تحليلات سياسيةسلايد

هل ستُعيد أمريكا إحياء “الثورة السوريّة” المُسلّحة في الأسابيع القادمة؟

في ظل التوتر الجديد المتفاقم سياسيا وعسكريا واقتصاديا بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين من ناحية، والمحور الرباعي الصيني، الروسي، الشمال كوري، الإيراني من ناحية أخرى، خاصة على جبهتي تايوان في شرق آسيا، وأوكرانيا في وسط أوروبا، هناك ترتيبات متسارعة لتفعيل الازمات، والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، ابتداء من سورية، ومرورا بالعراق، وانتهاء بحرب اليمن.

لنترك الأوضاع في العراق واليمن وتطوراتها جانبا ولو مؤقتا، ولنركز في هذه المقالة على الملف السوري تحديدا، الذي عاش اجواء من الهدوء النسبي، او بالأحرى “الجمود” في الفترة الأخيرة، بعد استعادة الجيش العربي السوري اكثر من 70 بالمئة من الأراضي السورية، وتراجع ما يعرف بالمعارضة، بشقيها السياسي والعسكري، وانحسارها وتموضعها في مدينة ادلب وجوارها، وبعض المناطق الأخرى في شمال شرق سورية تحت حماية مظلة القوات الامريكية.

***

هناك عدة مؤشرات تؤكد ان هذا الجمود، او الخمول، على صعيد الجانب الآخر المعارض للدولة السورية، دوليا واقليما، في طريقه الى التفعيل مجددا، وربما في صورة اكثر شراسة، من الوضع الذي كان عليه في بداية الازمة في شهر آذار (مارس) عام 2011، ويمكن حصر هذه المؤشرات في النقاط الخمس التالية:

أولا: كشف الاستخبارات الخارجية الروسية اليوم الثلاثاء، عن خطط أمريكية لتحريض، ودعم، جماعات مسلحة في سورية و”إسلامية” متطرفة على وجه الخصوص، لتكثيف هجماتها ضد القوات السورية والروسية والإيرانية في تواز مع اشعال فتيل احتجاجات “سلمية” في العمق السوري وتشجيعها، من خلال استغلال توظيفي للاحتقان المعيشي الداخلي الناجم عن انهيار الأوضاع الاقتصادية، والخدمات الأساسية، وتراجع كبير لسعر العملة المحلية، بسبب الحصار الأمريكي الخانق.

ثانيا: تفيد المعلومات الواردة الى هيئة الاستخبارات الروسية، حسب البيان الصادر عنها، ان الإدارة الامريكية تسعى للحفاظ على وجودها العسكري شمال شرق سورية، ومنع استقرار سورية، وإعادة تأهيل قيادة المعارضة السورية، وتوحيد صفوفها، كردية كانت او عربية، واطلاق حملات إعلامية مكثفة على وسائط التواصل الاجتماعي الناطقة بالعربية لتحريض السوريين مجددا للنزول الى الشوارع والميادين، في العاصمة دمشق، والمدن الكبرى في حلب وحمص واللاذقية لدفع النظام الى استخدام القبضة الحديدية “العنيفة” في مواجهة احتجاجات “سلمية”، أي إعادة تطبيق “سيناريو درعا”.

رابعا: انطلاق يوم السبت الماضي “ندوة” في الدوحة استمرت يومين، دعا الى عقدها السيد رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المنشق، وبحضور ثلاث مراكز أبحاث قطرية وعربية ودولية، واكثر من 60 شخصية سورية معارضة، كتتويج لسلسة من ورش عمل انعقدت في بعض العواصم الأوروبية مثل استوكهولم، ووفرت السلطات القطرية الدعم الكامل لهذه الندوة التي غطت جلسات وقائعها قناة “الجزيرة” واخواتها بكثافة لافتة.

خامسا: تعثُر الجهود التي بذلتها وتبذلها الجزائر حتى الآن لعقد قمة عربية يشارك فيها الرئيس بشار الأسد بحيث تكون تدشينا لاستعادة سورية لمقعدها في الجامعة العربية، وكانت دولة قطر من اكثر الدول المعارضة لهذه الخطوة واشرسها.

سادسا: عملية اغتيال أبو إبراهيم الهاشمي القرشي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، على يد قوات أمريكية خاصة هاجمت منزله شمال ادلب، التي لا يوجد أي دليل “موثق” بالصوت والصورة، على حدوثها، اسوة باغتيالات سابقة لابو بكر البغدادي وقبله أسامة بن لادن، (على عكس اعدام الرئيس صدام حسين وقتل نجليه) قد تكون هذه العملية مجرد تغطية للمخطط الأمريكي الجديد بدعم المعارضة الإسلامية المسلحة المتشددة، والتواصل معها مجددا وبطريقة اكثر قوة، والايحاء في الوقت نفسه انها (أمريكا) ما زالت تستهدفها باعتبارها منظمات إرهابية.

المعارضة السورية انطلقت في “حراكها” الأول قبل 11 عاما من الدوحة، ويبدو ان محاولة إعادة احيائها سَيتم من المكان نفسه، حيث قال بيان الانعقاد للندوة المذكورة “انها تهدف الى محاولة إيجاد آليات العمل للنهوض بإداء المعارضة ومناقشة كيفية اخراج عملية الانتقال السياسي من الاحتباس الذي تعانيه حاليا”.

شبكة “اورينت نت” التي تعمل بمثابة “وكالة انباء” المعارضة، اكدت في تقرير لها بثته قبل شهرين “بأن إدارة الرئيس بايدن تريد ان يكون عام 2022 هو عام تأهيل قوى المعارضة السورية لتكون اكثر جاهزية لتحل مكان النظام في أي عملية تغيير قد تحدث”، وكشفت ان ايتان غولديرتش نائب وزير الخارجية الأمريكي التقى قادة المعارضة السورية في إسطنبول، والقامشلي، وغازي عنتاب في أواخر العام الماضي للإعداد للسيناريو الأمريكي الجديد في سورية.

هل ينجح المخطط الأمريكي الجديد في سورية؟ هل بدأ الحصار الخانق الذي جرى فرضه لهذا الغرض قبل 11 عاما يقترب من مرحلة الحصاد؟ وهل سيكون افضل حظا من الأول؟ وهل سيأتي التمويل من الممولين الخليجيين انفسهم؟ وكيف سيكون رد المحور الروسي الصيني الايراني الكوري الشمالي السوري؟

نترك الإجابة للأسابيع والاشهر المقبلة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى