طرح رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة، وثيقة تتضمّن مجموعة من المبادئ عمّا يسمّى «اليوم التالي لحماس»، لنيل مصادقة المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) عليها.
تشترط الوثيقة، التي تعكس بحسب زعم مكتب نتنياهو «توافقاً شعبياً واسعاً في إسرائيل على أهداف الحرب والبديل المدني لحكم حماس»، والمقسّمة على ثلاث مراحل، «مواصلة الجيش الإسرائيلي لحربه حتى تحقيق أهدافها بتدمير القدرات العسكرية والبنية التحتية السلطوية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي. وإعادة المحتجزين الإسرائيليين، ومنع أي تهديد مستقبلي من قطاع غزة».
وثيقة نتنياهو لـ«اليوم التالي»
وفي المرحلة المتوسطة، نصّت الوثيقة على احتفاظ إسرائيل بـ«حريّة عملياتية في جميع مناطق غزة، من دون قيود زمنية بهدف منع تجدد الإرهاب». مضيفة أن «المنطقة الأمنية التي سيتم إنشاؤها في المنطقة المتاخمة لإسرائيل ستظل قائمة ما دام أن هناك حاجة أمنية إليها».
وثيقة لـ« اليوم التالي » – إقامة حاجزاً جنوبياً على الحدود بين غزة ومصر
كما جاء في أحد المبادئ. أن «إسرائيل ستقيم حاجزاً جنوبياً على الحدود بين غزة ومصر، بهدف منع العناصر الإرهابية من إعادة بناء القوة». وأن الهدف من هذا «العائق»، هو أن يمنع قدر الإمكان، بالتعاون مع مصر وبمساعدة الولايات المتحدة، «التهريب (من مصر)، تحت الأرض وفوق الأرض، بما في ذلك عبر معبر رفح».وكررت الوثيقة ما عكف نتنياهو ومسؤولوه على ترداده سابقاً، من أن «إسرائيل ستسيطر أمنياً على كامل المنطقة الواقعة غرب الأردن. بما في ذلك محيط غزة (براً وبحراً وجواً، والطيف الكهرومغناطيسي) أيضا. لمنع العناصر الإرهابية من بناء قوّتها في الضفة الغربية أو قطاع غزة».
وأضافت أنه «سيتم نزع السلاح وتجريد غزة من أي قدرة عسكرية بشكل كامل.، باستثناء ما هو مطلوب لاحتياجات الحفاظ على الأمن العام». مشيرةً إلى أن «مسؤولية تحقيق ذلك، والإشراف عليه في المستقبل المنظور، تقع على عاتق إسرائيل».
أمّا بالنسبة إلى الجانب المدني، فأوردت أن «الإدارة المدنية والمسؤولية عن النظام العام في القطاع، سترتكز على محليين من ذوي الخبرة الإدارية، قدر الإمكان؛ بشرط ألا يكون هؤلاء مرتبطين بدول أو كيانات تدعم الإرهاب أو تتلقى منها أي أموال».
مكافحة التطرف
ويترافق ذلك مع الدفع بمخطط شامل لـ«مكافحة التطرف» في جميع المؤسسات التربوية والثقافية والدينية والتعليمية في غزة، بمشاركة دول «لها باع طويل في تعزيز مكافحة التطرّف على أراضيها»، في إشارة إلى دول كالإمارات والسعودية، اللتين عدّلتا برامجهما التعليمية، بما يتلاءم مع المصالح الإسرائيلية.
ويشمل هذا المخطط، أيضاً، إغلاق وكالة «الأونروا» واستبدال وكالات أخرى بها، علماً أن إسرائيل تتّهم بعض موظفي «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» بـ«التورّط في مجزرة 7 أكتوبر»، وبأنها «تدرّس في مدارسها مضامين تحرّض على الإرهاب».
كررت الوثيقة ما عكف نتنياهو ومسؤولوه على ترداده سابقاً، من أن «إسرائيل ستسيطر أمنياً على كامل المنطقة الواقعة غرب الأردن»
أمّا في خصوص عملية إعادة إعمار القطاع وتأهيله، فلا تبدأ وفقاً للوثيقة «إلا بعد إنجاز عملية نزع السلاح واجتثاث التطرّف»، على أن تموّل إعادة الإعمار دول «مقبولة بالنسبة إلى إسرائيل»، في إشارة إلى تلك التي وقّعت اتفاقيات تطبيع.
رفض إسرائيل بشكل قاطع الإملاءات الدولية بشأن التسوية
كما تطرقت الوثيقة إلى مسألة المرحلة النهائية. مؤكدة «رفض إسرائيل بشكل قاطع الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين». إذ إن «مثل هذه التسوية لن يتم التوصل إليها إلا عبر المفاوضات المباشرة بين الطرفين، من دون شروط مسبقة». مشددةً أيضاً على أن «إسرائيل ستواصل معارضتها للاعتراف الأحادي الجانب بالدولة الفلسطينية».
وتعليقاً على ما تقدّم. اعتبر رئيس جهاز «الموساد» سابقاً، أفرايم هليفي، في مقابلة مع «إذاعة الجيش»، أن «وثيقة نتنياهو تنطوي على تناقض ضمني. فالمفاوضات المباشرة التي من المفترض أن يشرع فيها الطرفان، للتوصل إلى تسوية، ثمة جهة واحدة معروفة فيها وهي إسرائيل. أمّا الجهة الأخرى وهي الجانب الفلسطيني، فهي غير معروفة». لافتاً إلى أن «إسرائيل تقترح تولي جهات مدنية في القطاع، ولا تتطرق إلى السلطة الفلسطينية (حتى المتجددة). ما يعني أن تلك الجهة المحلية ستنصّبها إسرائيل. أي إنّ الأخيرة ستفاوض نفسها. وهذا ما لن يكون مقبولاً بالنسبة إلى الفلسطينيين».
أمّا في خصوص «العائق الجنوبي». فرأى هليفي أنه لا يقدّم استجابة للمطالب الأمنية، مؤكداً في الوقت نفسه حاجة إسرائيل إلى مصر في هذا الجانب. لكنه تطرق إلى «سلوك غريب انتهجته القاهرة في السنوات الماضية. دلّت عليه نوعيّة الأسلحة ومعامل تصنيعها في القطاع، والتي استولى عليها الجيش الإسرائيلي أثناء عملياته العسكرية». إذ ثبت أن جزءاً كبيراً منها وصل من الخارج. «فيما لا يوجد منفذ برّي ولا بحري لإيصال هذه الأنواع من الأسلحة والأدوات القتالية المختلفة. وبالتالي، فمن غير المعروف إلى أي مدى كانت مصر مطّلعة على ما يحصل (من عمليات التهريب) على حدودها في سيناء».
وثيقة لـ« اليوم التالي » – الاجتياح البري لرفح
ورداً على سؤال في خصوص حاجة إسرائيل إلى إتمام عمليتها العسكرية البرية في جنوب القطاع. أكد هليفي أن «هدف تدمير القدرات العسكرية لحماس لم يتحقق إلى الآن. وهو ما لن يتم إلا عبر الاجتياح البري لرفح». آملاً في هذا السياق ألا توقف الولايات المتحدة دعمها غير المشروط لإسرائيل. رغم أن لديها «الكثير من المسائل التي تشغلها في الشرق الأوسط غير إسرائيل، خصوصاً في العراق، وما يجري في اليمن والبحر الأحمر، وعلاقتها مع السعودية».
من جهته. رأى محلل الشؤون السياسية في صحيفة «إسرائيل اليوم»، أرئيل كَهانا، أن الأمر المبشّر في وثيقة نتنياهو هو أنها تقول إن «نهاية الحرب بدأت تلحظ في الأفق»، غير أنها «لا تقدّم استجابة واضحة بشأن العبر المستخلصة من هجوم 7 أكتوبر، وهي أن نثبت لأعدائنا أن ما حصل لن يتكرر». واقترح أن تكون الإجابة عن ذلك عبر الاستيطان في غزة وتعميقه، والذي «سيثبت لهم أن إسرائيل باقية هنا ولن تذهب إلى أي مكان، وهذا هو النصر الحقيقي».
صحيفة الأخبار اللبنانية