وجهة نظر مواطن سوري: اللحظات الحرجة، والمخاطر الكبرى!
دمشق ــ خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة
آخر حصيلة للحرب في سورية، وبعد سبع سنوات من الدمار، وأقل من شهر على الاستعصاء الإقليمي والدولي الساخن والمرعب في التعامل مع نتائج هذه الحصيلة، لابد من الدعوة إلى قراءة سياسية جديدة تتعلق بالمستقبل!
قبل ذلك، يفرض نفسه حديث آخر ذو شأن، يتعلق بصورة السوريين اليوم وهم ينظرون إلى العالم بدهشة، فهل يفكر العالم جديا بتحويل بلادهم إلى ساحة للحرب العالمية، بذريعة استخدام مفترض للأسلحة الكيماوية السورية؟ ولماذا هذه الحماسة والترويج لها، وعندها يبرز سؤال مشروع عن مستقبل هذه الحرب، وعن علاقتها بمستقبل البلاد الذي أشرت إليه..
ثمة حقيقة واضحة هي أن الحرب التي يُروج لها، لابد ، إذا حصلت، أن تشتعل وتتسع لتشمل المنطقة كلها ليعم الدمار، أو على الأقل ليعرف الجميع أن مشعلي الحروب لايأبهون لأحساسينا ولا لأرواحنا ولا لكرامتنا ولا لحضارتنا، وفي النهاية لايهمهم مستقبلنا أيضا!
إذن، المسألة ليست مجرد حدث سوري، بل هي حدث عربي أيضا، وإقليمي بالضرورة، وعالمي بديهة، لأنه في التاريخ لن تحتسب الوقائع القادمة، كحرب كوريا أو فيتنام، أو أي حرب محلية أخرى. بل ستقرأ كحرب عالمية بامتياز؟!
كانت المسألة تتعلق بربيع دمشق، وبزحف الربيع العربي نحوها بعد انهيارات لأنظمة المعروفة وتغييرات دراماتيكية في تونس وليبيا واليمن ومصر .. وفيما لو طرح المحللون اليوم أفكارا عن هذا الربيع ، كيف سيكون الحال بمؤيدي “ديمقراطية” قيل إن السوريين يحلمون بها وثاروا من أجلها عام 2011؟
إن أكثر من 99% من السوريين اليوم يبحثون عن حل لوقف الحرب وإعادة الأمان إليهم وإلى الجيل الجديد الذي ولد أثناء الحرب أو عاشها أطفاله وأقحموا بها، وهنا سيتراجع مطلب الديمقراطية إلى حدوده الدنيا، وخاصة أن القوى التي تشكلت وتسلحت وقاتلت لم تنشيء هذا الجيل على هدف الديمقراطية بل على الحرب.
وخلال الحرب حملت المسألة في طياتها، مستجدات أخرى من بينها : ظهور قوة الإرهاب التي هيأت لها الفوضى مكانا خصبا جعلها تعلن عن دول وتقيم لها ومقاطعات واحتكارات وتمويلات خاصة كبيرة. واستُغل الإسلام للزج بتحشيد أكبر في الحرب يهدف أصلا لإنشاء قوى اقليمية دينية متصارعة إلى الأبد تنقل الاسلام من صورة حضارية إلى حالة مدمرة تولد الصراعات..
وسريعا، القوى الإقليمية جميعها وجدت نفسها معنية بأن تكون لها يد في الحرب السورية، والترويج اليوم لضرب الدولة السورية لايغير نتيجة الحرب، بل يعيدها إلى البداية مع توسع ساحاتها ووصول مخاطرها إلى حافة الهاوية على كل الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية في العالم !
على كل متتبع لمجريات الحدث السوري اليوم في سياق الحرب ككل أن ينتبه جيدا إلى مجموعة معطيات على غاية الأهمية أولها، أن الصراع العالمي اليوم في أخطر منعطف له . وثانيها، أن التوازنات الداخلية في أميركا وسياسة ترامب ومخاطر المقامرة بمصير العالم ينبغي أن لاتجر العالم إلى هاوية. وثالثها، أن المصالح الإقليمية دخلت لعبة المقامرة من منطلق استثمار الحدث القادم أو الخوف منه، وهنا تحديدا تبرز إسرائيل وما يعنيه إقحامها في الحرب ورابعها، عودة الإرهاب لاستثمار ظروف جديدة لاستعادة قوته التي تراجعت في السنتين الأخيرتين ..
إن العالم اليوم بحاجة إلى نظرة أخرى جديدة لقراءة نتائج الحرب في سورية ، ومن ثم ينبغي على المنطقة أن تعي معطيات هذه النتائج وما تتطلبه من حذر في عودة الفوضى، وأخيرا على السوريين أن يفكروا جيدا في أنهم دفعوا الثمن وزيادة وأن يرسموا خاطة جديدة للمستقبل !