هل يمكن الإدمان على الحب؟
الجميع اختبر الحب الرومانسي في مرحلة ما من حياته، والغالبية الساحقة اختبرت ما ينتج عنه من معاناة وألم. مؤخراً بدأ مصطلح «الإدمان على الحب» يظهر بشكل متكرر، مصطلح أثار وما زال يثير الكثير من الجدل.
الحب بشكل عام يصعب تعريفه، فهو مجموعة من المشاعر، التي تختلف من شخص إلى آخر، وترتبط بنصف آخر تختلف صفاته الجاذبة من شخص إلى آخر. وعليه فإن المتغيرات المرتبطة به أكثر بكثير من الأمور الثابتة. لكن ما هو عام ومعروف أن الحب هو رابط عاطفي بين شخصين مختلفين أو متشابهين.
البحث حول الإدمان على الحب انطلق من واقع صعوبة التغلب عليه، وكيفية تعامل الدماغ مع المشاعر خلال العلاقة وخلال مرحلة الانفصال.
الحب من النظرة الأولى إدماني
تلتقي نظراتك بنظراتها، وفجأة يتجمد كل شيء، يخيل إليك أن العالم توقف وأن الوقت يسير ببطء شديد. لا ترى سواها ولا تختبر سوى تلك المشاعر الغريبة والجميلة التي تدغدغ قلبك. يخيل إليك كما لو أنك تعرفها منذ سنوات رغم أن كل ما قمت به هو تبادل النظرات معها للحظات.
هذا هو ببساطة الحب من النظرة الأولى الذي يعتبره البعض خرافة، أو على الأقل مشاعر مبنية على الشهوة والانجذاب الجسدي لا أكثر. وسواء كان حباً حقيقاً أو آنياً فإن الدراسات أكدت أن تأثير الحب من النظرة الأولى على الدماغ مماثل لتأثير الكوكايين.١٢ منطقة في الدماغ تعمل بتناغم تام خلال تلك اللحظات، وتبين أنها تؤدي إلى إفراز الدوبامين، الأوكسيتوسين، الأدرينالين، وفاسوبريسين.
الدوبامين هو مركز المكافأة في الدماغ وعدد كبير من المخدرات تعمل مباشرة على المناطق المسؤولة على إفرازه. أما الأوكسيتوسين فهو يلعب دوراً كبيراً في النشوات الجنسية والمشاعر الجياشة ومشاعر الأبوة والأمومة.
الحب إدمان نفسي وبيولوجي
لا يحتاج الأمر إلى خبير ليؤكد أن الحب هو إدمان نفسي بحيث يصبح الشخص يعتمد وبشكل كبير على الاستقرار العاطفي الذي يحصل عليه من الشريك أو الشريكة. كل من اختبر الحب يعلم أن المحافظة على العلاقة مع النصف الآخر تتحول إلى هاجس أحياناً، الهاجس الذي هو توصيف آخر للهوس من أهم أعراض الإدمان. العاشقان يفرحان عند رؤية بعضهما البعض، يحصلان على الرضا النفسي المؤقت، ثم يعود كل منهما إلى حياته وتتكرر التجربة. التكرار والرضا الناجم عنه من مؤشرات الإدمان أيضاً.
في المقابل وبعيداً عن الإدمان النفسي تبين أن الحب هو إدمان بيولوجي أيضاً. الدراسة انطلقت من واقع عدم تمكن البعض من المضي بحياتهم بعد الانفصال، وتبين أن الولع بشخص آخر له دعائم بيولوجية؛ إذ إن قضية الانفصال عن الحبيب تشغل مناطق محددة من الدماغ هي المسؤولة عن الإدمان. باختصار الدماغ يتعامل مع الحب مثل الإدمان، فهو بحاجة بشكل دائم إلى جرعات إضافية منه. في دراسة أظهرت صور مسح الدماغ نشاطاً كبيراً في المناطق المسؤولة عن المكافأة والتحفيز والإدمان والمناطق المسئولة عن الألم الجسدي عند رؤية صورة الحبيب.
النتائج هذه تقدم تفسيراً عن سبب الألم الكبير الذي يشعر به الأشخاص عند الانفصال عمن يحبون، كما تفسر عدم قدرة البعض على المضي قدماً، وحتى إقدامهم على تصرفات متطرفة كالانتحار.
الحب الرومانسي إدمان قوي ومذهل حين تكون الأمور على ما يرام، وعندما تتخذ العلاقة مساراً سيئاً يتحول إلى إدمان سيئ يجعل الشخص يختبر عوارض الانقطاع والألم الجسدي والاكتئاب والحزن. الحزن والتوق الشديد وعدم القدرة على التفكير بأي شخص آخر والشعور بالألم الجسدي والمعنوي جميعها من أعراض الإدمان.
إدمان يزول مع الوقت
الجملة التي لا يريد أي عاشق سماعها، وهي أن الوقت كفيل بشفاء القلوب المحطمة لكنها واقع عليهم تقبله، العلماء يؤكدون أنه كلما مر الوقت خف النشاط في مناطق الدماغ المسؤولة عن الشعور بالارتباط بالآخرين. كما أن المناطق المرتبطة باتخاد القرار والتقييم كانت نشطة جداً عندما عرضت صور الأحباء السابقين، ما يعني أن الدماغ يكتسب مع الوقت القدرة على الموازنة والتعامل مع الموقف.
علامات إدمان الحب
هناك بعض الدلائل التي قد تساعدك على حسم إن كنت من مدمني الحب أم لا.
– البحث الدائم عن علاقات عاطفية جديدة.
– في حال كنت في علاقة فإن هاجسك هو إرضاء الشريكة، وأكبر مخاوفك هو عدم رضاها عن علاقاتكما.
– الشعور بالوحدة رغم ارتباطك العاطفي، وهذا مرده إلى أن الدماغ بحاجة إلى جرعة مضاعفة من الحب؛ لأنه اعتاد على الجرعات الحالية.
– الشعور بالملل أو بخيبة الأمل بعد زوال المشاعر الجياشة التي تحصل خلال الفترة الأولى للعلاقة.
– عدم القدرة على العيش بلا حب.
– خيارك دائماً يكون امرأة تتطلب الكثير من الاهتمام.
– التخلي عن حياتك الاجتماعية والتركيز فقط على حياتك العاطفية.
– عدم القدرة على المضي قدماً في حياتك من دون من تحب.
– العودة مجدداً إلى علاقة فشلت مراراً وتكراراً، وسببت لك الكثير من الألم.