كتب

‘واحترقت أوراق القضية’ تستحضر طيبة اخلاقيات العصر

ضحى عبدالرؤوف

يعلم الروائي محمد عبدالعال الخطيب في روايته “واحترقت أوراق القضية” القارىء بالآليات التاريخية  الخفية التي يمكن اعتبارها نقطة بداية لكل الأحداث التي تحدث الآن.  والتي يستكملها سياسياً من يخططون لوصولنا إلى واقع نستكشف فيه ما كان يحدث في الماضي . ولم يهتم له من كان من المفترض أن يمنعوا حدوثه. إذ يقدم لنا عبدالعال رواية سياسية بقالب سردي عاطفي دراميا نوعا ما. ليستطيع القارىء فك الرموز وفق نقاط سردية زرعها من خلال استراتيجيات الرواية السياسية المتأصلة في شخصية “واصل”. التي توحي بشخصية تحقق قفزات مكانية نراها في الماضي لنعيد رؤية الأمكنة القديمة في تاريخ حققت فيه النقابات نجاحات ذات حركة مهمة تاريخية في بداياتها.

كما أن للفنادق دورها في استقطاب الوجوه السياسية من الخارج. خاصة فندق شبرد ذات الطابع الفرعوني الذي يديره جو سيالوم اليهودي . لكن “واصل” لم ير كل ذلك بعينيه وإنما سمع عنه فقط” ونحن نقرأ أوراق القضية في رواية يستكملها الواقع في العصر الحديث . فهل بداية لكل شىء من لحظة وصول الفتى القروي للمدينة الكبرى هي رمزية لواصل بن عطاء والمعتزلة لاستحضار طيبة اخلاقيات العص.ر لمواجهة  المجتمع بالحقائق التي يكتشفها القارىء. من خلال عدة وجهات نظر مختلفة؟ وهل الصلة القوية بين السياسة والأدب. جعلت من واصل يعيد تشكيل الصورة الإجتماعية بوعي بدأ بشكل واقعي في ذلك الزمن الذي يحكي فيه عن المدينة الكبرى وأهميتها اجتماعياً وسياسياً ؟

‘واحترقت أوراق القضية’ تستحضر طيبة اخلاقيات العصر

رواية ذات أهميه سياسية لتعميق الرؤية لقارىء يفسّر النص من خلال الربط الإكتشافي المثير للذهن بين الماضي والحاضر. عند قارىء يستكشف قيمة الربط والتحليل الروائي من وجهة نظر فردية. لتتنوع المعرفة اجتماعيا وسياسيا لفترة تشكلت فيها الأسس الوطنية المؤسسة لعصر حديث. ولتاريخ بدأ فيه المجتمع في الخروج من التقوقع بين الداخل والخارج. والإختلاف الحالي. حتى  في تجارة الرقيق الأبيض “نظراً لتواجد الجنود البريطانين”.

رغم أن ” بريطانيا تحظر ممارسة البريطانيات لأي شكل من أشكال الدعارة”. وما بين جو سيالوم وحمدي وسليمان وعم عبده وحتى واصل صراعات تستمر وتنتقل من جيل إلى جيل. لتفقد المدينة الكبرى الكثير من البهاء التي كانت تتزين به تاريخيا في عهد أقل ما يقال عنه أيام الإحتلال والتغيرات السياسية. في نقطة مركزية سلط عليها محمد عبدالعال الخطيب الضوء السردي التاريخي من خلال واصل الذي قرر في النهاية “الذهاب للمر السري ليستعيد ذكرياته. مع من رحلو عن عالمه ولا زالوا يعيشون بقلبه. مثلهم مثل معالم القاهرة الجميلة دائم.ا مهما تبدلت قسمات وجهها”.

فهل أصابها ما يصيب الإنسان من الوصول لأرذل العمر؟

أم تحتاج لمن يعيد لها جمالها بحضور المؤلف الذي وقف خلف واصل. ليستنطقه تاريخيا، و يكتشف أخطاء من جعلوا من التاريخ نموذجا لعقد اجتماعي شكَل ظاهرة لمولود جديد هي المدينة الكبرى . فهل واجهت هذه المدينة صعوبات سياسية واجتماعية لم تخضع لها شخصية واصل الإستطرادية بطابعها الوجودي ؟

خصوصية  تاريخية تم طرحها بموضوعية في الرواية تجاوز من خلالها الكاتب نقاشات كانت وما زالت المحك الرئيسي في الإستنتاجات التي تتولد من الأحداث التي ذكرها، لفهم ما حاول التلميح له.فإن اخفق التاريخ في تحقيق ما يصبو إليه الإنسان، فإن الروائي يجب أن يستطرد ويعيد الرؤية بشكل مستم. ليتم اكتشاف الثغرات في الأزمات السياسية والإجتماعية. وما هو مقبول في زمن ما ومرفوض في زمن آخر.  وتقريب وجهات النظر بين الأجيال القادرة على التفاوض المحنك بين السياسة والأدب. من خلال الخيط السردي الإسترجاعي زمنيا لتكوين رؤية صحيحة معافاة من درن وشوائب أمراض الزمن الذي تواجد فيه الدخلاء من بلدان أخرى.

فهل من تشكيك في بداية عذاباتنا السياسية انطلاقا من شخصية “واصل” ورمزيتها الروائية؟ وهل تحرر الروائي محمد عبدالعال الخطيب من صرامة الأدب السياسي من خلال واحترقت أوراق القضية؟

 

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى