تشهد مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، حالة من “الإيجابية والتقدم” لم يسبق أن وصلت إليه، بعد توقف دام لعدة أسابيع بسبب رفض إسرائيل الانخراط بمحادثات جادة ووضعها الكثير من العقبات لتعطيل أي صفقة مع حركة “حماس”.
والساعات الماضية ضجت الكثير من وسائل الإعلام العبرية والأمريكية، حول وجود صفقة “كبيرة” تُطبخ على نار هادئة، وقد يتم الإعلان عنها رسميًا الأسبوع المقبل، بعد الحديث عن موافقة إسرائيلية مبدئية، وكذلك مرونة من قبل “حماس” للموافقة على الصفقة المطروحة على الطاولة.
ورغم أن الكثير من الغموض يُحيط بتفاصيل وبنود الصفقة التي يتم تداولها، إلا أن بعض وسائل الإعلام سربت بعض تفاصيلها وركزت على هدنة تستمر لـ60 يومًا، يتم خلال تبادل الأسرى بين “حماس” وإسرائيل على عدة مراحل، وصولاً لصفقة كاملة لإنهاء الحرب التي دخلت يومها الـ 423.
وتحدثت مصادر إعلامية، بأن القاهرة باتت تعتقد بأن التصورات المكتملة بشأن المرحلة الأولى من الاتفاق المنوي عقده لوقف إطلاق النار في غزة، يمكن أن تُنجَز “بحلول نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل على أقصى تقدير في حال سارت الأمور بنفس الوتيرة مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
ووفقاً لمصادر مطّلعة على المفاوضات الجارية، تعتقد بأن من شأن ملف الأسرى الإسرائيليين أن يدفع تل أبيب إلى إبرام اتفاق مؤقّت للتهدئة، يسمح بتحسين الوضع الإنساني مرحلياً، عبر إدخال المساعدات وفق الآليات التي سيجري الاتفاق عليها.
وشهدت المفاوضات تقدّماً جوهرياً، مقارنةً بالجولتين السابقتين، في ظل تقديم كل الأطراف تنازلات، الأمر الذي قد ينتج صيغة توافقية خلال الأسبوع الجاري، ونشطت قنوات التواصل بين القاهرة والولايات المتحدة بصورة كبيرة، خلال اليومين الماضيين، إلى جانب الاتصالات الجارية مع تركيا وقطر في هذا الشأن، فيما باتت الحكومة الإسرائيلية أكثر تقبّلاً لفكرة “الوقف المؤقت” لإطلاق النار.
وكشفت مصادر عبرية، عن إحراز تقدم في المفاوضات الجارية بين المقاومة الفلسطينية بغزة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع على المفاوضات مع حركة “حماس” قوله: تم إحراز بعض التقدم في قضية مركزية محل خلاف مع المقاومة بغزة”. وفق قولها.
وفي التفاصيل، ذكرت، صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، “أن الاقتراح المدرج الآن على جدول الأعمال هو وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً مع بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل محدود في محور فيلادلفيا جنوب قطاع غزة”.
هذا وتواصلت في مصر اجتماعات الفصائل الفلسطينية، والتي كانت المخابرات العامة المصرية قد باشرت في عقدها، من أجل الوصول إلى صيغة توافقية “مقبولة دولياً” بشأن إدارة قطاع غزة في “اليوم التالي”، في ظل اتصالات مصرية مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين لإحداث اختراق على طريق التوصل إلى تهدئة في القطاع.
وشهد أمس الاحد استكمال المباحثات التي بدأت، السبت الماضي، مع وفود “فتح” و”حماس” و”الجهاد”، والتي تستهدف مصر من خلالها إصدار قرار بتشكيل هيئة إدارية لغزة، تحمل اسم “اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة” وتكون تابعة للسلطة الفلسطينية.
ومن المفترض أن تضم اللجنة المشار إليها شخصيات مستقلة تكون مسؤولة عن إدارة القطاع والإشراف عليه بشكل كامل، فضلاً عن إدارة الجانب الفلسطيني من معبر رفح والتعامل مع منظمات الإغاثة، وهو ما يأتي كاستجابة لرفض إسرائيل لإعادة سيطرة “حماس” على المعبر، واشتراطها الموافقة المسبقة على أسماء الخارجين من المعبر، والداخلين إليه.
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، بأن المشاورات الأمنية التي أجراها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ليل أمس الأحد بحثت مقترحات الصفقة المطروحة مع حماس، بما فيها طلب مصر من الحركة الموافقة على بقاء جيش الاحتلال في جزء من القطاع، فيما ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن هيئة أركان الجيش الإسرائيلي تضغط نحو إبرام صفقة.
وبحسب الإذاعة، فقد استمرت المشاورات مع مختلف الجهات التي لها علاقة بقضية المحتجزين وقتاً طويلاً نسبياً، وبحثت عدة قضايا متعلقة بالتطورات في المنطقة، وعلى رأسها تحرير الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وتحذير المؤسسة الأمنية من وضعهم الذي سيتدهور أكثر بحلول الشتاء، ما يعني أن على إسرائيل اتخاذ خطوات أكبر.
وتابعت الإذاعة بأن المصريين طالبوا “حماس” بالموافقة على بقاء الجيش الإسرائيلي في جزء من القطاع، وبالمقابل، سيتوجّب على إسرائيل إبداء مرونة أكبر في قضية الأسرى الفلسطينيين واتخاذ قرارات “صعبة”، فيما يكون وقف إطلاق النار لعدة أسابيع، وإبداء موافقة على استمرار المفاوضات لوقف الحرب.
وتساءلت الإذاعة إن كان نتنياهو قادراً على قيادة الخطوة من ناحية سياسية أيضاً داخل حكومته.
وخلال مقابلة أجراها مع القناة 14 الإسرائيلية، زعم نتنياهو، الخميس الماضي، أن هناك فرصة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس، بعد أن “تغيرت الظروف نحو الأفضل في حرب غزة”، وأوضح أنّ إسرائيل “جاهزة في أي لحظة لوقف إطلاق النار في غزة، لكن دون إنهاء الحرب”، مؤكداً أنه “بعد اغتيال (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) يحيى السنوار، وفصل الجبهات بين غزة ولبنان، تغيرت شروط صفقة التبادل لصالح إسرائيل”.
من جانبها، أفادت “يديعوت أحرونوت”، بأن المسؤولين في المؤسسة الأمنية يرون أن هناك فرصة لتحقيق اختراق في المفاوضات لاستعادة الأسرى، ويوصون المستوى السياسي باستغلالها لإبرام صفقة لوقف مؤقت للحرب في غزة واستعادتهم، وأوضحت الصحيفة أن هذه آراء عدد من كبار المسؤولين في جيش الاحتلال الذين يشغلون مناصب رئيسية، بما في ذلك أولئك الذين كانوا في السابق متشككين بشأن إمكانية التوصّل إلى صفقة.
وأمام هذه التطورات..
هل حان موعد انتهاء حرب غزة؟ وهل المبادرة المطروحة فخ جديد لحماس؟ وما سر طلب مصر إبقاء الجيش الإسرائيلي في جزء من القطاع؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية