تحليلات سياسيةسلايد

هل تُشعل أحداث القدس والضفة جبهة غزة في وجه إسرائيل؟

تشهد مدن الضفة الغربية المحتلة والقدس حالة من التوتر المشحونة، أسفرت حتى اللحظة عن ارتقاء شهيد فلسطيني وعدد من الإصابات خلال مواجهات عنيفة اندلعت مع قوات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحاول بكل قوة فرض سياسة القمع والعنصرية على الفلسطينيين.

الأحداث المُشتعلة لم تتوقف، فكافة المدن الفلسطينية على صفيح ساخن وأوضاعها قابله للتصعيد لمنحيات أكثر خطورة، في ظل ما تقوم به حكومة الاحتلال من محاولات استفزاز متعمدة واعتداءات واعتقالات وهدم لمنازل الفلسطينيين وتفجيرها أمام أعين أصحابها.

وبالتزامن مع هذه الأوضاع الساخنة، خرج حديث خجول عن بعض المحاولات الإسرائيلية يقودها جهاز “الشاباك” وشخصيات إسرائيلية أخرى للتهدئة، فيما خرجت تحذيرات وتخوفات من أن تنقل الشرارة لقطاع غزة، في ظل تهديدات الفصائل بالرد على جرائم الاحتلال وتصعيده.

واستشهد فلسطيني وأصيب 10 آخرون برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت متأخر مساء الأحد- خلال مواجهات استمرت ساعات في بلدة “السيلة الحارثية” غرب جنين، التي شهدت فجرًا نسف منزل عائلة أسير ضمن سياسة العقاب الجماعي.

كما يشهد حي الشيخ جراح بالقدس مواجهات عنيفة على خلفية اقتحام المستوطنين بقيادة المتطرف عضو الكنيست بن غفير الحي لافتتاح مكتبه البرلماني.

وعلى ضوء هذه التطورات، قالت مصادر عبرية، إن “جيش الاحتلال الإسرائيلي رفع حالة التأهب على خلفية المواجهات والأحداث المتوالية في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، والسيلة الحارثية في جنين بالضفة المحتلة، في حين عبرت عن خشيتها من رد قطاع غزة”.

وأوضح موقع “والا” الإسرائيلي أن جيش الاحتلال يرفع حالة التأهب في منطقة جنوب فلسطين المحتلة بعد أحداث الشيخ جراح والسيلة الحارثية.

فيما ذكرت صحيفة “معاريف” العبرية، أنه بالرغم من تهديدات قادة “حماس” بالتصعيد، إلا أن المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ترى أنه من السابق لأوانه اعتبار أن ذلك علامة على التصعيد في الأيام المقبلة.

وأشارت الصحيفة، إلى أن “حماس” تحاول حاليًا الحفاظ على الهدوء، وذلك بهدف تكثيف جهودها في تطوير قدراتها الصاروخية، وكذلك لاستعادة قوتها المتعلقة بالأنفاق الدفاعية والهجومية.

وتقول الصحيفة، مع ذلك فإن دروس الماضي تشير إلى إمكانية أن الأحداث بالقدس قد تؤدي إلى تصعيد ربما تدريجي من غزة، مشيرةً إلى أن إسرائيل تأخذ تهديدات حماس على محمل الجد وتدرك أنه يجب عليها أيضًا أن تكون مستعدة لمثل هذا الاحتمال.

وبحسب التقديرات، فإن حماس عززت موقفها كجهة “مدافعة عن القدس” – بحسب وصف الصحيفة – أثناء عملية “حارس الأسوار” (العدوان على غزة)، ولذلك لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال تصاعدت المواجهات في الشيخ جراح.

وفي إطار محاولات التهدئة، أشارت القناة الإسرائيلية 12، إلى تسوية محتَملة لتجنّب التصعيد في حي الشيخ جراح ، قد يتمّ التوصّل إليها، وأحد “الوسطاء” فيها، هو رئيس بلدية الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس، موشيه ليئون.

في المقابل، ذكرت تقارير إسرائيلية، أن “مساعي التسوية لم تنضج بعد”، موضحة أنها “تحتاج إلى وقت”.

ووفقا للقناة 12، فإنّ التسوية، تنصّ على إخراج النائب في الكنيست، المتطرّف إيتمار بن غفير، من الحيّ، على أن يتمّ “وضع حراسة دائمة” بالقرب من منزل مستوطن في الحيّ يزعم بن غفير والمستوطنون أن نيرانا أُضرِمَت فيه.

وأشارت القناة إلى أن بن غفير طالب رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، بالالتزام بوضع حراسة دائمة بالقرب من منزل المستوطن المذكور، وفي المقابل سيغادر بن غفير المكان، وفق زعمه.

ووفق القناة، فإنّ دور البلدية في “التسوية”، سيكون “الالتزام بوضع كاميرات أمنية إضافية بالقرب من منازل اليهود (المستوطنين) في الحي”.

