هل يواجه العالم «الظلام المناخي»؟

تحذير عالمي من فجوة خطيرة في رصد المناخ بعد تراجع التمويل الأميركي للأقمار الاصطناعية، ما قد يضع العالم في «الظلام» البيئي لسنوات.
في وقت تتسارع فيه الكوارث المناخية حول العالم، حذّر عالم المناخ بيتر ثورن من خطر «انقطاع البصر البيئي» إذا استمرت الولايات المتحدة في تقليص تمويلها لبرامج رصد الأرض بالأقمار الاصطناعية. هذا التحذير، الذي جاء في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»، يعكس قلقاً عالمياً واسعاً من فجوة قد تمتد عقوداً في البيانات الضرورية لفهم حالة الكوكب.
تراجع التمويل الأميركي… تهديد مباشر لدقة التوقعات
ثورن، وهو نائب مدير «النظام العالمي لرصد المناخ» (GCOS)، أوضح أنّ ما يحدث اليوم يُعد «المرة الأولى التي يتم فيها التخطيط لخفض قدراتنا على مراقبة الأرض، في الوقت الذي نحتاج فيه إليها أكثر من أي وقت مضى». فالولايات المتحدة لطالما كانت المموّل الأكبر والأقوى لبرامج رصد الكوكب، سواء عبر «ناسا» أو «الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي» (NOAA).
وبحسب ثورن، فإنّ الأنشطة المرتبطة بالنظام العالمي للرصد قد تتوقف تماماً مع نهاية عام 2027 إذا لم يُضخ تمويل إضافي، مشيراً إلى انخفاضٍ يُراوح بين 13 و16% في عدد بالونات الطقس في الولايات المتحدة، ما ينعكس مباشرة على دقة التوقعات ليس فقط محلياً، بل في أوروبا وآسيا أيضاً.
فجوة عالمية… لا بديل يعوّض ناسا
التحذير الأكبر يتعلق بالأقمار الاصطناعية نفسها. فوفقاً لثورن، إذا نُفذ نصف المقترحات الأميركية فقط، فإن «كل القدرات المستقبلية لرصد الأرض ستتقلص بشكل كبير»، بينما لا تملك أوروبا أو اليابان أو حتى الصين والهند برامج موازية قادرة على ملء هذا الفراغ.
هذا الغياب المحتمل يعني خسارة بيانات لا يمكن تعويضها، من درجات حرارة المحيطات إلى حركة الغيوم والعواصف وتطوّر ظاهرة النينيو، وهي عناصر أساسية للتنبؤات الموسمية والزراعية وقرارات الأمن الغذائي حول العالم.
البيئة أولاً: تداعيات تمسّ الحياة اليومية
البيانات التي قد نفقدها ليست مجرد أرقام. إنها الأساس الذي تُبنى عليه توقعات الطقس، والإنذارات المبكرة، وإدارة الكوارث، وخطط الزراعة المستدامة. ومع توقف نصف برنامج «أرغو» الأميركي، الذي يُعد العمود الفقري لرصد حرارة المحيطات، ستتراجع قدرة العالم على فهم الاتجاهات الحرارية التي تحدد مستقبل المناخ.
أما العوّامات المنتشرة في المحيط الهادئ، فهي ضرورية للتنبؤ بظاهرة النينيو التي تؤثر على أمطار أفريقيا وإنتاج الغذاء في آسيا، وعلى موجات البرد والحر في أميركا نفسها.
هل يتحرك العالم؟
رغم إطلاق دول أخرى لمهمات جديدة، يحذّر ثورن من أن أي فجوة قصيرة قد تترك البشرية في الظلام لسنوات طويلة. فالرصد المستمر هو ما يسمح بفهم التغيرات الدقيقة والمتسارعة التي يعيشها الكوكب.
صحيفة الأخبار اللبنانية



