واشنطن أمام معضلة التزام بكين بوعودها في مجال التجارة

 

 بعد إعلان الولايات المتحدة والصين عن اتفاق وشيك لوضع حد للحرب التجارية بينهما، تجد واشنطن نفسها أمام معضلة للتثبت من وفاء بكين بوعودها. وتبقى هذه المسألة ماثلة في أذهان الجميع في واشنطن، فيما يرتقب وصول وفد من المسؤولين الصينيين قدرت بعض وسائل الإعلام عددهم بمئة، الأربعاء إلى العاصمة الأميركية لإجراء مفاوضات قدمت على أنها الأخيرة، وقد تكشف القوتان الاقتصاديتان الأوليان في العالم في ختامها الخطوط العريضة لاتفاقيتهما.

ويتم ترقب التنازلات التي قد تقدمها الصين للحد من العجز الهائل في الميزان التجاري الاميركي تجاه بكين الذي بلغ 378,73 مليار دولار عام 2018، إنما كذلك سبل تطبيق التعهدات الصينية.

واقر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الجمعة بأن آلية تطبيق الاتفاقية هي في صلب هذه الجولة الأخيرة من المحادثات.

وقال خبير التجارة الدولية في مجلس العلاقات الخارجية إدوارد آلدن ملخصا الوضع إن “تطبيق (الاتفاقية) بات محوريا في هذه المفاوضات لأن الصين لديها تقليد طويل من عدم الإيفاء بالالتزامات التي قطعتها ضمن منظمة التجارة العالمية وفي مفاوضاتها الثنائية، سواء مع الولايات المتحدة أو مع بلدان أخرى”.

اتهامات بالسرقة

واتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرارا الصين بـ”سرقة” الولايات المتحدة، مستخدما كلاما بعيدا عن الأعراف الدبلوماسية.

ويطالب الرئيس الجمهوري بكين بإجراء تغييرات بنيوية من خلال وقف عمليات النقل القسري للتكنولوجيا الأميركية وما يعتبره “سرقة” للملكية الفكرية ووقف الدعم للشركات العامة.

ويؤكد ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر الذي يقود المحادثات بمساعدة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، أن الولايات المتحدة لن تكتفي هذه المرة بالنوايا الطيبة.

والمطلوب أن ترفق الصين التزاماتها بآلية للتثبت.

ولفت إدوارد آلدن إلى صعوبة إبرام اتفاقات تجارية مع الصين في ظل انعدام الشفافية حول اللوائح في هذا البلد.

وأوضح أن الحكومة الصينية يمكن أن “تغير قوانينها بحيث تستجيب لطلبات الولايات المتحدة، لكنها قد تستخدم لاحقا أدوات تنظيمية لعرقلة تطبيق” التزاماتها.

ضرائب من طرف واحد

وهذا ما دفع الطرف الأميركي لاقتراح عقد اجتماعات شهرية وفصلية ونصف سنوية بين الطرفين، على أن تجري الاجتماعات النصف سنوية على مستوى كبار المسؤولين الصينيين والأميركيين لبحث الخلافات الشائكة.

وفي حال أفادت شركات أميركية عن حصول خروقات للاتفاق، فبإمكان واشنطن عندها بدء سلسلة من المشاورات مع المسؤولين الصينيين.

وفي نهاية المطاف، يبقى بمقدور واشنطن في حال تعثر المفاوضات فرض رسوم جمركية من طرف واحد، وفق ما أوردت بعض وسائل الإعلام الأميركية، وهي آلية يمكن أن تعمد إليها ايضا المؤسسات الصينية.

وقال دوغلاس باري مدير الاتصالات في المجلس الاقتصادي الصيني الأميركي إن “آلية التطبيق جوهرية”، مشيرا إلى أن “مجمل المشكلات والمخاوف لن تتبدد بضربة قلم أو مصافحة”.

وتابع “بدون وسائل ذات مصداقية يمكن التثبت منها (…) ستفوتنا فرصة تصويب العلاقة التجارية” الأميركية الصينية.

ولفت آلدن إلى أن الآلية المطروحة للتفاوض تبدو غير مسبوقة، إذ تنص الاتفاقيات الثنائية عادة على تسوية الخلافات من خلال لجنة تحكيم مستقلة على غرار الآلية المعتمدة لدى منظمة التجارة العالمية.

كما أن أي محاولة لاتخاذ تدابير أحادية تخضع لرأي حكام مستقلين.

وتدعو الشركات الصينية والأميركية في الوقت الحاضر لإنجاز المحادثات في أسرع وقت ممكن لضمان عودة الاستقرار وانقشاع الأفق، في وقت بدأت عواقب الحرب التجارية تنعكس على اقتصادي البلدين.

ولفت المجلس الاقتصادي الصيني الأميركي إلى تضرر العديد من الشركات في الولايات الأميركية الـ15 الأولى المصدرة إلى الصين وفي طليعتها ألاباما وإيلينوي وواشنطن، جراء الرسوم الجمركية المشددة التي فرضتها الصين على واردات الصويا ولحوم الخنزير وصناعات الطيران.

ويحض الصناعيون على رفع الرسوم الجمركية المشددة المتبادلة التي فرضها البلدان العام الماضي على منتجات بقيمة مئات مليارات الدولار.

غير أن إدارة ترامب مصممة على الاحتفاظ بهذه الورقة.

وقال لايتهايزر في 12 آذار/مارس أمام لجنة في مجلس الشيوخ “لا بد من الاحتفاظ بحق فرض رسوم جمركية، ايا كان مصير الرسوم الجمركية الحالية، في حال مخالفة شروط الاتفاق”، ما يشكل وسيلة ضغط على الصين.

لكن إدوارد آلدن رأى أن ذلك قد يقود إلى وضع من “الغموض المتواصل” للشركات التي لن تدري متى قد تقوم الولايات المتحدة أو الصين بفرض رسوم جمركية من طرف واحد.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى