تحليلات سياسيةسلايد

واشنطن تطلب محادثات نووية مع بكين وموسكو: خشية متصاعدة من سباق «ثلاثي»

واشنطن تطلب محادثات نووية مع بكين وموسكو: خشية متصاعدة من سباق «ثلاثي» فقد أكد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، أنّ الولايات المتحدة مستعدة للدخول في محادثات نووية ثنائية مع روسيا والصين «من دون شروط مسبقة». يأتي ذلك في وقت يرى فيه مراقبون أنّ «التعطش» لإجراء محادثات مع بكين وموسكو في هذا الشأن، يؤشر إلى أنّ واشنطن تريد تجنّب الانجرار لأول مرة في تاريخها إلى سباق نووي مع قوتين نوويتين، بعدما أنتج «نهجها العدائي» تجاه الدول الأخرى رغبة لدى هذه الأخيرة بفرض نفسها كقوة وازنة في المجال النووي لضمان سلامتها وموقعها.

وممّا قاله سوليفان، في خطاب خلال الاجتماع السنوي لـ«رابطة الحد من الأسلحة»: «بدلاً من الانتظار لحل خلافاتنا الثنائية كلّها، فإن الولايات المتحدة مستعدة لإشراك روسيا فوراً في إدارة المخاطر النووية، وتطوير إطار للحد من التسلح لما بعد عام 2026»، أي بعد انتهاء معاهدة «نيو ستارت» للحد من الأسلحة من النووية.

وأضاف: «نحن مستعدون أيضاً لإشراك الصين من دون شروط مسبقة، مما يساعد على إدارة المنافسة، وضمان أنّها لن تنحرف إلى صراع»، مشيراً إلى أن المحادثات مع موسكو «ستتأثر بحجم التعزيزات النووية للصين».

وفيما اعتبر سوليفان أنّ «الولايات المتحدة لا تحتاج إلى مزيد من الأسلحة النووية لردع القوات المشتركة لروسيا والصين، بسبب قدراتها العسكرية المتقدمة»، أكّد أنّ واشنطن ستلتزم بالقيود المفروضة على الأسلحة النووية الاستراتيجية المنصوص عليها في معاهدة «نيو ستارت» لعام 2010 حتى عام 2026، «في حال بادرت روسيا بالمثل».

الصين لا تمتثل

في ما يتعلق بالصين، «أسِف» سوليفان لأن «جمهورية الصين الشعبية اختارت حتى الآن عدم الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل إجراء حوار موضوعي»، مضيفاً: «ببساطة، لم نلمس بعد أنّ بكين مستعدة لفصل قضية الاستقرار الاستراتيجي عن القضايا الأوسع في العلاقة بيننا».

لكن المتحدث قال إن الولايات المتحدة «متوفرة للتواصل في الأزمات، ولإجراء مناقشات استراتيجية، حول أي شيء، من الفضاء إلى الفضاء الإلكتروني إلى الاستقرار النووي».

في المقابل، أشار سوليفان إلى أنّ روسيا تاريخياً كانت قادرة على فصل الشؤون النووية عن سائر القضايا الحساسة، على غرار ما حصل في حقبة الاتحاد السوفييتي.

في السياق، تنقل مجلة «ريسبونسيبل ستيتكرافت» عن تونغ تشاو، من جامعة «برينستون» الأميركية قوله إنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى تطوير فهم أعمق لسبب سعي الصين إلى تعزيز قوتها النووية، معتبراً أنّ هذا التعزيز مدفوع بالخوف والطموح على حدّ سواء، لا سيما أنّ بكين «مقتنعة بأنّ الولايات المتّحدة تتبع نهجاً أكثر عدائية إزاء الصين»، والذي لا يمكن التعامل معه من خلال «المنطق والإقناع».

ويتابع: «إنهم يعتقدون أنّ بناء قدرة استراتيجية أكبر بكثير وحده قادر على تغيير الفهم الأميركي لتوازن القوى، ودفع الولايات المتحدة إلى معاملة الصين على أنّها على قدم المساواة معها».

حجم الترسانة

بحسب موقع «أكسيوس» الأميركي، لا تزال ترسانة بكين النووية تساوي، من حيث الحجم، جزءاً بسيطاً من حجم ترسانة موسكو أو واشنطن، إلا أنّ الصين تستمر بتطوير قدراتها بسرعة كبيرة. من المتوقع، مثلاً، أن يتم تشغيل مفاعل جديد هذا العام قد يسمح للصين بتسريع تطويرها لترسانتها الذي يتمّ بسرعة أصلاً.

وفيما عملت الصين مع روسيا للتخطيط لهذا المفاعل الجديد، مشيرةً إلى أنه لـ«أغراض مدنية»، تنتاب «البنتاغون» شكوك حول ذلك، بحسب وسائل إعلام أميركية.

وينقل الموقع الأميركي، بناءً على أرقام من وزارة الدفاع الأميركية، أنّ الصين في طريقها بالفعل لمضاعفة مخزونها من الرؤوس النووية أربع مرات تقريباً إلى حوالي ألف و500، بحلول عام 2035، مشيراً إلى أنّه «في حين أن هذا لا يزال أقل من نصف ما تمتلكه كل من الولايات المتحدة وروسيا، إلا أنّ هنالك أنباء عن أنّ الصين تبني صوامع نووية جديدة وقاذفات صواريخ متنقلة وغواصات نووية أكثر تقدماً».

ويجادل بعض الخبراء بأنّ هذا التعزيز يعود بجزء كبير إلى سعي بكين إلى الرد على التحديث النووي المستمر لواشنطن، الذي قد يكلف 2 تريليون دولار على مدى 30 عاماً، حيث تسعى بكين جاهدة لضمان أن تتمكن قدراتها النووية من النجاة من أي «ضربة أولى» قد توجهها الولايات المتحدة.

ما بعد عام 2026

وفيما رحّب الخبراء بتصريحات سوليفان، باعتبار أنّ تخفيف منسوب التوتر في ما يتعلق بالمسائل النووية «بات أمراً ضرورياً»، إلا أنّهم اعتبروا أنّ خطط الإدارة الأميركية تركز على القضايا قصيرة الأجل فقط، وتطرح تساؤلات كبيرة حول ما سيحصل بعد عام 2026.

ورغم صغر حجم الترسانة الصينية، حتى الآن، يشير البعض في الحكومة الأميركية والجيش الأميركي إلى أنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تكون مجهزة لمحاربة روسيا والصين في نفس الوقت، كما يقول جيمس أكتون، مدير برنامج السياسة النووية في مؤسسة «كارنيغي للسلام الدولي».

يخشى هذا الأخير أن يكون العالم قد دخل في سباق «تسلح ثلاثي لا يمكن إيقافه تقريباً»، مؤكداً: «على الأقل خلال الحرب الباردة، كان يمكننا أن نقول أننّا تقبل بالتكافؤ مع السوفييت»، بيد أنّه في سباق التسلح الثلاثي، لن تكون الولايات المتحدة على استعداد للقبول بالتكافؤ مع روسيا أو الصين، «فيما لن تقبل أي من بكين وموسكو بأي شيء سوى التكافؤ مع الولايات المتحدة».

 

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى