واشنطن بوست: السعودية والإمارات تستكشفان فرص الحوار مع إيران
كتب المعلق البارز في صحيفة”واشنطن بوست” الأميركية ديفيد أغناطيوس مقالة في الصحيفة حول استكشاف السعودية والإمارات فرص الحوار مع إيران وحلفائها لتخفيف التوتر في اليمن ومناطق أخرى.
وقال الكاتب إن “هناك شذوذاً مثيراً للفضول في السياسة العالمية في عيد الشكر هذا: على الرغم من صيف المواجهة في الخليج الفارسي، تستكشف المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الحوار المحتمل مع طهران وحلفائها حول تخفيف التوترات في اليمن وأماكن أخرى.
وقال أغناطيوس إن دول الخليج أكثر انفتاحاً للمحادثات مع إيران ووكلائها، ويعود ذلك جزئياً لأنهم فقدت بعضاً من ثقتها السابقة في الولايات المتحدة كحامٍ عسكري موثوق. هذه هي الكلفة الأولى لسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاطئة، والتي يتناوب فيها على التغريدات حول قصف إيران بالبروميد مرة وحول رغبته في لقاء القادة الإيرانيين مرة أخرى. إن دول الخليج المشوشة على نحو متزايد تقوم بتوسعة رهاناتها من خلال الدبلوماسية والاعتماد الكبير على روسيا والصين.
وفي الوقت نفسه، تواصل الولايات المتحدة حوارها الحساس مع إيران، عبر قناة دبلوماسية سويسرية، حول تبادل محتمل للأسرى. وعلى رأس القائمة الإيرانية، مسعود سليماني، العالم الذي اعتقل في شيكاغو العام الماضي بزعم محاولته تصدير مواد بيولوجية إلى إيران. الولايات المتحدة لديها قائمة طويلة من السجناء لإطلاق سراحهم في أي مبادلة. وإذا نجحت المفاوضات التي توسطت فيها سويسرا، فقد تكون بداية لتفاعل أميركي – إيراني أوسع.
النشاط الدبلوماسي الجديد المتعلق باليمن كان واضحاً خلال زيارة قام بها إلى واشنطن هذا الأسبوع وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي بن عبد الله، والذي كان تقليدياً وسيطاً رئيسياً بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران من جهة أخرى.
وقال إغناطيوس إن بن علوي أخبره الثلاثاء، بعد زيارته في اليوم السابق لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أنه كان يأمل في التوصل إلى تسوية للحرب في اليمن بسبب المحادثات الأخيرة بين المملكة العربية السعودية والمتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران هناك.
وقال وزير الخارجية العماني خلال المقابلة “حان الوقت الآن للأطراف في اليمن لتسوية خلافاتها. آمل أن يكون العام المقبل عاماً رائعاً لتحقيق ذلك”. وقال للتلفزيون العماني بعد لقائه بومبيو: “هناك مشاورات، وهناك وساطة ورغبة في حل النزاع”.
وأضاف الكاتب الأميركي أن التقدم بشأن التسوية في اليمن قد ظهر من خلال لقاءات سعودية مع “أنصار الله” (المتمردين الحوثيين)، بتشجيع قوي من الولايات المتحدة. فوفقاً لمسؤولين أميركيين وإماراتيين، قاد هذه الخطوة من أجل “تسوية اليمن” الأمير السعودي خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع وشقيق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم المتهور الذي شن حرب اليمن المدمرة في عام 2015. وآخر خطوة إيجابية كانت الإعلان السعودي يوم الثلاثاء بأن المملكة قد أفرجت عن 200 سجين حوثي، بحسب أغناطيوس.
ونقل الكاتب المعروف في “واشنطن بوست” عن أحد كبار الدبلوماسيين الخليجيين الذي يتابع محادثات اليمن بعناية، قوله: “أنا متفائل. منذ عام، لم أستطع إخبارك أن المملكة العربية السعودية منخرطة في حوار سلمي. أستطيع أن أقول ذلك الآن بثقة”.
ويبدو أنه تم تخفيف التوترات على جبهات الخليج الأخرى، كذلك. فبعد الهجمات الإيرانية على ناقلات المياه في الإمارات العربية المتحدة في حزيران / يونيو الماضي، أرسلت الإمارات في أواخر يوليو / تموز وفداً من خفر السواحل إلى طهران لإجراء محادثات مع القوات البحرية لحرس الثورة الإسلامية. وأصدر هذا الاجتماع مذكرة تفاهم بين البلدين بشأن أمن الحدود البحرية.
وأشار أغناطيوس أن السعودية تدرس سلسلة من عروض الوساطة مع إيران من الكويت وعُمان وباكستان وفرنسا واليابان. وحتى الآن، لم يؤدِ ذلك إلى أي قناة رسمية بين البلدين. وقال إن “السعوديين يريدون من إيران أن تتعهد بأن تتوقف عن تصدير ثورتها وتحترم سيادة جيرانها، قبل أن تبدأ أي محادثات. أخبرني مصدر سعودي أن المملكة قدمت طلبها في رسالة خاصة إلى المرشد الأعلى لإيران، آية الله علي خامنئي، لكن طهران لم تقدم الضمانات المطلوبة”.
وأضاف الكاتب أن إيران تمزج العرض بمقترحات دبلوماسية أخرى. فقد اقترح الرئيس الإيراني حسن روحاني في سبتمبر / أيلول الماضي ما يُعرف باسم “مبادرة هرمز”، التي ستجمع الدول على جانبي الخليج من أجل الحوار، استناداً إلى مبادئ الأمم المتحدة الأساسية مثل عدم التدخل وعدم الاعتداء.
شجعت الكويت الاقتراح، لكن دول الخليج الأخرى بقيت صامتة، ربما لأن الجهد لا يشمل الآن الولايات المتحدة الأميركية، كتب أغناطيوس. ونقل عن أحد كبار المسؤولين في دولة الإمارات قوله: إن “الاتجاه هو نحو الدبلوماسية ووقف التصعيد بالتأكيد”. لكن المسؤول الإماراتي قد حذر من أن بلاده “تريد بياناً أوضح من إيران بأنها ستتوقف عن التدخل في المنطقة”.
وشرح كريم سجادبور، وهو زميل أقدم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، “إن تشكيك السعودية والإمارات العربية المتحدة بإيران لم يتغير، لكن تقديرهما للولايات المتحدة قد تغير. إنهم يدركون أن دونالد ترامب لن يكون ظهيراً لهم، وعليهم أن يدافعوا عن أنفسهم بأنفسهم”.
وعلق أغناطيوس قائلاً إن “السموم التي تهب في الخليج الفارسي هي خطيرة كما كانت دائماً، وخطر الحرب لا يزال قائماً. لكن مر أكثر من شهرين على الضربة الإيرانية المدمرة على مصفاة بقيق (السعودية). لم يرد السعوديون أو حتى لم يلقوا باللوم على إيران علانية”.
وخلص الكاتب إلى أن ما يجري “بدلاً من ذلك هو عملية دبلوماسية تحقق بالفعل بعض التقدم بشأن اليمن ويمكن أن تتوسع، ولكن ليس من دون إشارة أوضح لما تريده الولايات المتحدة”، في إشارة إلى ضوء أخضر أميركي لدول الخليج لإتمام التسوية.
ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت