وبر الكلام
استجابتْ لدعوتي وجلستْ إلى جانبي .. تساءلت في نفسي : هل أنا قدمتُ إليها، أم هي أتت إليّ؟! لا أدري ما ذا حلّ بي وكأنها المرة الأولى التي أقابل فيها حواء .. كنت خائفاً من تلك اللحظة .. لكنني تجرأت وبحتُ لها بما أخفيه في قلبي، جميل جداً أن ينطق الحب الأخرس بعد طول صمت!
انهمرتْ كلمات الفرح ، وتنفستُ الصعداء .. آهات تخرج من أضلعي ، أثارتْ شهيتي للكلام، صرتُ أشعر بثقل الصمت الذي لم تملأه الكلمات ، الكلام يخرج من فمي وأضلعي ..صغيرة كل الكلمات والعبارات على مساحة حبي !
أنهيتُ كلامي ونظرتُ إلى عينيها ، قرأتُ فيهما ما بحتُ به لها ،فازداد جمال عينيّ بالنظر إلى عينيها ! أما هي فاشتعلت بلهيب خجلها ، احمّر خداها كوردة جورية ، وتوردّت شفتاها كزهر الرمان !
نظرتُ إليها مطولاً..ناولتني ابتسامة كشعاع تفوق سرعته سرعة الضوء ! قالتْ لي: أنتَ روحي ! ما أجملها من كلمة نطقتْ بها شفتاها، تلك الكلمة استقرتْ في أذني وتنقلت بين شراييني واستمالتْ قلبي، ابتسمتْ فأضاءتْ حبات اللؤلؤ فوق شفتيها ، ولمعت ابتسامة فوقهما بحجم الكون .. أنصتُ إلى عينيها تكلمّان أذناي.. أنظرُ إلى صوتها يصافح لساني.. أسمعُ وجهها لا يفارق عيناي .. أنفاس رئتيّ لا تفارق أنفاس رئتيها ..
لا أدري ما الذي دفعني للكتابة إليها ؟ تتناثر الحروف بين أزقة أوراقي ،لا أدري كيف لديها قدرة الاستيلاء على الحروف والكلمات والمفردات والتعابير والصيغ والفواصل والنقاط التي كانت متناثرة ؟ لا أدري كيف هجمتْ تلك الأبجديات على الورقة البيضاء بجمالية وشراسة وجنون لا حدود لها بعد أن تجردت من ملابسها وبقيت على قميص نوم فضفاض قد شق من الأمام فكشف عن سيقان الحروف و فخذ الفواصل وإشارات الاستفهام والتعجب !! ولا أدري لماذا يفرح الكلام ؟! هذا الكلام الذي يستخرج الجراح من جسدي وينتزع الأفكار المكابرة من ذاكرتي ومن نفسي قبل أن تجلس على سطور صفحاتي!
ربما لا يصل هذا الكلام إليها لكنه يظل فرحاً ! نظرتُ إلى حالي ونفضت ثيابي وقد علق وبر الكلام على ثيابي وأعضاء جسدي !