هل يكون البرغوثي الرئيس الفلسطيني القادم؟.. وهل سيقلب عباس الطاولة في لحظاته الأخيرة؟
من بعيد عاد اسم الأسير داخل السجون الإسرائيلية، والقيادي البارز في حركة “فتح” مروان البرغوثي، ليتصدر المشهد الفلسطيني، بعد معلومات وأخبار تُنشر ستقلب الطاولة الفتحاوية وتبعثر كل أوراق طامحي الجلوس على كرسي رئاسة السلطة الفلسطينية، خلفًا للرئيس محمد عباس “أبو مازن”.
فبعد أن كانت بورصة الأسماء المُرشحة لهذا المنصب محصورة بين مدير جاهز المخابرات الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، رغم أن الكفة مرجحة كثيرًا لمصلحة الأخير، إلا أن عودة اسم البرغوثي ليُزاحم الأسماء المطروحة جاءت كالصاعقة وبعثرت الأوراق الفتحاوية وكذلك الإسرائيلية.
وتبدي المحافل الإسرائيلية اهتماما لافتا بالتطورات الداخلية للسلطة الفلسطينية، ومعركة خلافة محمود عباس، وسط خشية من خروج الأوضاع عن السيطرة في الضفة الغربية المحتلة، مع تصاعد أعمال المقاومة وعدم مقدرة الأجهزة الأمنية للسلطة على مواجهتها.
والصراع داخل السلطة تفاقم مؤخرا بسبب الحالة الصحية للرئيس أبي مازن محمود عباس، والتفكير في بديل عنه.
الأسير مروان البرغوثي الغائب الحاضر، ولا أحد يستطيع التشكيك بشعبيته الجارفة في الشارع الفلسطيني، وبين قواعد فتح، وفي الانتخابات التي تأجلت كان اسمه الأكثر منافسة للرئيس أبو مازن.
الإعلام العبري فتح هذا الملف “الحساس”، فقالت مصادر مطلعة في حركة فتح لقناة i24news إن الرئيس عباس يسعى إلى مصالحة بين قيادة فتح الحالية وبين أقطاب معسكر الأسير مروان البرغوثي داخل الحركة.
–المرشح الأوفر حظًا
وأضاف المصدر أن الرئيس عباس أوضح أن مروان البرغوثي قد يكون المرشح الأفضل لإعادة فرض الملف الفلسطيني على اجندة المجتمع الدولي، وأنه يتمتع بدعم غالبية قطاعات وتيارات الحركة بما فيهم تيار القيادي محمد دحلان.
وقال المصدر ذاته نقلا عن بعض القيادات الأمنية المقربة من الرئيس الفلسطيني والتي طرحت من قبل جهات إسرائيلية وأمريكية كمرشحه لخلافته باتت تفهم أن لعبة الأسماء الإسرائيلية لم تعد ذي صلة مع الواقع الفتحاوي والفلسطيني.
ورجح المصدر في حديثه أن يقبل هؤلاء الذين رأوا بأنفسهم مرشحين محتملين بالواقع وبدأوا باتصالاتهم مع المحسوبين على تيار البرغوثي.
ورأى المصدر أن اختيار البرغوثي يحظى بإجماع شعبي حوله وقد يضع إسرائيل في الزاوية في كل ما يتعلق بمسيرة الأسير ذاته ومستقبل العلاقة مع الجانب الفلسطينية والقضية الفلسطينية.
وخلص بان مروان البرغوثي هو العنوان القادم بعد مرحلة الرئيس عباس وبإجماع كل التيارات داخل الحركة مشيرا إلى أن حركة “حماس” تتمتع بعلاقات جيدة مع البرغوثي وستتعامل مع هذا الطرح الفتحاوي بجدية.
وبداية العام الجاري كشف تسجيل صوتي نشرته وكالة “شهاب” المحلية، عن حالة من الغضب تعتري حسين الشيخ، خلال حديثه في التسجيل، حين اتهم الرئيس عباس، بإحداث حالة من الفوضى، وتهجم عليه وعلى رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، بألفاظ نابية.
وذكر الشيخ في التسجيل أن عباس ذاهب باتجاه تعيين محمود العالول لخلافته في حركة فتح، مستدلا على ذلك بتكليف أبي مازن للعالول وعزام الأحمد في أحد الموضوعات المهمة، التي لم يذكرها.
وفي التسريب يقول الشيخ: “أنا بقلكم أبو مازن شريك بالفوضى، هو شريك فيها وله مصلحة في بقائها، ويؤسفني أن أقول هذا الكلام”.
وبعد ذلك علق وزير الشيخ، على التسجيل المسرب الذي نسب إليه مؤخرا، ونفى ما قيل في التسريب الصوتي، وقال: “لا أعرف من قام بتسريب التسجيل، وهدفه التشويش على الوضع الداخلي”.
– الشيخ وأحلام الرئاسة
وتابع: “لا أحب أن أصغر نفسي بالحديث عن التسريب الذي نسب إلي.. أبو مازن قائد ومعلمي وملهمي وأعتز بالعمل معه، وهذه العلاقة ليست محل تشكيك والتسريب زوبعة في فنجان”.
وأشار إلى أنه لم يحدث هناك اجتماع مع الرئيس وبين أعضاء من المركزية حول التسجيل المفبرك.
وشدد على أن الرئيس الفلسطيني القادم سيأتي عبر صناديق الاقتراع، وأن الشعب هو صاحب القرار، “ولن يكون عبر قرار دولي وإقليمي أو من خلال دبابة إسرائيلية”.
وحذّر تقرير دولي نشر في شهر فبراير من العام الجاري من أنّ معركة خلافة الرئيس عباس البالغ 87 عاما قد تتسبّب بـ”احتجاجات شعبية وقمع وعنف، وربّما انهيار السلطة الفلسطينية”.
ورأى التقرير أنّ إجراء “انتخابات وفق أسس قانونية” يعتبر أفضل سيناريو لكن يبقى هذا الاحتمال “الأقلّ ترجيحاً”.
وبعد وفاة ياسر عرفات في أواخر 2004، ترأّس عباس حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وانتُخب في كانون الثاني/ يناير 2005 رئيساً للسلطة الفلسطينية.
وأشار التقرير إلى أنّ عباس “أفرغ المؤسّسات والآليات الفلسطينية من مهامها فيما هي مخولة اتخاذ قرار بشأن من سيخلفه”، لذا أصبح “من غير الواضح من سيخلفه وبأي طريقة سيتم ذلك”.
ولم يتوجّه الفلسطينيون إلى صناديق الاقتراع منذ 2005 أي منذ ترأس عباس السلطة. وبعدما أعلن عن تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في 2021، عاد عباس عن هذا القرار مبرّراً ذلك برفض إسرائيل السماح بإجرائها في القدس الشرقية.
وعزا محللون خطوة عباس إلى خشيته من تراجع شعبية حركة فتح التي يتزعّمها وتصدّر حركة حماس التي تحكم قطاع غزة.
ويسود الخوف من وفاة الرئيس عباس الذي تقدم في العمر ودخل إلى المستشفى مرات عدة خلال الأعوام الماضية مع عدم وجود نائب له في ظل حل المجلس التشريعي الفلسطيني وغياب التوافق حول إجراء انتخابات في عهده.
ويقول ناصر القدوة القيادي السابق في “فتح” قبل أن تفصله الحركة لفت إلى أن الفلسطينيين في “ورطة بسبب عدم وجود آلية قانونية دستورية تضمن انتقالاً سلساً للسلطة مع حل المجلس التشريعي وغياب المؤسسات الدستورية القوية وعدم وجود منظمة تحرير فاعلة وممثلة”.
ووضع القدوة في تصريح إلى “اندبندنت عربية” سيناريوهين لما بعد عباس، أولهما محاولة بعض الأطراف الدولية والإقليمية فرض عدد من الشخصيات لقيادة الفلسطينيين، مما سيؤدي، بحسبه، إلى “الفوضى والعنف والدم”.
أما “السيناريو الثاني والأمثل والأسهل”، فهو “الاتفاق بين مكونات الشعب الفلسطيني جميعاً على التوجه إلى الانتخابات بعد إنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس، وكذلك إنهاء الخلافات في فتح”.
وأشار إلى “وجود تحرك إقليمي دولي لإيجاد حلول في شأن خلافة عباس تضمن عدم انزلاق الأوضاع إلى الفوضى، في ظل تهاوي النظام السياسي الفلسطيني وتحكم شخص واحد بمفاصله كافة”.
وامام هذا التطور المفاجئ.. هل انتقم الرئيس عباس من فرج؟ وهل سيكون البرغوثي هو الرئيس القادم بلعبة المناكفات؟.. وماذا عن إسرائيل؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية