وزير الخارجية التونسي: تونس في قلب أزمة الهجرة
أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أن بلاده في قلب أزمة الهجرة، في ظل تحولها إلى منطقة عبور للمهاجرين من دول جنوب الصحراء، رافضا وصف تونس بـ”البلد العنصري”، فيما يأتي هذا التصريح بعد أن أكد الرئيس قيس سعيد منذ يومين وجود شبكات إجرامية وراء تنامي رحلات الهجرة غير النظامية انطلاقا من السواحل التونسية.
وقال عمار في تصريحات لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إن ارتفاع وتيرة تدفق المهاجرين الأفارقة على الأراضي الأوروبية يعود بالأساس إلى الأوضاع السيئة التي تشهدها بلدانهم، لافتا إلى أن تطويق الظاهرة يمّر عبر حلّ المشاكل الحقيقية، قائلا إنه “دون “أمل أو عمل أو استقرار فسيعملون كل ما في وسعهم لترك بلادهم”، مضيفا أن “تونس في قلب هذا الطريق إلى أوروبا وليس بإمكان أي دولة مواجهة الظاهرة بمفردها”.
ورفض الوزير التونسي وصف بلاده بـ”العنصرية” على خلفية التصريح الذي أدلى به الرئيس قيس سعيد في وقت سابق محذرا من مؤامرة لتغيير التركيبة الديمغرافية للبلاد وتجريدها من انتمائها العربي والإسلامي.
وفي سياق متصل قال عمار إن مفاوضات تونس مع صندوق النقد لم تنته بعد، لافتا إلى أنه لا يمكن الحصول على قرض من هذا القبيل، في إشارة إلى بعض الشروط التي ترفضها السلطة السياسية، مؤكدا أن “استقرار البلاد خط أحمر”.
وتشير آخر بيانات الداخلية الإيطالية إلى أن عدد المهاجرين الوافدين منذ بداية العام 2023 تجاوز 32 ألف شخص، فيما تمكن نحو 7 آلاف مهاجر من الوصول إلى التراب الإيطالي خلال الأسبوعين الأخيرين، وفق وكالة “نوفا” الإيطالية.
ومنذ فترة تشهد تونس تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، خصوصا باتجاه سواحل إيطاليا، على وقع تداعيات الأزمة الاقتصادية في البلد ودول أفريقية أخرى.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد الثلاثاء خلال لقاء مع وزير الداخلية كمال الفقي وقيادات أمنية في مقر الوزارة بالعاصمة تونس إن هناك شبكات إجرامية مسؤولة عن عمليات الهجرة غير النظامية إلى صفاقس، بحسب بيان للرئاسة.
ودعا سعيد إلى “ضرورة فرض احترام القانون على من يستغل هؤلاء البؤساء في تونس”، مشددا على أن “تأجير المنازل للأجانب يقتضي إعلام السلطات الأمنية والتشغيل يخضع للتشريعات التونسية”.
وشهدت محافظة صفاقس مطلع الأسبوع صدامات بين عدد من السكان ومجموعات من الأفارقة إثر مقتل أحد السكان على يد بعض المهاجرين، ما دفع السلطات الأمنية إلى ترحيل العديد منهم بالقرب من الحدود الجزائرية والليبية.
وأثارت الحادثة سيلا من ردود الفعل المطالبة بطرد المهاجرين غير القانونيين من صفاقس وهي أهم نقطة عبور للمهاجرين غير القانونيين عبر البحر في اتجاه السواحل الايطالية.
وأفادت مصادر قضائية بإيقاف عشرات المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء وأصدرت محكمة تونسية بطاقات إيداع بالسجن في حق العديد منهم.
ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الخميس سلطات البلاد إلى تبني خطة لمعالجة فوضى الهجرة غير النظامية تضمن أمن سكان مدينة صفاقس وسلامة المهاجرين غير النظاميين.
وأكد فرع الرابطة الحقوقية بالمدينة عبر بيان أنه “من واجب الدولة مراقبة حدودها طبقا لمقتضيات القانون الدولي ومعاهدات حقوق الإنسان”، مضيفا أن “معالجة الأزمة تتطلب أيضا تجاوز الاقتصار على المقاربة الأمنية والقضائية والبحث عن حلول ناجعة تحول دون تواصل مظاهر الفوضى”.
وشددت على “ضرورة التصدي للخطاب العنصري والتحريض على الكراهية مع وضع حد للممارسات التي تجعل الأفراد يحلون محل الدولة في تنفيذ القانون”.
ولا تزال السلطات التونسية تدرس مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحزمة المساعدات بعد أن أرجأت منذ أسبوع التوقيع عليها.
واقترحت المفوضية الأوروبية صرف مساعدة مالية طويلة الأمد لتونس بقيمة 900 مليون يورو إلى جانب تعهدها بضخ 150 مليون في الموازنة التونسية بصفة فورية، بالإضافة إلى دعم بقيمة 105 ملايين لإدارة الهجرة في 2023.
وترتبط المساعدة الأوروبية بالمفاوضات المستمرة بين صندوق النقد الدولي وتونس المتعلقة بصرف قرض بقيمة ملياري دولار مشروط بإجراء إصلاحات اقتصادية من بينهما خفض الدعم، لكن الرئيس سعيّد أكد رفضه القاطع لأي إجراءات تهدد السلم الأهلي لبلاده.