تحليلات سياسيةسلايد

هل عادت الحرب على غزة لتنفيذ خطة ترامب بتهجير سكان القطاع بقوة الحديد والنار؟ هذا ما يقوله الإسرائيليون

خير الدين الجابري

أعاد تجدد حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها “إسرائيل” على غزة٬ والدعم الكامل الذي حصلت عليه من الولايات المتحدة الأمريكية لارتكاب المجازر الجماعية وتجويع سكان القطاع٬ الحديث عن مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مختلفة بذريعة إعادة إعماره و”ليصبح منتجعاً ساحلياً دولياً تحت السيطرة الأمريكية“.

 

وأثارت الخطة التي تحدث عنها ترامب وقال إنه سيضغط على بعض الدول لاستقبال سكان غزة حتى قبل الحرب بأيام٬ ردود فعل صادمة من الفلسطينيين ومعارضة من بعض الدول العربية والغربية، إذ إنها تمثل تطهيراً عرقياً واضحاً للفلسطينيين وهي غير قانونية بموجب القانون الدولي. لكن رغم ذلك٬ يبدو أن دولة الاحتلال تسير في تطبيق أحلام ترامب حول غزة ولو كلف ذلك قتل مئات الفلسطينيين يومياً ودعوتهم تحت الضغط للخروج من غزة٬ وسط صمت عربي ودولي غير مسبوق.

هل عادت الحرب على غزة لتنفيذ خطة ترامب بالقوة؟

في 23 مارس/آذار 2025 وخلال ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي المجازر التي لا تتوقف بحق سكان قطاع غزة بما في ذلك قصف المستشفيات أمام عدسات الكاميرات وقصف خيام النازحين بالصواريخ الأمريكية الفتّاكة٬ اتخذت حكومة نتنياهو خطوة سريعة لإنشاء “إدارة حكومية مخصصة” تهدف للعمل على نقل سكان قطاع غزة “طواعية”.

وقال وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس إن الحكومة تعمل على تنفيذ “رؤية” الرئيس دونالد ترامب بشأن غزة، والتي تتضمن “استيلاء الولايات المتحدة على الأراضي الفلسطينية وامتلاكها”.

وقال كاتس: “سنسمح لأي مقيم في غزة يريد الانتقال إلى دولة ثالثة أن يفعل ذلك”، مضيفاً أن الإدارة الحكومية الجديدة التي أقرها المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل (الكابنيت)٬ ستعمل على إنشاء طرق حركة للمدنيين الراغبين في المغادرة وتنفيذ خطط لفحص المشاة عند المعابر الحدودية٬ على حد تعبيره. وبحسب كاتس، ستكون هذه الإدارة “مخولة بالعمل بالتنسيق مع المنظمات الدولية وغيرها من الكيانات، وفقاً لتوجيهات المستوى السياسي، وتنسق أنشطة جميع الوزارات الحكومية ذات الصلة”.

وفي ظل الاستعدادات الإسرائيلية لإنشاء إدارة حكومية مخصصة لترحيل سكان غزة، تتواصل التقارير بشأن الدول التي يُزعم أنها قد تستقبل سكان قطاع غزة. حيث نفى المكتب الوطني للاستعلامات المصرية تقريراً صدر نهاية الأسبوع الماضي يفيد بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن أن بلاده وافقت على السماح بشكل مؤقت لنصف مليون من سكان غزة بالدخول إلى مدينة في شمال سيناء كجزء من عملية إعادة إعمار غزة. وصرح المكتب لصحيفة الأخبار اللبنانية قائلاً: “هذه الادعاءات باطلة تماماً، وتتناقض تماماً مع موقفنا منذ الأيام الأولى للحرب”. وأكد المكتب معارضة مصر القاطعة لأي محاولة لإبعاد سكان غزة، وخاصةً نقلهم إلى مصر “نظراً لخطرها على الأمن القومي”.

فيما ذكرت وكالة أسوشيتد برس قبل أيام أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتصلتا بمسؤولين حكوميين كبار في السودان والصومال وإقليم “أرض الصومال” غير المعترف به٬ لمناقشة نقل سكان غزة إلى أراضيهم. وبحسب هذا التقرير، أفادت مصادر في السودان برفضها عروضاً من الولايات المتحدة، بينما نفت مصادر رسمية في الصومال وأرض الصومال علمها بمحاولات للتواصل معهما بشأن هذه القضية. وأصدرت الصومال لاحقاً بياناً ترفض فيه أي عرض ينتقص من حق الشعب الفلسطيني في العيش في وطنه وعلى أرضه.

وكانت هيئة البث العبرية (رسمية)، قد كشفت قبيل عودة الحرب على غزة٬ بأيام٬ النقاب عن مباحثات تجريها الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” من أجل إقامة “صندوق لتمويل مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة”. وقالت الهيئة إن الإدارة الأمريكية وتل أبيب “تجريان حالياً اتصالات للتوصل إلى اتفاق بشأن استقبال سكان قطاع غزة الراغبين في الهجرة، إلى جانب بحث سبل تمويل مشروع التهجير”، على حد ادعائها.

بحسب هيئة البث الإسرائيلية فإن المشروع “ستقدر ميزانيته بمليارات الدولارات”، مدعية أن “اتصالات تجرى أيضاً مع دول عربية للتوصل إلى اتفاق لهذا الشأن”. لكن في المقابل، لم تشر الهيئة العبرية إلى أي دولة قبلت تهجير الفلسطينيين إليها حتى الآن، كما لم تذكر الدول التي ستوافق على تمويل هكذا صندوق في ظل الرفض الدولي للتهجير.

ما يفعله الجيش الإسرائيلي في غزة يتوافق مع خطط ترامب

في السياق٬ يقول يوسي ميلمان الكاتب في صحيفة هآرتس إنه “لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لاستئناف إسرائيل للحرب على غزة”٬ وأضاف في مقال له: ماذا سيحقق الهجوم الجوي الشامل، والمزيد من الدمار، والقضاء على عدد من قادة حماس ذوي الرتب الدنيا؟ دعونا نأمل ألا يكون ذلك مرتبطًا بأحلام ترامب ومشروعه “ريفييرا غزة”!”

يقول ميلمان٬ “من المؤكد أن استئناف الحرب لن يُعيد الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم. بل على العكس، يُعرّض للخطر 22 شخصاً آخرين، من الذين ما زالوا على قيد الحياة، وسيُعقّد بشكل أكبر عودة جثث 37 إسرائيلياً محتجزين في غزة”.

ويضيف الكاتب الإسرائيلي إنه “بعد حوالي 16 شهراً من القتال، ثمة شعورٌ بالتكرار، بل تكرارٌ للأحداث نفسها: مزيدٌ من الاغتيالات، لكن هذه المرة طالت قادةً في الصف الثاني من حماس والجهاد الإسلامي.. عمليات الاغتيال، التي تُولع بها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وقوات الجيش وتعتبرها غايةً في حد ذاتها، مُوجّهةٌ في المقام الأول ضد القيادة المدنية لا العسكرية٬ على افتراض أن ذلك سيُعجّل بسقوط حكم حماس… لذلك يصعب إيجاد أي مبرر لقرار تجديد الحرب. ومن أي منظور، هذه حرب اختيار. ليست حرب بقاء، بل حرب سياسية، نتجت عن دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأعمى لإسرائيل ونتنياهو”.

