هل تسير إسرائيل نحو “جمهوريّة الموز” والتحوّل لدولةٍ شموليّةٍ؟ وهل تهديد نتنياهو بإخراج المُواطنين للتظاهر معه وضدّ “الدولة العميقة” هو بداية “الحرب الأهليّة”؟

 

من يومٍ إلى آخر يزداد القلق والتوجّس لدى فئاتٍ كثيرةٍ من المجتمع الصهيونيّ في كيان الاحتلال الإسرائيليّ من قيام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحويل إسرائيل إلى ديكتاتوريّةٍ أوْ أكثر من ذلك، “جمهوريّة موز” بهدف التخلّص من المحاكمة التي تنتظره، والتي تضمن له عدّة سنواتٍ داخل السجن، علمًا بأنّه متهّم بقضايا جنائيّةٍ خطيرةٍ منها تلقّي الرشاوى، وخيانة الأمانة والاحتيال، ويُشدّدّ العديد من الخبراء والمُعلِّقين والمُحلِّلين ورجال الساسة والاقتصاد على أنّ الهمّ الأوّل والأخير لنتنياهو يكمن في حصوله على أكثريّةٍ برلمانيّةٍ، يقوم من خلالها بسنّ قوانين تمنع المحكمة من مقاضاته، لافتين إلى أنّ عدم استطاعته تحقيق هذا الهدف هو السبب الرئيسيّ لعدم تشكيل حكومةٍ في الكيان منذ سنةٍ ونصف السنة، وإجراء ثلاث معارك انتخابيّةٍ لم يتّم الحسم فيها، وبالتالي لا يستبعِدون جرّ إسرائيل إلى جولةٍ رابعةٍ.

في السياق عينه، تُقدِّم إسرائيل نفسها أمام العالم بوصفها دولةٍ مًتقدّمةٍ في المجال العلميّ والطبيّ خصوصًا، ووصل الأمر قبل أسابيع إلى الحديث عن علاج وشيك لفيروس الـ”كورونا” المستجد، غير أنّ الصورة انقلبت مؤخرًا رأسًا على عقب، حيث تدهورت الأوضاع كثيرًا ووصلت الإصابات إلى الآلاف، في الأزمة التي كشفت أيضًا تغول السلطات الأمنيّة في إدارة شؤون البلاد، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء نتنياهو، إلى القول في جلساتٍ مُغلقةٍ إنّ إسرائيل ليست ديمقراطيّة، بل تحكمها الدولة العميقة من مؤسسات التحقيق والنيابة (DEEP STATE)، أيْ الدولة العميقة، كما كشفت صحيفة (هآرتس) العبريّة.

وظهرت بنية الدولة الأمنيّة في الأزمة، حيث كُشِفَت أسماء أجهزة الاستخبارات التي عادة ما تعمل في الظلّ، وقالت صحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ جهاز الاستخبارات الخارجية “الموساد” حصل على 10 ملايين قناعٍ طبيٍّ قبل أيامٍ، وأضافت أنّه إلى جانب الأقنعة، حصل الـ”موساد” على عشرات أجهزة التنفّس الاصطناعيّ، وآلاف وحدات الاختبار الخاصة بفحوص الـ”كورونا”.

وكانت تقارير إعلاميّة سابقة تحدث عن جلب الجهاز الاستخباري معدّاتٍ من دولٍ لا تقيم علاقاتٍ دبلوماسيّةٍ مع إسرائيل، وأصدر نتنياهو بيانًا أكّد فيه ضمنيًا ما جرى، مشيرًا إلى أنّ إسرائيل تُسخِّر كل أجهزتها، بما في ذلك الموساد، لمواجهة الفيروس، بحسب صحيفة “غارديان” البريطانية.

إلى ذلك، ومع بقاء حزبه خارج أيّ تحالف حكوميّ جديد، هاجم أفيغدور ليبرمان بشدّة بنيامين نتنياهو، وقال إنّه لم يتمكّن من الاحتفاظ بصديق واحد منذ عودته من نيويورك عام 1988، وجاءت أقوال ليبرمان في مقابلة مع صحيفة (معاريف) العبريّة، ووصف نتنياهو أيضُا بأنه “مسيحٌ زائف” وأنه “آلة أكاذيب”، وزعم أنّ “ليس لديه- نتنياهو- أي ولاءٍ حقيقي لأيدلوجية اليمين”. وعندما سُئل عن إمكانية قيام نتنياهو بضمّ غور الأردن، أوْ ربّما أجزاء من الضفة الغربيّة بموجب ما يسمى “صفقة القرن”، قال إنّ الهدف الوحيد لنتنياهو هو الوصول إلى المطلوب، 63 -64 صوتًا يحتاجها في الكنيست لتمرير أيّ تشريعٍ يحتاجه لتجنب محاكمته.

وسُئل ليبرمان عن إمكانية قيام غانتس في نهاية المطاف بالحلول محل نتنياهو في غضون عام ونصف كجزء من اتفاقية التناوب، ليردّ ساخرًا ويقول للصحافي إنّ لديك فرصة أفضل لاستبدال نتنياهو من غانتس، وحذر ليبرمان من أنّ نتنياهو سيجعل حياة غانتس “جحيمًا حيًا” حتى “يستقيل من تلقاء نفسه”، مضيفا أنّ نتنياهو “سيبحث عن عذرٍ أيديولوجيٍّ ويفكك الصفقة”.

كما ألقى ليبرمان باللوم على نتنياهو في تحويل حزب الليكود إلى مجموعة تسيطر عليها الأيديولوجية الدينية وثقافة الاتفاق التام مع الزعيم ، بحجة أنه- ليبرمان- وحزبه يمثلان شكلاً علمانيًا من الإيديولوجية اليمينية، صحيحًا في مساره. وكان ليبرمان، قد هاجم نتنياهو، متهمًا إياه بالوقوف وراء ما أسماه “موجة التشهير والتزوير الأخيرة، التي أتعرض لها شخصيًا، وعائلتي والدائرة المحيطة بي”.

وكانت صحيفة (هآرتس) العبريّة، قد نقلت عن مصادر واسعة الاطلاع إنّه قبل الانتخابات، عندما طُلِبَ من نتنياهو أنْ يشرح لبعض الوزراء سبب عمل ليبرمان للإطاحة به، وجّه نتنياهو إصبع اللوم مرّةً أخرى على تلك الـ”قوات السريّة” من الـ”دولة العميقة”، مُوضِحًا أنّه تمّ ابتزازه، مُشددًا أنّ نظام إنفاذ القانون يملك معلومات تستدعي إجراء تحقيقٍ جنائيٍّ ضدّ ليبرمان، لكنّه يمتنِع عن استخدامه طالما أنّه يلتزم بالمهمة: اغتيال نتنياهو سياسيًا.

في الأسبوع الماضي أصدر ناطِق بلسان وزارة الصحّة الإسرائيليّة بيانًا قال فيه إنّ إسرائيل هي دولة تملك جيشًا، وليس جيشًا تملك دولةً، وهذا التصريح أظهر عمق الأزمة التي يعيشها الكيان، وتؤكِّد بشكلٍ أوْ بآخرٍ أنّ نتنياهو لن يتورّع عن تحويلها إلى “جمهورية موز”، وتهديده بأنّ الجماهير ستقوم بإغلاق الشوارع احتجاجًا على المعاملة السيئّة التي يتعرّض لها من النيابة ومن المُدّعي العّام، وهذا التهديد، كما يبدو، ربمّا هو بداية الحرب الأهلية في الدولة العبريّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى