هل تُصلح الأقنعة ما أفسدته الحروب؟
في البدء يُلونون.. ثم يدونون حكايات.. ويمهدون لمشاعرهم الطريق.. ليطلقونها وهم يلعبون على البيانو أو يدقون على الطبول.. هم أعضاء الخدمة العسكرية في أميركا الذين أصابتهم الحرب بأمراض نفسية قد يسهم الفن في علاجها. هذا ما دفعهم ليكونوا جزءا من مشروع “العلاج بالفن” بمركز “والتر رييد الوطني العسكري الطبي” لعلاجهم من أحد أشهر إصابات الحروب النفسية وهو مرض “إصابة الدماغ الرضية
“نيويورك تايمز″ أعدت تقريراً موسعاً عن هذا المركز ومشاركات الجنود العلاجية بواسطة الفن، وذلك بمناسبة إعلان المركز توسعه وإطلاق فروع جديدة له، وتحدثت الصحيفة الأمريكية إلى ميليسا واكر، خبيرة علاجية بواسطة الفن ومصممة مشروع العلاج بواسطة الأقنعة، التي أوجزت تعبيرها عن فاعلية تلك الأقنعة في العلاج وقالت: “تعطيهم صوتا مرئيا”.
الأقنعة بالنسبة للكثيرين هي وسيلة للتخفي، الابتعاد عن الشخصية الحقيقة ولو قليلاً، آخذة منحى مرحاً في كثير من الأحيان أو منحاً درامياً كما في لغة المسرح، أما في برنامج والكر، فالأقنعة جزء أصيل من برنامج التعافي بالفن، يستعين بها المحاربون من أجل التصالح مع مشاعرهم لاسيما المؤلمة.
في المرحلة الأولى من البرنامج العلاجي يُمنح المحارب قناعا أبيضا، ويطلب منه المدرب أن يُزينه، سواء بالألوان أو المواد الفنية، وذلك على مدار ساعتين.. “هم يقولون عبر هذا التزيين أشياء كثيرة عن أنفسهم”.
التوسع في مراكز العلاج بالفن للمحاربين وصفته “نيويورك تايمز ” بالخطوة الإيجابية لبرنامج “أظهر نتائج جيدة وملموسة للمحاربين القدامى وأعضاء الخدمة العسكرية الحاليين” على حد تعبيرها.
التوسع في المشروع خطوة مهمة كذلك بالنسبة لوالكر التي أسست مشروعها عام 2010، وحازت اهتماما كبيرا، حتى مشروعها العلاجي ظهر عام 2015 على غلاف مجلة “ناشونال جيوجرافيك” بعنوان مصاحب “علاج جنودنا- كشف أسرار إصابات الدماغ الرضية”.
و أكدت والكر على ضرورة البحث عن أساليب بديلة لعلاج أمراض كإصابات الدماغ الرضية للجنود ، وقالت في حديثها للمجلة: “أنا غير واثقة من أن الناس تثق في جدوى هذا العلاج”.
العلاج بالفن لضحايا إصابات الدماغ الرضية أو لعلاج الضغط النفسي التالي للصدمات العنيفة، يتلقاه المصابون لمدة زمنية تبدأ من شهر كامل، ويساعده على صيد ذكرياته الأليمة، وتقبل إعاقاته الجديدة والتعرف على ملامح المستقبل.
الجانب الأول من البرنامج يكون من خلال طلاء الأقنعة، الطلاء والألوان التي يستخدمها تساعد المعالج على التعرف على جروح المصاب النفسية وملامحها، وغالبا ما تخرج الأقنعة ككائنات منكسرة ومروعة، وقليلة جدا هي التي يعمها السلام.
تحدثت “نيويورك تايمز″ على هامش تقريرها عن التوسع في البرنامج العلاجي لكريس ستو، ضابط متقاعد من قوات المارينز خاض تجربة العراق وأفغانستان، كان يعاني من كوابيس وأرق حاد، وقال: “عندما بدأت العلاج كنت ضائعا إلى حد كبير” ويضيف: “وجدت نفسي أخيرا في هذا الشئ الرائع.. وهو الفن”.
يدعم كلامه حديث لروستي نوسنير، عضو سابق في القوات البحرية، الذي تعرض للإصابة في أفغانستان وقال: “العملية الفنية تعطيك هامشاً وتمنحك لحظة توقف لتبدأ التفكير في الطريقة التي يجب أن تعيش بها حياتك الآن”.
صحيفة راي اليوم الالكترونية