هل نحن أمام حربٍ “ترامبية” في منطقتنا ؟
بمجرد تصفُّحنا المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل هذه الأيام يصادفنا كم هائل من التوقعات بإمكانية أن يَشُن ترامب المهزوم حرباً على إيران ليُربك الإدارة الجديدة ويسلمها فوضى شاملة.
هذا التوقع يتناقله السبَّاقون هذه الأيام إلى نشر الأخبار بحيث لا تخلو منه مِنصًّة من دون تَمَعُّن أو تحليل.
فهل نحن فعلاً على أبواب حربٍ يشَنها الأمريكيون في المنطقة ؟
لا بد من الإشارة أولاً إلى أننا لسنا نَتَنَبَّأ أو نأتي بخبرٍ يقين، إنما الكلام بناءً على تحاليل وأُسُس وما قد يتوافر من مُعطيات.
خصوصاً أننا نتعامل مع ترامب ومَن معه ووراءه من أشخاص غيرُ أسوياء كما لمسَ العالم خلال هذه السنوات لخروجهم في تصرفاتهم عن الأصول والأعراف والمنطق.
فمع إحتمال شن حربٍ فعلية من ترامب وإدارته وهذا أمرٌ وارد إلا أننا نقف عند الأمور التالية :
1_ إن العوامل التي كانت تمنع نشوب الحرب خلال السنوات الأربعة الماضية وهي فكرة حاضرة ومتوقَّعة لم تزل كما هي.
2_ كذلك عوامل عدم نشوب حربٍ في المنطقة نتيجة جملة معطيات ما زالت أيضا قائمة، ومنها قوة وجديَّة وصلابة الجمهورية الإسلامية وبأس حزب الله وأذرُع حلف المقاومة الذين يزدادون حضورا وتأثيرا يوما بعد يوم.
3_ لا يمكن للإدارة الأمريكية أن تشن حرباً بمعزل عن تداعيات إلزاميَّة على قاعدتها الأساسية المُسَمَّاة “إسرائيل”.
فأية ضربة أكانت بمشاركة الكيان الصهيوني أو من دونه سوف يدفع هذا الكيان الثمن ومباشرةً ومن دون تَلكؤ.
4_ لم تُشن حربٌ في تاريخ المنطقة الحديث إلا وكان مُخطط لها لكي تُنجز بسرعة وأن تكون مضمونة النتائج.
أما اليوم فكل المعطيات تغيرت رأساً على عقب.
5_ إن القواعد العسكرية التي سوف ينطلق منها الهجوم، والموزعة على العديد من بلدان المنطقة، سوف تُدخل هذه البلدان حرباً وواقعاً غير مألوفٍ من قبل، إلى درجة قد تؤدي إلى فوضى شاملة وانقلاب مجتمعات بكاملها، وتغيُّرات أخرى غير محسوبة.
6_ هل يوافق الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، ومَن خلفه، على فوضى عارمة تُستقبل بها فترته الرئاسية في أخطر منطقة من العالم، ما سوف بنعكس على إدارته مباشرةً؟
وهل يُعقل أن قوى الداخل الأمريكي بشبكة مصالحه المترامية واللوبيات المُعادية للجمهوريين أن تترك أو تسكت عن مثل هذه الخطوة المجنونة لحربٍ شاملة سوف تخلط أوراق المنطقة رأساً على عقب؟
7_ مهما كانت خسائر محور المقاومة من الجمهورية الإسلامية ومَن معها لكنها لن تكون بفداحة ما سوف يقع على المحور المعادي الممتد من الخليج إلى كل بلاد الشام، فأواسط آسيا والذي سوف يواجه حالةً غير مسبوقة في كل تاريخه.
8- ولن ننسى أن العالم يعيش أزمة كورونا والتي دخلت إلى كل دولة ومدينةٍ ومنطقة.
وأميركا لها نصيبٌ منها لا يُستهان به فأثناء كتابة هذه الكلمات زاد عدد المصابين فيها عن 10,9 ملايين وأكثر من 248 متوفى وبمعدل 160 ألف إصابة يوميا.
وهذا له حسابه في أية خطوة مجنونة .
ما تقدَّم هو مجموعة آراء تستحق التوقف عندها، علماً أن كل شيء وارد وممكن كما أسلفنا.
لكن التحليل والتوقع، وعدم التأثر كما هو السائد بالخلط بين الأخبار الحقيقية والمنطقية والأخبار الكاذبة والمدسوسة والمُتعمَّدة و«المدفوشة»،يجعلنا نطرح التياؤلات والفرضيات الواردة أعلاه.
صحيفة الأخبار اللبنانية