هل يفهم الغرب أن الحل عند الصين وأن حصارها إشعال للنار في ثيابه؟!!
تفرض الحرب في أوكرانيا على القوة العظمى إعادة النظر في استراتيجيتها. هكذا يرى الكثير من المراقبين. ولفحص هذه الرؤية يمكننا النظر إلى استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الصين. فهل مازالت الأولوية الأمريكية تركز على (حصار الصين) في تحالفات أطلسية مثل (أوكوس) مع بريطانيا واستراليا، و(كواد) مع اليابان والهند واستراليا. أم باتت الأولويات الاستراتيجية متغيرة بفعل إقدام بوتين على حصر الناتو بعيداً عنه وجعله يصرخ معلناً انه لن يدخل الحرب ضد روسيا.؟؟! وكيف سيتعامل الغرب الأمريكي الأطلسي مع الصين بعد كل ذلك؟؟!
حتى الآن تلعب الصين بحكمة بالغة دورها في حفظ العالم بعيداً عن الحريق الكبير الذي يسميه بايدن (الحرب العالمية الثالثة)، ورغم أن الصين تؤكد رفضها للحرب إلا أنها تعلن تفهمها للهواجس الأمنية الروسية وتدين توسع الأطلسي شرقاً. وهذا الموقف الصيني المتوازن يجعل من بكين الأكثر تأهيلاً للعب دور وساطة بين روسيا والغرب. وقد بدأت ملامح طلب غربي من الصين للقيام بهذه الوساطة تتضح مما قالته الخارجية الإيطالية حول مثل هذه المساعي قبل أيام، أي أن الصين انتقلت من عدو الغرب رقم واحد إلى معينها على إنهاء أخطر أزمة تواجه الأطلسي. فهل يمكن لصناع القرار الغربي تجاهل هذه الحقيقة؟؟ وهل يجوز لهم التعامي عن مفاعيل مثل هذا التجاهل على أمنهم واستقرارهم؟؟!
بعيداً عن فلكلوريه التحذير الغربي للصين بعدم إقدامها على مساعدة روسيا فإنه من الواضح أن قيام الغرب بقيادة أمريكا بأي إجراء لمحاصرة الصين سيدفعها إلى نصرة الحليفي الروسي الأقرب. وهكذا يكون الغرب بقيادة أمريكا قد عمل على إحراق العالم عبر إشعال النار بثيابه أولاً لأن القوة والحضور الصيني الاقتصادي والعسكري سيجعل من عقوبات أمريكا الاقتصادية ضدها سماً لحياة الأوروبيين والأمريكيين معاً، كما أن انضمامها الواضح لروسيا سيجعل الغرب يقع في مصيدة حرب لا يعرف نتائجها أحد والكل متأكد أنها مدمرة للجميع.
وبغض النظر عن استغراق قمم الناتو والاتحاد الأوروبي ودول السبع في الأسبوع الماضي في البحث عن زيادة حصار روسيا ومراكمة عوامل استمرار الحرب الاوكرانية، فإنه ليس للعالم اليوم إلا الصين لتحقيق تسوية بين روسيا والغرب. ولابد لمجالس الأمن القومي الغربية، وأولها ذاك الواقع في البيت الأبيض، البحث في تفعيل الدور الصيني لاستعادة الاستقرار في أوروبا والعالم. أما حصارها و تهديدها فهو كفعل المجنون الذي يلعب بالنار بإشعالها في ثيابه.