كما ذكرت القناة أنّ جهاز “الشاباك”، انضمّ إلى التحقيق في مزاعم إضرام النيران بمنزل المستوطن، وأضافت أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تعدّ إحراق منزل المستوطن عملية “على خلفية قومية” تستهدف المستوطنين، زاعمة أنها تحقق في تسع حالات سابقة تم فيها إحراق سيارة المستوطن ذاته.

وقالت القناة إن التقديرات تشير إلى أنه يمكّن التوصّل لأشخاص تزعم الأجهزة الأمنية أنهم نفّذوا عمليات الحرق.

الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، حذر من تداعيات ما يجري في القدس، لا سيما في حي الشيخ جراح، من اعتداءات على الفلسطينيين ومحاولة الاستيلاء على ممتلكاتهم، مؤكدًا أن هذا الموضوع سيكون على جدول أعمال اجتماع اللجنة التنفيذية القادم.

بدوره أكّد رئيس الهيئة المقدسية لمقاومة التهويد ناصر الهدمي، أن استمرار اعتداءات المستوطنين، بحماية قوات الاحتلال، على شعبنا الفلسطيني في حيّ الشيخ جرّاح بمدينة القدس المحتلة، عبث بصواعق تفجير المنطقة من جديد؛ إلّا أن ذلك لن يدفعه للتخلّي عن قضية القدس، ومحاولات “حسمها” لصالحه.

وقال، إن سياسة الاحتلال التهويديّة بالعاصمة المحتلة مستمرة، ويشكل حي الشيخ جرّاح أحد عناوينها، وما يشهده الحي في الوقت الحاضر، محاولة يائسة لتهويده وتهجير وتشريد أهله الأصليين منه، مشيرًا إلى أن هجمة الاحتلال الشرسة والمركزة على المدينة المقدسة، خصوصًا “الشيخ جرّاح”، تحمل خصوصية، كون أهل الحيّ لا يملكون أوراقًا تثبت ملكيتهم فيه، فضلًا عن أنه منطقة فاصلة بين شرقيّ وغربيّ القدس، ويشكل مدخلًا، لا سيمّا لحي “وادي الجوز”، وعليه فإن محاولات الاحتلال وقطعان مستوطنيه المتطرفين السيطرة على الشيخ جرّاح، ربما يعدّ مقدمة لتشكيل امتداد جغرافي للاستيطان داخل الأحياء المقدسية بالقدس المحتلّة.

وعن دلالة توقيت ما يجري من اعتداءات متصاعدة على المدينة المقدّسة، في ضوء الانشغال الدولي والإقليمي بتطورات الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، قال رئيس الهيئة المقدسية لمقاومة التهويد إنه “على وقع هذا الانشغال والتوقعات باندلاع مواجهة عالمية؛ علينا أن نتوقع جريمة كبيرة من الاحتلال، مرتبطة باتخاذ إجراءات دراماتيكية بالمسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة”.

ونبّه إلى أن الاحتلال ماضٍ بمخططاته التهويدية خصوصًا في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، بالرغم من العوامل الجديدة التي فرضتها معركة سيف القدس بمايو/ أيّار الماضي، في معادلة الصراع، وحالة الصمود والتصدي التي يبديها المقدسيين، أمام مجازر التهجير والتشريد والاستيطان، التي يتعرضون لها صباح مساء.

وبالتوازي مع ذلك؛ يعمل الاحتلال على “إرهاق” شعبنا الفلسطيني بالقدس، عبر فتح جبهات وصراعات عدّة مع المقدسيين، في “باب العامود، وسلوان، وبيت حانينا، والطّور، واقتحامات وحملات تدنيس المسجد الأقصى، وليس أخيرًا ما نشهده حاليًّا بالشيخ جرّاح”.

وتابع: “كل ذلك يرمي لإرهاق المقدسيين، وتشتيت جهودهم، كونه (الاحتلال) يعي تمامًا أنه لا يوجد بمدينة القدس قيادة شعبية قادرة على التنسيق والتكامل لخدمة قضية القدس، والدفاع عن شعبنا هناك”، مشدّدًا في الوقت ذاته على أن “الاحتلال والسلطة الفلسطينية حَرِصا على تغييب القيادة الشعبية بالعاصمة المحتلة، والعمل على مطاردتها وإبعادها”.

من جانبه قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق، إن جرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين لن تمر مرور الكرام.

وأكد الرشق في تصريح صحفي الليلة أن هدم البيوت جريمة ضد الإنسانية، لن تجلب للاحتلال الأمن، بل ستزيد غضب شعبنا وإصراره على الصمود والمقاومة.

ووجه التحية إلى الشباب الثائر الذين يتصدون بكل بسالة لجرائم الاحتلال في القدس وفي حي الشيخ جراح وفي الضفة وجنين وسيلة الحارثية.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى