هل عاد الدور السعودي في المنطقة إلى التراجع؟ (ماهر الخطيب)

 

ماهر الخطيب

قبل أشهر قليلة، كان الحديث عن عودة معظم الملفات الإقليمية إلى يد الإدارة السعودية هو الحدث الأبرز على الساحتين الإقليمية والمحلية، لا سيما أن الرهان كان كبيراً على هذا الدور من أجل المساعدة في إيجاد حل للأزمة السورية، وفي إنهاء حالة المراوحة على الساحة اللبنانية، لكن هذا الأمر لم يحصل، لا بل ان الأزمة في البلدين تفاقمت خلال هذه الفترة إلى حد بعيد.
في الوقت الراهن، بدأ الحديث عن تراجع الدور السعودي الإقليمي بسبب الفشل في تنفيذ ما هو مطلوب منه بالدرجة الأولى، وبسبب الرهان الجديد على نجاح التسوية الأميركية-الإيرانية في معالجة مختلف الأزمات القائمة بالدرجة الثانية، الأمر الذي دفع باللاعب السعودي إلى السعي لعرقلة ما يحصل عبر ممارسة الضغوط.

 السعودي لم ينجح في تنفيذ المهمة

لم ينجح السعودي في تحقيق المهمة التي كانت مطلوبة منه في وقت محدد، بحسب ما بات معلوماً. كان من المفترض أن يساهم في تخفيف حدة الإحتقان على الساحة اللبنانية التي تحظى بغطاء دولي يمنع الإنفجار فيها، بالإضافة إلى إحداث تغيير نوعي في موازين القوى على الساحة السورية، لا سيما بعد التقدم الذي كان يحرزه الجيش السوري على أكثر من صعيد.
وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة، في حديث لـ"النشرة"، أن الجانب السعودي طرح معادلات لم تكن قابلة للتطبيق، حيث سعى إلى حصر الدعم العسكري لقوى المعارضة السورية المسلحة بـ"الجيش السوري الحر"، عبر هيئة الأركان برئاسة اللواء سليم إدريس من خلال الحدود الأردنية-السورية عبر منطقة درعا، وتشير إلى أنه من أجل ذلك تم تقديم الكثير من المساعدات إلى الكتائب المقاتلة على هذه الجبهة، لكنها تلفت إلى أن هذا الأمر لم ينجح في وقف تقدم الجيش السوري على أكثر من جبهة أخرى، بالإضافة إلى أنه أدى إلى حصول الكثير من الخلافات داخل قوى المعارضة المسلحة التي وقعت الحرب في ما بينها، بسبب شعور بعضها بأن هناك حرب الغاء تشن عليه، ما أدى إلى المزيد من الإنقسام في صفوفها ساهم إلى حد بعيد في تخفيف الضغط عن النظام.
على الصعيد اللبناني، ترى المصادر نفسها أن الجانب السعودي، بعد دعمه ترشيح النائب تمام سلام لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، الذي ترافق بالإنفتاح على قوى الثامن من آذار، لا سيما "حزب الله"، عاد إلى طرح معادلات هو يعلم أنها غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، خصوصاً تلك التي تطالب باستبعاد الحزب عن التشكيلة الحكومية، الأمر الذي عرقل الأزمة بدل أن يساهم في حلها، في حين أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية أكدت في أكثر من مناسبة أن لا مانع لديها من مشاركة الحزب في الحكومة، وهو ما دفع برئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط إلى التخلي عن صيغة 8-8-8 وتبني صيغة 9-9-6.

السعودي يعاند التسوية الكبرى

على صعيد متصل، تبدلت الكثير من المعطيات في الفترة الأخيرة التي لم تصب لصالح الدور السعودي، لا سيما بعد الإتفاق الروسي الأميركي حول السلاح الكيميائي السوري الذي أدى إلى إلغاء فكرة توجيه الضربة العسكرية، بالإضافة إلى التقارب الأميركي الإيراني الذي فتح المجال واسعاً أمام تسويات من النوع الكبير.
وفي هذا الإطار، ترى المصادر المطلعة أن الجانب السعودي بدأ بالإضطراب منذ ذلك الوقت، حيث كان لديه رهان كبير على الضربة العسكرية لسوريا من أجل مساعدته في تغيير موازين القوى على الأرض، إلا أنها تعتبر أن التقارب الأميركي الإيراني كان بمثابة الضربة الكبرى التي تعرض لها، خصوصاً أن نجاح هذا التقارب في الوصول إلى نتائج ملموسة سوف يؤدي إلى تراجع الإعتماد عليه على أكثر من صعيد.
وفي الوقت الراهن، يسعى الجانب السعودي، من وجهة نظر المصادر المطلعة، إلى التصعيد والعرقلة من خلال المواقف التي يتخذها بالنسبة إلى معظم القضايا المطروحة على بساط البحث، لا سيما على صعيد التحضيرات القائمة لعقد مؤتمر جنيف الثاني، بالإضافة إلى رفضه العضوية الموقتة في مجلس الأمن الدولي، ناهيك عن عدم تسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة.
وتشدد المصادر نفسها على أن الإستمرار السعودي على هذا المنوال قد يؤدي إلى أضرار جسيمة على دوره، خصوصاً في حال النجاح بالوصول إلى مرحلة التسويات، وتلفت في هذا السياق إلى عودة الدور القطري إلى الواجهة من جديد من بوابة حل أزمة المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، الذي يترافق مع تغيير في النبرة القطرية في الموقف من العديد من القضايا.

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى