هل نعتذر لقصي خولي ؟!!

 

خاص بباب الشرق

في الأسبوعين الماضيين أنشغلت المواقع الإلكترونية وبعض الصحافة الفنية بما نقل عن زوجة قصي الخولي من هجوم على زوجها و تهديده. وتبين عبر كل ذلك ، شهية الصحافة الإلكترونية و هوسها بإسلوب الفضائح. و جرى ترويج الخبر و كأنه فضيحة تم كشفها، و لكن للأمر وجوه أخرى.

الظاهر مما نشر  أن زوجة الخولي غاضبة, لسبب ما,  فشت خلقها و صرحت بما صرحت به, و مع إحترامنا لمشاعر الزوجة, مهما كان سبب غضبها و ثورتها، فإننا نذكر أن مشاكل الأسر والزوجات مع الأزواج أمور عادية، و من طبائع الحياة في إطار الأسرة خاصة إذا كان أحد الأزواج نجم كبير و مشهور، و له معجبين و معجبات، ولعمله  طبيعة لا تريح أي زوجة مهما كانت. و إذا كان للزوجة الحق بالغضب لأمر ما، فهل للصحافة أن تستغل غضبها لتفتعل ما يوحي بفضيحة؟؟ و ما نشر لا يستوفي شرط الخبر، لأن التصريح من طرف واحد دون التحقق من الحقيقة وراء تصرف الزوجة، ودون الحصول على رد الطرف الآخر، حتى عندما أوضح قصي القضية بقوله أنه يعالج غيرة زوجته بالإحتواء، مؤكداً أن لحظة ولادة إبنه كانت أهم لحظة في حياته، لم يروج رده بالقدر الذي روج به غضب الزوجة. بل تم تجاهله نسبياً  وهذا يؤكد أن البحث عن فضيحة هو ما حرك القضية من الأصل.

قد يقول قائل، أن قصي نجم مشهور، و أخباره الشخصية تهم المتابع، و هذا صحيح جداً بشرط أن يكون  مستوفياً لشروط الخبر، و الشرط المهم ألا تكتفي هذه الصحافة بالفضائح و شيطنة نجم كشكل من أشكال النميمة المثيرة. والأهم ألا تقتصر على أخبار تعاقد هذا الفنان أو ذاك على عمل جديد. بل على صحافة هذا العصر تقديم معنى أي خطوة يقوم بها الفنان سواء في أعماله ، أو في حياته الشخصية، و بذلك نقدم صحافة خفيفة و طرية و تحمل جوهر معنى الفن الثقافي، و هذا يحتاج إلى كفاءة ثقافية و صحفية جيدة، و ربما الذهاب إلى الفضائح أسهل و أقرب إلى سخف النميمة التي تسوق على هذا الأساس. و إذا بقيت بموضوع قصي الخولي، فهل سعت هذه الصحافة لمتابعة تطور و إرتقاء الأداء الفني لدى قصي؟؟ هل قدمت هذه الصحافة أي مادة تعرف المتلقي على نوعية الأداء الفني الذي يؤديه قصي؟ و ما هي العوامل التي طورها أو ارتقى بها أو تراجع عنها أو كررها؟؟ هذا هو الجوهري في الصحافة الفنية. أما الأخبار الشخصية فهي المواد المكملة للجوهري، و إذا حل المكمل محل الجوهري، صرنا أمام صحافة مشوهة.

بهذه المناسبة، فإنني من خلال متابعة قصي وأعماله و أداءه، لاحظت أنه من من الممثلين القلائل الذين يمتاز مسارهم الفني بتطور مدروس، و إرتقاء مهني واع و عميق. و لو تذكرنا أداؤه في مسلسله الأخير( خمسة و نصف) فلا بد أن نعترف أنه قدم فيه شخصية مركبة معقدة صعبة و أستطاع أن ينقل للمشاهد شحنات شخصيته المتناقضة بين الداخل النفسي المبيت، و بين الظاهر المكشوف الممارس, وبين العاشق المحب والحاقد المنتقم، مع المحافظة على أناقة الأداء و شحناته اللافحة، الأمر الذي جعل قصي يرتقي إلى أداء نجوم هوليوود المبدعين . . . . كان من حق قصي على الصحافة و النقد والثقافة أن تقف عند أدائه و فنه، و أن تقييمه بما تراه وبما يستحقه، لا أن تقصر بوظيفتها باللهاث وراء غضب زوجة نتمنى لها راحة البال و السعادة.

قصي الخولي،  بفنه و تطوره الإبداعي و إرتقاء أدائه للعالمية، هو أحد عناصر القوة الناعمة السورية، إلى جانب النجوم الآخرين، من أمثال سلوم حداد، وأيمن زيدان، ورشيد عساف، وتيم حسن، وباسل خياط، وعابد فهد، وعباس النوري، وكذلك بسام كوسا، فادي صبيح، جمال القيش، والقديران علي كريم و عبد الفتاح المزين وغيرهم . و بالتوازي مع النجمات سلافة معمار، أمل عرفة، كاريس بشار، صفاء سلطان، نسرين طافش، كندة حنا، ديمة قندلفت، رواد عليو، و الصاعدة هيا مرعشلي، والقديرتان سلمى المصري و فادية خطاب وغيرهن. و قبل كل شئ الأيقونتان المبدعتان دريد لحام و منى واصف. و الكثير الكثير غيرهم في الداخل و الخارج، موال أو معارض . . . و أنا تقصدت ذكر هؤلاء كلهم لأذكر  كم نمتلك من عناصر الفن الدرامي المؤثر و المنتشر و المطلوب. و كلهم عناصر إبداعية في هذه القوة الناعمة السورية الحضارية الفاعلة، في زمن بلادة أوجه الثقافة الأخرى، و انفصالها عن وظيفتها كمؤثر في الجمهور ومقدر لذائقته في التلقي والتفاعل ومحترم لقضاياه الفردية والجماعية المعاصرة.

قصي الخولي، كما أعرفه، كريم في فنه وفي علاقاته وفي تعامله، و كريم في نسبه، حيث أن والده صحفي معروف و محترم في سورية، و لا يذكر إلا بالوطنية و التقدير. و لا يحق لأحد أن يشوه أياً من هذه الحقائق، أما عن إبداع و تفوق قصي في أدائه وفنه فهذا ما يلزم المهتمين بهذا النوع من القوة الناعمة أن يدرسه و يقييمه و يعطيه حقه.

و إذا كان للزوجة أن تغضب، فليس من حق أحد أن يستغل هذا الغضب، وأن يستعمله للإيحاء بفضيحة. خاصة عندما يكون المستهدف فناناً برقي و إبداع و كرم قصي الخولي.

فهل علينا أن نعتذر لقصي الخولي؟!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى