وسيبقى الحلم منتظرا فرسانه
وسيبقى الحلم منتظرا فرسانه….كثيرا ما يظن المتابعون للمشهد السياسي الدولي أن كبوات يمكن إن أصابت أمة من الأمم فهي علامة على موت محقق لها ، لاقيامة بعده ، وكثيرا ما أثبتت التجارب وما استنطقته الأحداث المتعاقبة أن هناك مايمكن أن يربك هذه المظنات ؛ حيث النهوض المفاجئ والبعث من تحت رماد المأساة ، وأن هناك فوارس جددا على صهوات أحلامهم يعيدون الخيول المتعبة إلى السباق مخيبين أحلام من فرحوا بخروجها من المضمار ، وباعثين في النفوس المتطلعة إلى قفزة جديدة على المهابط و الإحباطات ، بصورة تلهب الأكف تصفيقا والقلوب انتعاشا والعقول انبهارا .
من البدهي أن عدوك يفرح لانكسارك ـ وبعض أهلك أيضا ، وبخاصة إن كان ممن تلعب الميديا المؤدلجة بعقولهم وتضبط لهم عقارب ساعاتهم على توقيتاتهم الخاصة ، وهذا ما يمكن الإحالة إليه ؛ تمثيلا مقصودا ، بموقف دول الخزي العربية التي تنحاز إلى مستعمريها بمظنة أنهم حارسوها، حيث سعت بمساعدة الأعداء التاريخيين للأمة العربية لإعلاء كل ما من شأنه إحداث الفرقة وإشعال الخلاف ، وتسويد التنابذ المذهبي، ومكافحة أية صورة تشي بأن حلما للتوحد يمكن أن يتحقق .ولعل في مثال الوحدة المصرية السورية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي مايشهد لهذه القوى المعادية بالخسة والعمالة، وما يمكن أن يؤكد في الوقت ذاته أن الحلم ـ وإن تعثر ، أو أن الجياد كبت بالفرسان ـ فإن مجرد التحقق ولو لوقت في عمر الزمن السياسي قصير نسبيا فهو مع هذا إشارة واضحة إلى الإمكانية ، وإنه من الممكن استعادة الفارس لجواده ، والنهوض من الكبوة بالوعي الضروري بالعقبات والمعيقات وأولئك الواقفين على جانب السباق يلقون بالأحجار المجفلة للجياد .
يظن من لايحسنون الإنصات لخفقات قلب تاريخ أمتنا العربية أن الحلم الذي انكسر بتواطؤات ساسة وتآمرات كيانات دولية موت هذا الحلم، بل وتذرية رماد جثته على أرصفة السياسة الدولية ، واعتباره كأنه كان وهما في صدور أصحابه ، وأنه من المستحيل عودته، وبخاصة وقد اشتدت أعواد قوى التآمر العربية بعلاقاتها المباشرة وغير المباشرة مع دولة الكيان العنصري ، الذي يسعى دائما وشركاؤه من حراس الآبار العربية على تغذية الصراعات الإقليمية وتمزيق الخارطة العربية ، بما يضمن للقوى المعادية تنفيذ مخططها الإجرامي الاستيطاني المستهدف جل الدول العربية في مشروع إنشاء دولته الممتدة من الفرات إلى النيل ، ولينصت المتشككون إلى نشيد الكيان ، وليتأملوا خطيه الأزرقين على رايته التي ندعو الله أن ينقلب بياضها سوادا عليهم وعلى كل مؤيديهم .
لقد تفنن أعداء العروبة باختراع وسائل حروب الجيل الرابع ، للإجهاض على فكرة العروبة ، وإخماد أية شعلة أمل في استنهاض المشروع الوحدوي العربي من جديد، ووجدوا للأسف مساندة من أولئك النفر من الكتاب والمثقفين، فضلا عن رجال السياسة وكثير منهم مأجور ، وذلك تذويبا للهوية العربية في بوتقة العولمة في صيغتها الإمبريالية الجديدة ، وإخضاع الوعي العربي والثقافة العربية لحضارة الكاوبوي المتعولم ، ويتساءلون : عروبيون؟ ما معنى عروبيون ؟ ونقول لهم : نعم ونحمل في صدورنا الحلم بانتصار جديد للفكرة ،منعتقين من هزائمنا التي كانت إسهاماتكم أيها الخائنون لأحلام شعوبكم ، ياخدم الحلف الأمريكي الصهيوني العثمانلي .
عروبيون .. قلنا ونعيدها رغم أنف الحالمين بموت أحلامنا في بعث الحلم الذي ظنوا أنهم قتلوه ، وماقتلوه وماصلبوه ولكن شبه لهم .