هل سنرى انتقاما “علقميا” سريعا لشهداء مجزرة مخيم جنين الثانية.. وأين؟
اقتحام القوات الإسرائيلية المدججة بالمدرعات والمحمية بطائرات مقاتلة، ومسيرة، لمخيم جنين ، وقتلها 6 مسلحين مقاومين من بينهم عبد الفتاح خروشة منفذ عملية حوارة يشكل “صفعة” لمؤتمر العقبة والأطراف العربية الثلاثة التي شاركت فيه، أي الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية الى جانب وفدين امريكي واسرائيلي تحت عنوان تكريس التهدئة في الأراضي المحتلة.
هذا الاقتحام ما كان له ان يتم، ويصل جنوده الى المنزل الذي يقيم فيه المسلحون المستهدفون الشهداء، وخاصة الشهيد عبد الفتاح خروشة (من حركة حماس) لولا التنسيق الأمني بين السلطة ودولة الاحتلال، الذي لم يتوقف مطلقا، وجرى الاتفاق على تعزيزه في قمة العقبة الأمنية التي مثّل السلطة فيها حسين الشيخ خليفة عباس المرشح، واللواء ماجد فرج رئيس جهاز الاستخبارات التابع للسلطة.
فالمعلومات القادمة من الأراضي المحتلة تؤكد ان المخابرات الفلسطينية هي التي تتولى جمع المعلومات عن المسلحين ورجال المقاومة في المدن والمخيمات الفلسطينية بالضفة لصالح المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، مقابل الافراج عن بعض الأموال المجمدة التابعة للسلطة، ووعود أمريكية تخديرية بإعادة فتح القنصلية الامريكية في القدس المحتلة، وتوجيه دعوة للرئيس عباس لزيارة واشنطن.
رد كتائب المقاومة على هذه المجزرة الإسرائيلية الثانية في اقل من شهر في مخيم جنين سيأتي اسرع مما هو متوقع وبخسائر بشرية إسرائيلية اكبر، لان جميع الفصائل الفلسطينية الرئيسية: حماس، الجهاد الإسلامي، كتائب شهداء الأقصى (فتح)، عرين الأسود، تعهدت بالانتقام للشهداء الستة.
الرد الانتقامي على مجزرة مخيم جنين الأولى التي راح ضحيتها تسعة من الشهداء، جاء سريعا، وبعد أيام معدودة وعبر مسدس خيري علقم نصف الآلي في مستوطنة النبي يعقوب في القدس المحتلة في هجوم استغرق 20 دقيقة فقط، قام خلالها صاحبه بإفراغ مشطين من الرصاص في رؤوس المستوطنين السبعة بأعصاب جليدية، ولو كان معه رصاص اكثر لتضاعف عدد القتلى المستوطنين المحميين ببنادق جيش الاحتلال وآلياته.
مجازر مخيم جنين الإسرائيلية تعكس دائما وحدة المقاومة الفلسطينية الوطنية وتكرسها، وتعمق التنسيق والتعاون العسكري بين كتائبها، وتذيب الفوارق العقائدية والفصائلية بين أنصارها، ولهذا لا نستغرب ان يأتي الانتقام موحدا ومزلزلا.
كتائب شهداء الأقصى الفتحاوية التي عادت الى العمل المقاوم بشكل أقوى من بداياتها الأولى قبل اتفاق اوسلو، وفي ذروة الانتفاضة المسلحة الثانية بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، تعهدت ان يكون الرد الانتقامي لشهداء جنين الستة في قلب مدينة تل الربيع الاسم الفلسطيني العربي لتل ابيب، وهذه لفتة لديها مغزى أثير على قلوب كل فلسطين التاريخية من النهر الى البحر، وربما يفيد التذكير ان الكتائب وشقيقاتها نفذت اربع عمليات في السبع وتل ابيب والخضيرة وبني براك أدت الى مقتل 14 إسرائيليا مطلع هذا العام.
دماء شهداء جنين الستة الذين سقطوا برصاص الاحتلال امس الثلاثاء لن تذهب سدى، ودون رد، والشيء نفسه يقال عن دماء كل الشهداء الفلسطينيين والعرب والمسلمين داخل الأراضي المحتلة وخارجها فداء للحق التاريخي والعدالة السماوية، لان هناك رجال اختاروا طريق الشهادة دفاعا عن ارضهم وكرامتهم وأمتهم تدعمهم حاضنة شعبية استشهادية ولادة.
شهر رمضان المبارك، شهر التضحية والفداء الذي يفصلنا عنه ما يقرب من الأسبوعين، سيكون مختلفا عن كل الشهور السابقة، وسيؤرخ لبداية ثورة، وليس انتفاضة فقط، ستكون تصحيحا لمسيرة النضال الفلسطيني، وعودة للينابيع الأولى، وإلغاء كل ما تفرع عن اتفاقات أوسلو من ذل ومفاوضات عبثية وخيانة وتنسيق أمني، وبيع وهم السلام المسموم للشعب الفلسطيني.
عندما تتوعد كتائب “عرين الأسود”، ونابلس، وبلاطة، وجنين، والاقصى، والقسام، وسرايا القدس بالرد فاستمعوا اليها، فهؤلاء اذا قالوا صدقوا، وفعلوا، وهذا ما تعرفه دولة الاحتلال ويثير رعبها ويزعزع أمنها واستقرارها، وركائز وجودها.