جيوسياسي للولايات المتحدة بالتزامن مع تحركات في الصين لتوسيع نطاق حظر استخدام هواتف آيفون الأميركية ليشمل المؤسسات الحكومية والشركات التابعة للدولة.
وتحاول الولايات المتحدة منذ سنوات خنق قطاع التكنولوجيا في الصين بسبب المخاوف الأميركية من استغلاله في التفوق العسكري. في المقابل فإن الصين لديها مخاوف من استخدام التكنولوجيا الأجنبية في الصناعات الحساسة وسعت إلى تقليل اعتمادها على الشركات الأميركية للحصول على الأجهزة والبرمجيات المتطورة.
وفي الشهر الماضي قال اتحاد صناعة أشباه الموصلات الموجود مقره في واشنطن إن شركة الإلكترونيات الصينية العملاقة هواوي تكنولوجيز تبني مجموعة سرية منشآت صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات في أنحاء الصين كشبكة ظل تتيح للشركة تجنب العقوبات الأميركية المفروضة عليها ومواصلة تحقيق الطموحات التكنولوجية للصين.
واتجهت هواوي المدرجة على القائمة السوداء لشركات التكنولوجيا الصينية لدى الولايات المتحدة اتجهت في العام الماضي إلى صناعة الرقائق وحصلت على تمويل يقدر بنحو 30 مليار دولار من الحكومة الصينية وحكومة مدينة شينشن الصينية الموجود فيها مقرها، بحسب اتحاد صناعة أشباه الموصلات، مضيفا أن الشركة تمتلك مصنعين لأشباه الموصلات على الأقل حليا وتبني 3 أخرى على الأقل.
من ناحيته، قال مكتب الصناعة والأمن التابع للوزارة التجارة الأميركية ردا على سؤال لوكالة بلومبرج عن تقرير اتحاد صناعة أشباع الموصلات إنه يراقب الموقف ومستعد للتحرك إذا لزم الأمر. وأدرج المكتب بالفعل عشرات الشركات الصينية غير هواوي منها شركتان يقول الاتحاد إنهما جزء من شبكة هواوي وهما فوجيان جينهوا إنتجريتيد سيركيوت وبينج شينوي آي.سي مانيفاكتشورنج (بي.إكس.دبليو).
وقال مكتب الصناعة والأمن إنه “في ضوء القيود الصارمة (الأميركية) المفروضة على هواوي وفوجيان جينهو وبي.إكس.دبليو وغيرها، فليس مفاجأة أن تسعى هذه الشركات للحصول على دعم كبير من الحكومة في محاولة من جانبها لتطوير تكنولوجيات أصلية تستغنى بها عن التكنولوجيا الغربية التي تواجه صعوبات في الحصول عليها نتيجة القيود التي تفرضها الدول الغربية على تصدير التكنولوجيا إلى الصين.
انخفضت أسهم شركة آبل بنسبة 2.9%، الخميس، بعد تقارير تفيد بأن الصين تخطط لتوسيع الحظر على استخدام أجهزة أيفون، ليشمل الوكالات والشركات المدعومة من الحكومة.
حظر صيني
ويشعر المستثمرون بالقلق إزاء قدرة الشركة العامة، الأكثر قيمة في العالم، على القيام بأعمال تجارية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وسجلت شركة Apple (AAPL) أكبر انخفاض يومي لها منذ أكثر من شهر، الأربعاء. وخسرت الشركة حوالي 200 مليار دولار في يومين، ويعد سهمها حاليا هو الأسوأ أداءً في مؤشر “داو جونز” الصناعي.
ويمكن أن يكون الحظر علامة مشؤومة لشركة آبل.
والصين هي أكبر سوق خارجي لمنتجات الشركة، ومثلت المبيعات الصينية نحو خمس إجمالي إيرادات الشركة العام الماضي. ولا تكشف شركة آبل عن مبيعات أيفون حسب البلد، لكن المحللين في شركة الأبحاث TechInsights يقدرون أن مبيعات أيفون في الصين كانت أكبر من مبيعاتها في الولايات المتحدة في الربع الأخير.
وتنتج شركة آبل أيضًا غالبية أجهزة أيفون الخاصة بها في المصانع الصينية.
وكتب براندون نيسبل، المحلل في KeyBanc Capital، الأربعاء، أن شركة آبل ومقرها كوبرتينو بولاية كاليفورنيا، تلعب أيضا دورا مهمًا في اقتصاد بكين. وبسبب ذلك، فإن الشركة “ينظر إليها تاريخيا على أنها آمنة نسبيا من القيود الحكومية في الصين”. وكتب أن هذا الحظر المذكور يطرح سؤالا مهما: “هل تغير الحكومة موقفها؟”.
وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الأربعاء، أن الصين حظرت استخدام أجهزة أيفون لمسؤولي الحكومة المركزية، وأن المديرين كانوا يخطرون الموظفين بالحظر عبر مجموعات الدردشة أو الاجتماعات.
ويوم الخميس، ذكرت وكالة “بلومبرغ”، أن هذا الحظر امتد ليشمل الشركات المدعومة من الدولة، بما في ذلك شركة الطاقة العملاقة بتروتشاينا، التي توظف ملايين العمال وتسيطر على مساحات شاسعة من الاقتصاد الصيني.
وكتب المحللون في بنك أوف أميركا في مذكرة، الخميس، أن حظر أيفون المحتمل يأتي في أعقاب هاتف ذكي جديد متطور أصدرته شركة هواوي الصينية المصنعة. وقال محللون إن التوقيت “مثير للاهتمام”.
وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا بسبب تلك الأخبار، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنحو 0.9%، الخميس، وانخفض قطاع أشباه الموصلات بأكثر من 2%.