هو الخراب الأعظم ؟
أين يقف المثقفون السوريون و على الأخص الكتاب و الفنانون عموما من القضية السورية التي تبدو الآن أكثر تعقيدا من أي زمان مضى ؟!
أذكر أنني و معظم رفاقي و زملائي من كتاب بلادي كنا مع حركة الإحتجاج التي بدت واضحة وواعدة ضد النظام الحاكم ، و لكن يوما بعد يوم تحولت المظاهرات السلمية إلى معارك طاحنة ، و القوات المعارضة إلى حمل أسماء مثل جيش التحرير أو كتيبة الرحمن و تضافرت المعلومات بعد إنتشار هذه الظاهرة الدينية بأن هذه القوات بأنها تتلقى مساعدات مالية باهظة من دول خليجية و هكذا تحول النزاع من المهد الشعبي إلى حضن التدخلات الخارجية مما جعلني أنا و كثيرين غيري من الكتاب والمثقفين نتحول إلى متشككين مذعورين من الأحداث الجارية أن تغدو إنذارا بخطر داهم على مستقبل البلاد من تدخل سافر للقوى الأميريكية و التركية في أكثر من منطقة سورية ، و هكذا تحول مشهد العنف الدائر إلى ما يشبه صورة مصغرة عن حرب شبه عالمية تهدف إلى حرق البلد و تقنيته لا إلى تحريره .
و يشاع الأن أن تطور الأحداث يشير إلى وجهة مريعة تبرز علاماتها عسكرية و إجتماعية و إقتصادية و أن البلاد مقبلة على مصير فادح أفظع بكثير مما ترقبه الناس بعد إنحسار قوى الإرهاب و تمكن النظام مع حلفائه الوافدين إيران و روسيا و لبنان من السيطرة شبه التامة على الموقف فإذا بالإخبار الجديدة تفيد بأن أخطارا أخرى أفظع ستنزل بالبلاد من خلال التصريحات الأمريكية المتشددة أكثر فأكثر ضد التدخل الإيراني خاصة و القوى الأخرى المتحالفة معه ، و حين بدأت أزمة الحياة اليومية للمواطنين السوريين تزداد تفاقما بعد أزمة الكهرباء و الغاز الاخيرة وغلاء المواد الغذائية و حاجات الحياة الاخرى و عبر ما يحدث من اعتداءات إرهابية هنا و هناك و كل هذا بدا كمصداقية لا ريب فيها يقال عن تطور الأحداث المقبلة إلى مصير أوجع و أفدح …
حسنا ما عسانا نحن المواطنين المسالمين حيال هذه الغيوم السوداء التي تنذر بإعصارات مدمرة لكل ما بنيناه من معالم و تعلمناه من دروس مفيدة فما عسانا نفعل للتخلص من هذا المصير الرهيب ؟ و كيف سنعيش إذا ما بات الخبز و النور و الدفء يحتاج إلى عملة نادرة ، و صار الخروج من المنزل مخاطرة قاتلة ؟!
هل نملك سوى أيدينا المرفوعة إلى السماء في دعاء بتضرع و السماء على ما يبدو مُغلقة في وجوهنا جميعا كعقوبة تليق بالذنوب العديدة التي ارتكبناها في حق الحرية و العدالة و المساواة ؟! فياسوريا … يا حبيبتي و بلدي الوحيد هل هو الخراب الأعظم ما ينتظرنا أم هي كما يقول المتفاءلون – و ما أقلهم – مجرد مخاوف قابلة للزوال ؟؟.