ويرى ميلمان الذي يعد من أشهر الكتاب الإسرائيليين المختصين في شؤون الاستخبارات والأمن القومي٬ أن “التبرير الديماغوغي والكاذب الذي ساقه نتنياهو لشن الحرب هو أن حماس رفضت إطلاق سراح الأسرى٬ وبالتالي يجب توجيه ضربة نهائية لها.. لكن أهدافه الخفية هي تسهيل عودة إيتمار بن غفير إلى الائتلاف الحاكم٬ ومواصلة إضعاف المؤسسات التقليدية في إسرائيل وإقصاء حراسها من جديد مثل الشاباك.. وتهدف عودة الحرب أيضاً إلى رفع صورة رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي الجديد، الفريق إيال زامير ، باعتباره “قائد حرب”، وجنرالاً عدوانياً٬ كما طالب أن يكون الوزير الذي عينه، إسرائيل كاتس، ووزراء يمينيون آخرون.

في الوقت نفسه٬ يقول ميلمان٬ إن إذا تطور غزو بري واسع النطاق لقطاع غزة، فقد يكون هناك هدف أكثر سريّة: إثارة رد فعل متسلسل، وإلحاق دمار هائل بغزة يؤدي في النهاية إلى تطهير عرقي أو تهجير جماعي. وفي هذا السيناريو، لن يتمكن مئات الآلاف من سكانها من العيش على أرضهم، ولا حتى في مخيمات أو ملاجئ مؤقتة٬ هؤلاء سيتجاهلون التحذيرات ويندفعون نحو الحدود المصرية وسيناء”.

ويختتم الكاتب الإسرائيلي مقاله بالقول إنه “إذا كان أحد في إسرائيل قد فكر في مثل هذه الفكرة الوحشية، فإنها تتوافق تماماً مع خطة ترامب لترحيل 2.2 مليون من سكان غزة إلى مصر والأردن، ولإفساح المجال لمشروع “ريفييرا غزة”.

نتنياهو يهدف إلى تغيير كل قواعد اللعبة في غزة بدعم كامل من ترامب

من جانبه٬ يقول المحلل الإسرائيلي عاموس هاريل إن “إسرائيل تُخفي نوايا الحكومة والجيش الحقيقية من عودة الحرب في غزة، وفي الوقت نفسه يجري الجيش الاستعدادات لعملية عسكرية واسعة النطاق لاحتلال غزة”٬ على حد تعبيره. مضيفاً أن عائلات الأسرى الإسرائيليين تلقوا انطباع بأن المفاوضات لإعادة أبنائهم متوقفة تماماً حالياً، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا ينوي الضغط على حليفه نتنياهو لاستئناف المحادثات بشأن صفقة أو وقف الحرب.

وبحسب هاريل٬ يبدو أن ترامب على استعداد لدعم نتنياهو إذا قرر إطلاق عملية برية واسعة النطاق، في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة في وقت سابق من هذا الأسبوع، والتي أدت إلى انهيار وقف إطلاق النار.

ويضيف الكاتب الإسرائيلي أن حكومة نتنياهو تُخفي حالياً نواياها الحقيقية فيما تفعله بغزة. وفي انتظار تطورات محتملة في المفاوضات، وهي غير مؤكدة، تجري الاستعدادات لعملية واسعة النطاق لاحتلال غزة واستعادة السيطرة الإسرائيلية الكاملة. وسيحدث هذا في الوقت الذي يدفع فيه التيار اليميني المتطرف الذي يقود الحكومة نحو إعادة المستوطنات والتهجير القسري للفلسطينيين من القطاع، وتصوير ذلك على أنه “هجرة طوعية”، بدعم من كامل ترامب.

وبحسب هآرتس٬ يستعد الضابط رفيع المستوى في جيش الدفاع الإسرائيلي، هو عوفر وينتر، بنشاط لإنشاء إدارة عسكرية لتشجيع الهجرة من غزة إلى دول مختلفة٬ تحت قيادته. وكتب الصحافي أميت سيغال ، المطلع على الدائرة الداخلية لنتنياهو، في عموده بصحيفة يديعوت أحرونوت يوم الجمعة الماضي أن “نتنياهو يهدف إلى تغيير كامل لقواعد اللعبة في غزة”، بدعم كامل من ترامب.

عربي بوست

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى