هل وتيرة التقدّم التكنولوجي أسرع من أن يواكبها البشر؟
هل باتت وتيرة التقدّم التكنولوجي سريعة جدّا لدرجة يتعذّر على البشر مواكبتها؟ هو سؤال ردّدته كلّ الألسنة هذا الأسبوع في دافوس، في ظلّ مخاوف من الانتشار السريع للبيانات وتطوّر الذكاء الاصطناعي والأتمتة الجارفة للمهن. وأتى الخطاب الأكثر تشاؤما من الملياردير جورج سوروس الذي أقام الخميس عشاءه السنوي الذي ينظّمه على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وهو قال “أريد أن ألفت الانتباه إلى الخطر الفتّاك … الناجم عن الأدوات الرقابية التي تضعها تقنيات من قبيل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في متناول الأنظمة القمعية”، في إشارة إلى النظام الصيني.
ومن مصادر القلق الأخرى، الخطر المحدق بالمهن إثر استيلاء الروبوتات عليها في عالم تتّسع فيه الفجوات الاجتماعية وتغذّي فيه مخاوف تراجع الرتبة الاجتماعية النزعات الشعبوية.
أريد أن ألفت الانتباه إلى الخطر الفتّاك … الناجم عن الأدوات الرقابية التي تضعها تقنيات من قبيل التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي في متناول الأنظمة القمعية”
وقال جان-فيليب كورتوا نائب الرئيس التنفيذي لـمايكروسوفت في تصريحات أن “كلّ الشركات، أكانت تعنى بمجال التكنولوجيا أم لا، تتحمّل مسؤولية كبيرة”. ولا بدّ، بحسب كورتوا، من إعادة توزيع إيرادات الاقتصاد الرقمي بطريقة أكثر مساواة.
فالشركات “تسيء تقدير الوتيرة المتسارعة للرقمنة والتغيرات السلوكية التي تفرض هذه الوتيرة وخصوصا هول الاختلالات المقبلة”، بحسب ما جاء في تقرير حديث نشرته مجموعة “ماكينزي” الاستشارية.
ولنأخذ مثلا القطاع المالي الذي “وضعت أركانه ليخدم أشخاصا يعملون بدوامات من التاسعة إلى الخامسة لصاحب عمل واحد، طوال مسيرتهم في أغلب الأحيان. فعندما تتغيّر طرق كسب المال، لا بدّ من تغيير طرق توزيعه وإدارته”، بحسب بيل ريدي المدير التشغيلي لشركة “باي بال” للمدفوعات.
واختارت شركة مايكروسوفت من جهتها أن تركّز على الحوسبة السحابية بعد أن أدركت أن بقرتها الحلوب، أي نظام تشغيل “ويندووز”، تفقد من قيمتها.
وفي كشك أرسي في الشارع الرئيسي في دافوس، تعرض الشركة الأميركية أشرطة فيديو لثورات طفيفة تتعهد بأن يجلبها الذكاء الاصطناعي. وأحد الأمثلة على ذلك “متجر المستقبل” المزوّد بأجهزة استشعار ترسل بلاغات لخدمة التنظيف فور وقوع علبة حليب على الأرض مثلا.
لكن من المهمّ أن تكون الشركات واضحة قدر المستطاع بشأن الأهداف التي تبغى تحقيقها، في ظلّ التوتّرات التي تثيرها الابتكارات التكنولوجية مع رواج سيارات الأجرة عند الطلب وتداعيات “اير بي ان بي” على قطاعي الفنادق والعقارات.
وتيرة الثورة الصناعية الرابعة تفوق كلّ التوقعات، بحسب مراد سونميز الخبير في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يشرف على اجتماعات دافوس ويعدّ أيضا عددا من التقارير والتحاليل. وهو لفت إلى أن “الشركات والحكومة متأخرة في هذا المجال وهي تبقى عالقة مكانها”.
وكثيرة هي الرهانات التي تواجه الدول، من قبيل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المسارات السياسية وسرّية البيانات الشخصية والأنظمة الضريبية المعتمدة في شركات التكنولوجيا العملاقة.
وقد انتهزت شيريل ساندبرغ ثاني كبار المسؤولين في فيسبوك مشاركتها في دافوس لتحاول تلميع صورة المجموعة التي تلطّخت إثر فضيحة كامبريدج أناليتيكا. وهي قالت خلال لقاء نظمّته مجموعة “دي تسايت” الألمانية “لم نستبق كل المخاطر المنوطة بوصل هذا العدد الكبير من الأشخاص فيما بينهم. ولا بدّ من استعادة الثقة”.
أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، فهي دعت من منبر دافوس المنظمات المتعددة الأطراف، مثل منظمة التجارة العالمية، إلى إدارة مسألة تدفق البيانات.
وتعهد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي من جهته بوضع هذه المسألة في قلب أولويات رئاسة مجموعة دول العشرين.
ميدل إيست أونلاين