تحليلات سياسيةسلايد

هل سنشهد انتهاء الحلف التاريخيّ؟ الخلاف الأمريكيّ-الإسرائيليّ بطريقه لأزمةٍ غيرُ مسبوقةٍ؟

زهير أندراوس

هل يتحوّل الخلاف العابر بين الإدارة الأمريكيّة والحكومة الإسرائيليّة إلى أزمةٍ دبلوماسيّةٍ صعبةٍ بين الحليفيْن الإستراتيجييْن؟ يبدو أنّ الأمور بينهما ما زالت تدور في إطار التوتّر بين صديقيْن حميميْن، ولكن من الناحية الثانيّة، لا يُمكِن الاستخفاف بتاتًا بأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حقق رقمًا قياسيًا منذ إقامة الكيان، بصفته أوّل رئيس وزراء إسرائيليّ لا تتّم دعوته الرسميّة إلى البيت الأبيض للقاءٍ تقليديٍّ مع الرئيس الأمريكيّ، رغم أنّه “احتفل” نهاية الأسبوع الجاري بمرور ستّة أشهر، أوْ نصف عامٍ، على تشكيل حكومته، التي تُعتبر الأكثر تطرفًا وبطشًا وعنصريّةً منذ العام 1948.

ووفق المصادر السياسيّة الرفيعة في تل أبيب، فإنّ الرئيس الأمريكيّ بايدن ما زال مصِّرًا على عدم توجيه دعوةٍ لنتنياهو، الأمر الذي لا يُبشِّر خيرًا، على الرغم من أنّ المصادر عينها تؤكِّد أنّ الفريق المُقرّب من رئيس الوزراء الإسرائيليّ يُمارِس الضغوطات ويُوجِّه الرسائل من أجل الجمع بين الزعيميْن، لكنْ حتى اللحظة لا توجد بشائر بالمرّة، إذْ أنّ الإدارة الأمريكيّة أعربت مرّةً أخرى عن قلقها من الـ(عنف) الإسرائيليّ في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، بالإضافة إلى إعلانها بأنّها تقِف ضدّ الانقلاب القضائيّ في الكيان، والذي يقوده نتنياهو والائتلاف المتطرّف.

ويبدو واضحًا أنّ بايدن وفريقه يتعمّدون إهانة وإذلال نتنياهو، فها هو بحسب الإعلام العبريّ وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن، “يؤدّب” نظيره الإسرائيليّ إيلي كوهين في محادثةٍ هاتفيّةٍ بينهما، ثمّ يقول لوسائل الإعلام إنّ تصرّفات الحكومة الإسرائيليّة تجعل من التطبيع مع السعوديّة أمرًا مُستحيلاً، وهو التطبيع الذي يُعوِّل عليه نتنياهو لإخراج نفسه وكيانه من العزلة الدوليّة التي يُعانون منها.

ورغم إعلان مسؤول أمريكي بأنّه سيتم دعوة نتنياهو في النهاية لزيارة البيت الأبيض، لكنّه استدرك بالقول إنّ “إسرائيل لا تساعدنا، كل يوم نرتفع إلى أزمة جديدة”، وفي المقابل هناك حول رئيس الوزراء من يعتقدون أنّ زيارة الصين ستسرع بدعوته للولايات المتحدة، وفي هذا السياق قال المستشرق تسفي بارئيل في (هآرتس) العبريّة، إنّ الرئيس الصينيّ ينتمي إلى فئةٍ أخرى من الزعماء الذين يلعبون في المستويات العليا، لافتًا إلى أنّ الصين ليست بحاجةٍ لإسرائيل لتعزيز مكانتها أكثر في منطقة الشرق الأوسط.

على صلةٍ بما سلف، أكّد إيتمار آيخنر، المراسل السياسي لصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة أنّ “الحكومة تحتفل هذا الأسبوع بمرور ستة أشهر على تشكيلها، لكن رئيسها نتنياهو يعتبر مرور هذه الفترة الزمنية علامة فارقة بالنسبة له، فقد مرت ستة أشهر منذ عودته للمنصب، في حين أنّ الدعوة من بايدن لم تصل بعد”.

وتابع بأنه رغم أنّ نتنياهو يضغط على جميع القنوات لعقد اجتماع مع الرئيس الأمريكي، لكنه يواجه صعوبة في تحمل الإذلال الذي يقدمه بايدن، وهذا وضع غير مسبوق أنْ يقوم فيه رئيس أمريكي باستنزاف رئيس الوزراء الإسرائيلي لفترة طويلة، ولم يدعه لواشنطن.

وأضاف أنّ “أعضاء الفريق المحيطين بنتنياهو يُرسلون باستمرار للأمريكيين، ويتوسّلون حرفيًا للقاء، وَمَنْ يظنّ أنّ الأمريكيين راضون عن الوضع، فهو مخطئ، فهم محبطون ومثبطون، وهم يدركون أنّ هذا الوضع ليس طبيعيًا، لكنّهم أوضحوا أنّهم لا يستطيعون دعوة نتنياهو في أثناء اشتعال النار في فناء منزله الخلفي، لأنّنا كل يوم نستيقظ على أزمة جديدة: المزيد من البناء في المستوطنات، وعنف المستوطنين، والفناء الخلفي يحترق، وهذا صعب للغاية، والمناخ غير مناسب للاجتماع، وتم إخبار نتنياهو بذلك“.

وأكّد أنّه “من الواضح أن اجتماع نتنياهو مع بايدن الذي طال أمده يعتمد على الوضع الأمني، خاصة على الهدوء مع الفلسطينيين، ولفهم مدى توتر الوضع بين تل أبيب وواشنطن يكفي أنْ نلاحظ أن السفارة الأمريكية في إسرائيل لم توجه دعوة للوزراء بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفيير لاحتفال الرابع من تموز يوليو الأسبوع المقبل في ذكرى استقلال الولايات المتحدة“.

وأوضح أن “التحركات الاستيطانية تزعج الأمريكيين، خاصة قرارات البناء الأخيرة في الضفة الغربية، ما أغضب الأمريكيين، الذين صرحوا بأنهم “منزعجون للغاية”، وفي غضون ذلك تتجلى علامات التوتر في محيط نتنياهو من الوضع غير المسبوق، ما دفعه للاستعداد لزيارة الصين الهادفة لإرسال إشارة لواشنطن مفادها أن لديه خيارات سياسية إضافية في أعقاب المقاطعة التي فرضها بايدن حاليًا عليه“، كما نقل عن مصادره السياسيّة الرفيعة في تل أبيب.

وفي الخلاصة أوضح المراسل السياسيّ للصحيفة العبريّة أنّه “رغم التوتر الأمريكي الإسرائيلي، فإنّ مَنْ يعتقد أن رحلته إلى بكين ستشجع الأمريكيين على دعوة نتنياهو فهو مخطئ، ولكن من المتوقع أنْ يكون لها تأثير معاكس تمامًا، وقد أعرب الصينيون عن رغبتهم باستضافة رئيس الوزراء، لكن لم يتم حتى الآن إجراء مناقشة محددة بشأن موعد الاجتماع، ولم يتم الانتهاء من تفاصيله، وفي الوقت نفسه يجري نتنياهو أيضًا محادثات لزيارة أنقرة، ولقاء الرئيس رجب طيب أردوغان.”

صحيفة راي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى