هل يَشُن الجيش الإسرائيلي “ضربةً استباقيّة” إذا تجاوزت أعداد صواريخ “حزب الله” الدّقيقة “الخطّ الأحمر”؟
تَكثُر هذه الأيّام التّقارير الإعلاميّة التي تتحدّث عن تفاقم حالة الرّعب في أوساط الإسرائيليين شعبًا وجيشًا وحُكومةً، سواءً من جرّاء تطوّر القُدرات الدفاعيّة والهُجوميّة لأذرع المُقاومة، أو تسارع خطوات القِيادة الإيرانيّة العُليا بالتّخلّي عن النّهج القديم تدريجيًّا، وفكّ الارتِباط بالاتّفاق النووي مع الغرب، بوقف التّعامل مع المُفتّشين الدوليين أو بزيادة نسب تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمِئة مثلما هدّد السيّد علي خامنئي المُرشد العام قبل يومين.
لسنا نحن الذين نتحدّث عن حالة القلق والرّعب التي تسود الدولة العبريّة، وإنّما أهل بيتها، فالخميس قال الجِنرال عيران نيف قائد لواء أساليب القتال والحداثة في الجيش الإسرائيلي في حَديثٍ لصحيفة “إسرائيل هيوم” إنّه “إذا تجاوز “حزب الله” سقف كميّة أو نوعيّة الصّواريخ الدّقيقة التي في حوزته فهذا يعني حتميّة التّحرُّك ضدّه لأنّ هذه الصّواريخ تُشَكِّل ثاني أكبر تهديد لأمن إسرائيل بعد التّهديد النووي الإيراني”، وعندما نُحاول أن نبحث عن العدد المسموح به من هذه الصّواريخ، يتطوّع الجِنرال نيف بالإجابة بالقول إنّ السّقف الأعلى الذي يُشَكِّل خطًّا أحمر لا يَجِب السّماح بتجاوزه هو من 500 إلى 1000 صاروخ، ويُضيف بأنّ إيران لم تَعُد تُهَرِّب الصّواريخ إلى “حزب الله” وإنّما أجهزة “تحسين الدّقّة”.
الجِنرال إسحق بريك كشف قبل ثلاثة أيّام في مُقابلةٍ تلفزيونيّة أنّ هُناك طوقًا مُحكَمًا من 200 ألف صاروخ تُحيط بإسرائيل، من بينها مِئات الصّواريخ الدّقيقة، تكفي ثلاثة منها لإغراق البِلاد في ظَلامٍ دامسٍ لعدّة سنوات، وتتواجد هذه الصّواريخ في جنوب لبنان، وقِطاع غزّة، وشِمال اليمن، وغرب العِراق، علاوةً على إيران وسورية.
نحن لا نتحدّث عن صواريخ “الظّافر” و”القاهِر” في الستّينات من القرن الماضي التي كانت ترفع معنوياتنا، ونشتري مجلّة القوّات المسلّحة المِصريّة بانتظامٍ كُل آخِر أسبوع لمُطالعة صُورها ورؤوسها مُوجّهةً إلى فِلسطين المحتلّة، وإنّما عن صواريخ دمّرت فِعلًا المُنشآت النفطيّة لأرامكو في بقيق وجدّة، ووصلت إلى الرياض وينبع وقاعدة خميس مشيط الجويّة، ومطار أبها، وأصابت أهدافها بدقّةٍ مُتناهيةٍ، بعد أن فَشِلَت صواريخ الباتريوت الأمريكيّة بنُسخها الأحدث في التّصدّي لها.
الإسرائيليّون باتوا مِثل العرب يُهَدِّدون بالرّد، وتوجيه ضربات استباقيّة، ولكن في “المكان والزّمان المُلائمين”، ويبدو أنّ هذه العبارة التي كانت مَوضِع سُخرية من قِبَل أعداء محور المُقاومة انتقلت إلى الجِنرالات الأمريكيين أيضًا، حيث أكّدوا أنّهم سيَردُّون على الصّواريخ “المَجهولة” التي سقطت في فناء سِفارتهم في بغداد وأصابت قواعد عسكريّة ومخازن أسلحة في مطار أربيل الدولي، ولكن في المكان والزّمان المُلائمين أيضًا!
“حزب الله” يملك أكثر من ألف من الصّواريخ الدّقيقة، ولم تَعُد هذه الحقيقة سِرًّا، فالسيّد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله” أكّد هذه المعلومة أكثر من مرّةٍ، وحذّر القِيادة العسكريّة الإسرائيليّة بأنّ المُقاومة تملك آلاف الصّواريخ الدّقيقة القادرة على الوصول إلى كُل بقعة في “إسرائيل” من إيلات في أقصى الجنوب وحتى الناقورة في أقصى الشّمال، وبينهما حيفا وتل أبيب، وقال في خِطابه الأخير بمُناسبة يوم الشّهيد يوم 16 شباط (فبراير) الحالي بالحرف مُخاطِبًا الإسرائيليين بغَضَبِ الواثق “نحن لا نبحث عن مُواجهةٍ ولا عن حرب، ولكن إذا ضربتم مُدننا سنَرُد بضَربِ مُدنكم، وإذا استهدفتم قُرانا سنَضرِب مُستعمراتكم، وفي أيّ حَربٍ مُقبلةٍ ستُواجِه الجبهة الداخليّة ما لم تَعرِفه إسرائيل مُنذ قِيامها، ولا أحد يضمن أن لا تتدحرج الأيّام القِتاليّة المُقبلة إلى حربٍ واسعة لم يَبْقَ إلا أن يَختِم السيّد نصر الله تهديداته الصّريحة والقويّة هذه بالعِبارة الشّهيرة “والأيّام بيننا
صحيفة رأي اليوم الالكترونية