«قسد»: تباعدٌ متزايدتزايدت، في الآونة الأخيرة، عمليات استهداف الطيران التركي المسيّر للمجموعات الكردية في سوريا، وآخرها استهداف نقطة عسكرية في ريف منطقة عامودا، وسيارتين في ريف القامشلي الشرقي، وسيارة في ريف القامشلي الغربي، ما أسفر عن مقتل 16 شخصاً من «قوات سوريا الديموقراطية – قسد»، بينهم قياديون. وأثار الصمت الأميركي المطبق حيال تلك العمليات، غضب «الإدارة الذاتية» الكردية، وجناحها العسكري المتمثّل بـ«قسد»، لتَخرج الأخيرتان، مطلع الشهر الحالي، ببيانات عدّة شجبتا فيها صمت «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن، وحمّلتا مسؤولية ازدياد الهجمات التي طالت كوادرهما للصمت المرافق لها من قِبَل القوات الأميركية. كذلك، ولأوّل مرّة، دانت شخصيات سياسية كردية محسوبة على «قسد»، في حديث إلى وسائل إعلامية، ذلك الصمت الأميركي.
والواقع أن هوّة الثقة لا تفتأ تتّسع يوماً بعد يوم بين «قسد» وواشنطن، وهو ما ظهر جلياً من خلال تحوّل الخلاف بين قوات «مجلس دير الزور العسكري» في ريف المحافظة، و«قسد»، إلى تصادم عسكري أخيراً، أسفر عن سقوط قتلى من الطرفين. وتعزو مصادر كردية مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، توسّع تلك الهوّة إلى ثلاثة عوامل: أوّلها، استمرار اعتقاد «قسد» بأن علاقتها مع الولايات المتحدة «علاقة شراكة»، فيما تحرص الأخيرة، على لسان مسؤوليها كافة وفي كلّ مناسبة، على تحجيمها إلى حدود التعاون في محاربة تنظيم «داعش». وحتى الدعوات الكردية، لواشنطن، إلى التدخلّ لدى أنقرة من أجل كبح تهديداتها المتكرّرة بالقيام بعمل عسكري جديد في مناطق شمال شرق سوريا، لا تحظى بآذان أميركية صاغية، وهو ما يٌفسَّر بحرص الولايات المتحدة على عدم تعكير صفو علاقتها مع تركيا، تجنّباً لانزياح إضافي من قِبَل الأخيرة نحو روسيا. والجدير ذكره، هنا، أن الجيش التركي نفّذ، منذ مطلع العام الحالي، 54 استهدافاً من خلال طائرات مسيّرة في مناطق عدَّة خاضعة لسيطرة «قسد»، استهدف فيها قياديين من «الأخيرة» وكوادر من «حزب العمال الكردستاني».
وأمّا الملفّ الثاني، بحسب المصادر، فهو الخذلان الأميركي لمساعي «قسد» لإعلان «حُكم ذاتي» في مناطق شمال شرق سوريا، يحظى باعتراف دولي وتبنّي الإدارة الأميركية والقادة الغربيين، فيما الملفّ الثالث، والذي يُعدّ «الأخطر» بالنسبة إلى «قسد»، فيتمثّل في سعي القوات الأميركية إلى بناء تحالفات جديدة مع العشائر العربية في محافظات دير الزور والرقة وجزء من ريف الحسكة، لتشكيل مجالس عسكرية محلّية تتبع قوات «التحالف الدولي» بشكل مباشر. وفي هذا الإطار، ظهرت تسريبات كردية في خضمّ الأحداث التي شهدتها مناطق ريف دير الزور أخيراً، عن أن قائد «مجلس دير الزور العسكري»، «أبو خولة»، ما كان ليتجرّأ على التمرد على «قسد» لولا الدعم المبطن من قبل القوات الأميركية.