وحدات الاغتيال الإسرائيليّة: أربع رصاصات لا تكفي لقتل الفلسطينيّ أطلِقوا الخامسة…
لا تذخّر إسرائيل جهدًا في مساعيها المكثفّة لإخماد نيران المقاومة المسلحة في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، وفي قطاع غزّة أيضًا، وما التنسيق الأمنيّ بين الاحتلال وبين السلطة الفلسطينيّة في رام الله، إلّا أنموذجًا لمحاولات الكيان وأد المقاومة المُسلحّة، التي ورغم عدم التكافؤ في القوّة، فإنّها ألحقت خسائر جمّة في صفوف الاحتلال، وعلى نحوٍ خاصٍّ على الصعيد المعنويّ.
وفي هذا السياق، يُشار إلى أنّ وحدات المستعربين ومسمياتها تكاثرت في كيان الاحتلال الإسرائيليّ مثل (شمشون) بمحيط قطاع غزة، و(دوفدوفان) بالضفة الغربية، و(يمام)، وهي اختصار للوحدة المركزيّة، التابعة لحرس الحدود، وتختلف مهماتها لكن جميعها تخدم الأهداف التي يحددها الاحتلال الإسرائيليّ.
وكشفت اعترافات لمستعربين خدموا بوحدات الجيش الإسرائيليّ النقاب عن أنّ قادتهم حوّلوهم لمجرمين، يقتلون الفلسطينيين بدمٍ باردٍ، ولا يذكرون عدد قتلاهم، بينما عانى المستعربون داخل وحدة (متسادا) التي توصف بالانتحاريّة من انقطاع علاقتهم الإنسانية والاجتماعية بأقرب أقربائهم كوالديهم، حتى لا ينكشف أمرهم كمندسين ومزروعين وسط الفلسطينيين والعرب.
ويفرض الاحتلال الإسرائيلي على والديْ المستعرب داخل وحدة (متسادا) التي قال الاحتلال إنه أوقف التجنيد داخلها في سبعينيات القرن الماضي، التوقيع على تعهدٍ مفاده أنّه ليس من حقهما حتى مجرد السؤال عن ولدهما الذي وقع بدوره تعهدًا بأنّه وهب حياته لدولة إسرائيل.
على صلةٍ بما سلف، زعم أمير بوحبوط المراسل العسكري لموقع (WALLA)، أنّ “عمل المستعربين يبدأ بمجرد أنْ تصل ما تسمى المعلومة الذهبية إلى جهاز الأمن العام (الشاباك) حول مكان إخفاء المسلحين الفلسطينيين في قلب معسكر اللاجئين، حيث يتم تحديد سريع للقوة الخاصة المكلفة وإرسالها أولاً إلى المهمة، لمواصلة العملية، تمهيدًا لإفساح الطريق للقوات القتالية الأخرى، حيث يتّم تحديد هوية القوة الخاصة وفقًا لمستوى المخاطر الناشئة عن استعداد المسلح للقتال حتى الموت، ونوعية مخيم اللاجئين، والبيئة المحيطة بالمطلوب”، على ما نقله عن أرفع المصادر في المنظومة الأمنيّة بتل أبيب.
وأضاف، نقلاً عن ذات المصادر، أنّ “المستعربين يخرجون لمهمتهم يستقلون سيارات بلوحات فلسطينية، ويرتدون ملابس فلسطينيين، ويحوزون ما فيه الكفاية والكفاءة في اللهجة المحلية المحكية، مع الاستعداد الدائم لأيّ مفاجآت غير متوقعة، رغم معرفتهم بالمتاجر، والعائلات المحلية، والشخصيات التي تهيمن على المخيم، والمزاج العام في الشارع، بما في ذلك مَنْ تزوج يوم أمس، ويعتمد اللباس الذي يرتدونه على الظروف السائدة والممارسة المطلوبة، وفي لحظة الحقيقة يتم الكشف عن السلاح المستخدم، بحيث يكون مستعدًا لإطلاق النار”.
وشدّدّ المراسل في تقريره على أنّه “فور معرفة المستعربين لمكان المطلوبين الفلسطينيين يدخل جنود الاحتلال بمركباتهم العسكرية المصفحة، وبصحبتهم وحدات تكنولوجية لجمع المعلومات الاستخبارية، مع العلم أنّ المستعربين جرت العادة أنْ يدخلوا المخيم تحت ستار شاحنات لتوزيع الطعام أوْ خضروات، ويجمعون وثائق من كاميرات الشوارع، التي ظهرت معظمها على شبكات التواصل الاجتماعيّ، كما حصل في نابلس وجنين“.
ونقل بوحبوط عن ضباط في القيادة الوسطى للجيش قولهم إنّ “مهمة المستعربين أكثر خطورةً وتعقيدًا، لكن الجيش حين يدخل في مركباته المحمية يسعى لعزل المساحة المستهدفة، ومنع الاضطرابات المسلحة والمنظمة، بهدف تحييد وإحباط المطلوبين، وهو ما تم مؤخرًا بمخيم عقبة جبر بمدينة أريحا، وحين بدأ النداء في المساجد لمساعدة المحاصرين، سارعت قوات الجيش جنبا إلى جنب مع المستعربين لاعتقال ثلاثة منهم“.
كما أنّ وحدة (دوفدوفان)، ومعناها بالعربيّة (كرز)، بجيش الاحتلال، والتي بحسب (هآرتس) العبريّة، قام أحد جنودها باغتيال الصحافيّة الفلسطينيّة، شيرين أبو عاقلة، في مخيّم جنين السنة الماضية. ووفقًا للمصادر الإسرائيليّة، فإنّ مقاتلي الوحدة يُعرفون بنشاطاتهم القتاليّة ضمن وحدات (المُستعربين) في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، والذين تُطلِق عليهم الصحافة العبريّة اسم (وحدات الموت).
وكان موقع (همخلول) العبريّ الإسرائيليّ قد نشر معلوماتٍ عن هذه الوحدة، وأكّد أنّ أفرادها يستخدِمون أسلوب التخفي كمستعربين وسط الأوساط الفلسطينيّة، لافتًا إلى أنّ وحدة دوفدوفان (217)، وهي وحدة كوماندوز تابعة للجيش الإسرائيليّ، تعمل بشكل رئيسي في الضفة الغربية، وعملت سابقًا تحت القيادة المباشرة لشعبة (يهودا والسامرة) ولاحقًا تقرّر دمجها في جميع قطاعات القتال.
وبحسب الموقع فإنّ “مهام وحدة (دوفدوفان) تتركّز على الاستخبارات والاعتقالات المعقدة أوْ تصفية المستهدفين المطلوبين والنشطاء والمقاومين في قلب المناطق المعادية، وذلك باستخدام قدرات متطورة وتصنيفية، ويتم تنفيذ بعضها بتطبيق تكتيك المستعرب وبالتعاون مع جهاز (الشاباك)، حيث يتنكّر مقاتلو الوحدة في صورة مارّةٍ عرب”.
مقاتلو الوحدة يحملون البلطات والسكاكين اليابانيّة ورصاص الدوم-دوم المُحرّم دوليًا لقتل الفلسطينيين وقال الجنود للقناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ إنّ قادتهم حوّلوهم إلى قتلة ومُجرمين. وجاء ذلك، في الفيلم الوثائقيّ، الذي أعدّه مُراسل الشؤون العسكريّة في القناة، أور هيلر.
وقال أحد الجنود، وهو يُخفي وجهه إنّه لا يذكر عدد الـ(مُخربين) الذين قتلهم، في حين أكّد آخر أنّهم يحملون البلطات والسكاكين اليابانيّة ورصاص الدوم-دوم، المُحرّم دوليًا لقتل الفلسطينيين.
وثالث كشف عن أنّ الأمر العسكريّ يقضي بإطلاق خمس رصاصات على الفلسطينيّ بعد قتله للتأكّد من موته، لافتًا إلى أنّ هذه التعليمات صدرت بعد أنْ تبينّ لوحدة مُكافحة الإرهاب (يمام) أنّ أربع رصاصات لا تكفي للتأكّد من القتل، على حدّ قوله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية