تحليلات سياسية

هل ستحارب الولايات المتحدة روسيا في سوريا؟

كتب ألكسندر شاركوفسكي مقالا نشرته صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” عن الأحداث في سوريا ، يوضح فيه كيفية تطور هذه الأحداث بعد القضاء على الإرهابيين هناك.

كتب شاركوفسكي:
يرافق النجاح في محاربة “داعش” في سوريا، تطور في المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة. فكما هو معروف، أمر ترامب بمهاجمة سوريا بالصواريخ رغم أنه كان متيقنا من أن دمشق لم تستخدم السلاح الكيميائي. ويبدو أن محاربة التحالف للإرهابيين في سوريا تتخذ طابعا غريبا. ففي الوقت الذي توجه روسيا وإيران صواريخها إلى مواقع الإرهابيين، تقصف واشنطن القوات الحكومية السورية وتسقط طائرتها.

وبحسب الخبراء الغربيين، لم يبق لـ “داعش” في سورية سوى بضعة أشهر، وهذا ليس مهما الآن. لأن الحرب في سوريا بدأت، كما يتضح، تتخذ اتجاها جديدا، لا مجال فيه للتستر بـ “داعش” أو “جبهة النصرة”، بل ستبدأ فيه مواجهات مباشرة مكشوفة.
فقد أعلن وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان أن “المملكة لن تبقى “لينة” مع روسيا، وسوف نمنح مهلة لبوتين. وإذا استمرت روسيا في القصف العشوائي، فسيكون علينا اتخاذ التدابير اللازمة. ويجب أن تعلم روسيا أن قدراتنا الحربية كافية للقضاء على القوات الروسية في سوريا خلال ثلاثة أيام”.

ولكن الأمر في الواقع، هو أن القوات السعودية غير ذات أهمية تذكر، وهي تستعرض هذا في حرب اليمن. وبالطبع لا يكمن الأمر في هذه التهديدات، لأن السعوديين قد لا يحاربون بأنفسهم، بل يضعون أراضيهم تحت تصرف قوات التحالف الغربي، مقابل حصولهم على حصة من سوريا بعد تقسيمها، حتى أنهم بدأوا بطلب من واشنطن يشوهون صورة قطر، لكيلا تكون لها أفضلية محددة.

هذا، في حين أن “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي يشكل الكرد عمودها الفقري، تستعد للحرب مع دمشق. وهذا يعني أن واشنطن وافقت على منح الكرد الاستقلال في سوريا، على الرغم من معارضة أنقرة. أي أن جبهة جديدة ضد دمشق ستُفتح في شمال سوريا، تضم الكرد والعرب والقبائل السنية في إدلب، وتكون مدعومة من جانب التحالف الدولي.

وتتمركز التشكيلات المضادة للسلطات السورية في جنوب-شرق البلاد، حيث تصطدم جميع محاولات دمشق الرامية إلى القضاء عليها بالهجمات الجوية لطائرات التحالف. وترابط هنا قوات أمريكية وبريطانية خاصة وبلدان أخرى، تصل إليها الإمدادات من العراق والسعودية. وهدف هذه القوات الرئيس هو حقول النفط في دير الزور.

كما أن إسرائيل تساهم في المرحلة الجديدة من الحرب السورية، حيث تعمل استخباراتها وقواتها الخاصة بنشاط في سوريا، فيما تهاجم طائراتها بين الفينة والأخرى مواقع القوات السورية وحلفائها. وهي كذلك تساند الدروز في نضالهم ضد الأسد.
وبما أن الولايات المتحدة لا تنقل قواتها والمعدات العسكرية إلى المنطقة، كما حصل عام 1991 و2003، فيمكن القول إنها لا تخطط لغزو سوريا. وبما أن القوة العسكرية لتركيا والملكيات العربية غير كافية للدخول في حرب ضد دمشق، وهذا يعني ضد روسيا وإيران. لذلك يبدو أن واشنطن تستهدف تقسيم الدولة السورية ولم تعد استقالة الأسد تهمها. ولذا سيكون على موسكو الاختيار: التورط في حرب دفاعا عن مصالح سوريا وإيران، أم إقناع الأسد بالموافقة على تقسيم سوريا، وفي هذه الحالة تبقى قاعدتا حميميم وطرطوس لروسيا.

هذا، ومع أن واشنطن تستغل كل فرصة متاحة لاستعراض قوتها، فإنها لا تريد مواجهة مباشرة مع موسكو. لذلك فهي تهاجم أهدافا ارضية وجوية سورية من دون أن تتعرض للقوات الروسية. كما أن دول التحالف تأخذ بالاعتبار التحذير الروسي بشأن التحليقات غرب الفرات؛ ما يعني أن واشنطن أدركت أن موسكو خصم جدير بالاحترام.

روسيا اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى