هل يُجنّب رئيس الوزراء اللبناني ميقاتي بلاده العُقوبات …
يُجمِع المُراقبون، أن تشكيل الحُكومة اللبنانيّة ما كان ليتم برئاسة نجيب ميقاتي، لولا دعم حزب الله وتسهيله، ومُوافقة قيادته على هذا التشكيل، وأقر أساساً ميقاتي بهذه الفرضيّة حينما قال بتصريحات تلفزيونيّة لشبكة “سي إن إن” بأن الحزب لا يُمكن تجاوزه، وذلك في أوّل تصريح له بعد تشكيل حُكومته.
عدم قُدرة رئيس الوزراء اللبناني الجديد على تجاوز الحزب هذه، يبدو أنها تخلق حساسية عند خُصوم الحزب، والسياسات الإيرانيّة من خلفه، فإن الدول العربيّة لم تتّصل بميقاتي كما قال مُنذ تشكيل حكومته، وهو ما يشي إن طال عدم الاتصال، أنّ الدول المعنيّة بالدعم المالي، وبالتالي الأمان الاقتصادي للبنان في ظل الأوضاع الاقتصاديّة المُنهارة، لم تكن معنيّةً بتشكيل الحكومة اللبنانيّة، بقدر تعطيلها، مع تحسّن أسعار صرف الليرة اللبنانيّة مع تشكيلها أمام الدولار.
ويبدو أن الدول العربيّة التي لم تتّصل بميقاتي منذ تشكيل حكومته، لا تزال تعيش صدمة وصول المحروقات الإيرانيّة إلى لبنان، ودون استهداف أمريكي، أو إسرائيلي يُذكر، وهو ما يضعها أمام حرج عدم تقديم المُساعدة، في حين قدّم حليف حزب الله، محروقاته، وهي معركة كسبها الحزب على الصعيد الوطني اللبناني ككل، فغالبيّة تعليقات المنصّات تُريد للحصول على العنب، وعودة الحياة لمجاريها، مع تشكيل الحكومة، ووصول المازوت الإيراني، وتحسّن الليرة، وليس مُقاتلة “الناطور” الإيراني على حد توصيف لبناني مُتداول.
قد تكون الدول العربيّة سارت على ردّة الفعل الأمريكيّة تجاه التشكيل، فبحسب رئيس الوزراء ميقاتي، فهو لم يتلق إلا مُكالمات قليلة من أعضاء الإدارة الأمريكيّة، والرئيس الأمريكي جو بايدن بحسبه لم يتّصل به، وهو اتصال علّه لم ولن يتم بوجود وزراء يُمثّلون حزب الله في حكومة ميقاتي، فكل هذه الأزمة الاقتصاديّة جرى افتعالها، كي ينقلب اللبنانيون على الحزب، وسلاحه، وحتى حاضنته، فأمام الفقر سيكفر اللبناني بالمُقاومة، ولكن الأخيرة هي التي فرضت مُعادلة الردع، ومنعت إسرائيل من استهداف الشاحنات المُحمّلة بالمازوت الإيراني، والتي نقلتها الشاحنات السوريّة إلى لبنان علناً، وعلى رأس الأشهاد.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكيّة، علّقت على المشهد اللبناني، بالقول إن حزب الله وحُلفاءه ربحوا في المُنافسة مُقابل الولايات المتحدة الأمريكيّة في التصرّف بطريقةٍ أسرع لتخفيف الأعباء عن اللبنانيين التي تسبّبت فيها أزمة الوقود.
السؤال المطروح الآن، هل تُلبّي الدول العربيّة نداء لبنان، ونداء رئيس وزرائه الجديد، حيث يبحث الأخير كما صرّح عن “الأخ الأكبر” من كل الدول العربيّة، ليأخذ بيدنا، ويخرج لبنان من هذه الفوضى، والعين بطبيعة الحال بالأكثر على العربيّة السعوديّة، والقوى السياسيّة اللبنانيّة المُوالية لها، والتي ما انفكّت عن توجيه انتقادات للمازوت الإيراني، واعتباره انتهاكاً للسيادة اللبنانيّة، بالرغم أن البديل العربي لم يحضر، وكانت لا تزال الأزمة تراوح مكانها، واللبنانيّون ينتظرون في طوابير طويلة على المحطّات، والأفران.
ميقاتي، وبالرغم أنه لم تتّصل به الدول العربيّة، إلا أنه لا يزال مُتفائلاً بأنه سيحصل على رد إيجابي مع تذكيره اللافت بأن لبنان مُستقر سيفيد العالم العربي كلّه، البعض ربط مُغادرة السفير السعودي وليد البخاري بشكل عاجل لبلاده والتي لم تُعلنها الرياض رسميّاً، فيما أكّدت وسائل إعلام محليّة لبنانيّة أنها جاءت للتشاور مع إعلان ميقاتي في حينها قرب تشكيل حُكومته، وبالتالي تشكيل موقف الرياض مما يجري، وتحديد ما إذا كان ميقاتي سيكون على جدول أعمال القيادة السعوديّة، والمُرتبط بمدى رضاها من عدمه عن تلك الحكومة الوليدة.
وبالشّكل العام وجّه ميقاتي انتقادات لشحنات الوقود الإيرانيّة التي أدخلها حزب الله إلى لبنان، واعتبرها انتهاكاً للسيادة، وأكّد أنه حزين، لكن في المضمون حاول ميقاتي تجنيب بلاده العُقوبات الأمريكيّة، بقوله إنه ليس لديه خوف من عُقوبات على لبنان، لأنّ العمليّة تمّت في معزل عن الحكومة اللبنانيّة، الحُكومة للمُفارقة التي يُمثّل عن الحزب فيها وزراء، وهي ذاتها التي فشلت في حل مُشكلة المحروقات.
بكُل الأحوال، قد تكون أمريكا غير معنيّة بفرض عقوبات، في ظل حالة الامتعاض الشعبي اللبناني من أزمة الوقود، وتعليق السفيرة الأمريكيّة في لبنان دوروثي شيا يشي بأن بلادها ستبتلع إهانة المازوت الإيراني، بقولها: “لا أعتقد أن أي شخص سوف يشهر سيفه إذا كان شخصاً ما قادرًا على إدخال الوقود إلى المُستشفيات التي تحتاج إليه”، وهُنا تحاول السفيرة تصدير الصورة الإنسانيّة لبلادها، وكحريص على الشعب اللبناني، وهي صورة برأي حزب الله مُغايرة، ومغلوطة، فالأخير يتّهم أمريكا بفرض الحصار على لبنان، وتجويع شعبه، وتثوير غضبه.