«وشوشات شامي عتيق»: قصص غير مرويّة عن دمشق
هل تعلم أن أول مدرسة باليه في العالم العربي تأسست في دمشق في العام 1951 في منزل الوجيه مظفر البكري؟ كان البكري متزوّجاً من الفنانة اليونانيّة آنا فرانكولي، وكانت مأخوذة برقص الباليه، فقررت إدخال ذلك الفنّ إلى دمشق.
هل تعلم أن قماش ثوب زفاف الملكة إليزابيت الثانية، يوم كانت ولية العهد في العام 1947، جاء من أسواق دمشق؟ وأن السيدة فيروز لم تبدأ مشوارها الفني في مهرجانات بعلبك في العام 1957 كما يظن كثيرون، بل كانت البداية على مسرح «سينما دمشق» في شباط العام 1952؟ وأنّ الممثل والمخرج الكوميدي تشارلي شابلن زار القاهرة ثم دمشق لحضور افتتاح فيلمه «السيرك» في سينما «فلور دو داماس» في ساحة المرجة في خريف العام 1929 وكان في استقباله السياسي السوري فخري البارودي؟
تنقل صفحة «وشوشات شامي عتيق» على موقع «فايسبوك» تلك المعلومات المرتبطة بتاريخ العاصمة السوريّة، لإحياء الزمن الجميل الذي كانت تعيشه المدينة ولحفظ قصصها وماضيها. ويشير مؤسس الصفحة الباحث والمؤرّخ سامي مبيض إلى أن الوشوشة هي عبارة عن قصة متوارثة شفهياً بين الناس، ولا يوجد توثيق علمي لها في معظم الأحيان، ومن الممكن أن يتم تحريف النص من جيل إلى آخر. يحب مبيض صفة الشامي العتيق الذي يمزج حضارات وعادات وتقاليد عدة. جمع مبيض تلك الوشوشات والمعلومات من خلال لقاءاته وحواراته مع كبار السن في المدينة ووجهائها وسياسييها على مدى ستة عشر عاماً، وقرر نشر تلك القصص الدمشقية على «فايسبوك»، تمهيداً لجمعها في كتاب.
فعلى سبيل المثال، تذكر الصفحة تحت عنوان «رشة مازهر» ما كان يردده الباعة المتجولون في أسواق المدينة: «اسمعوا صوت البياعين، بالشام وهنه دايرين/ لغة بدا ترجمان، وأنا عندي مترجمين/ لغة بدا ترجمان، خصوصي باسم البتنجان/ نادوا أسود يا ريان وقعة سودا وقعانين/ وقعة وقعنا بهالجورة، حمرا وخضرا البندورة/ جيبوا طبل وزمورة لنفيّق النامين/ لنسمّع يللي بيسمع، هادا طري يا نعنع/ اوعى تفيّق الجارة، مزّاوية هي الصبّارة».
يلحظ مبيض على الصفحة أيضاً بعض الخرافات المنقولة عبر الأجيال، وما زال يؤمن بها البعض، خصوصاً في الأرياف الشعبية مثل: افتتح عامك بأكلة بيضاء ليعم الخير عليك طيلة السنة، لا تقص أظافرك ليلاً لئلا ترى أحلاماً مزعجة، يتسبب قطع الشجرة في المنزل بوفاة صاحبه، رش الماء على أحدهم يسبب الفراق، إدخال أو إخراج قطع الصابون من المنزل وإليه يوم السبت يتسبب بوفاة أحد أفراد العائلة وغسله بها، عدم إقامة الأعراس يوم الجمعة لأن عروس الجمعة قريبة الرجعة، الشعور بحكة في أحد الحاجبين يعني لقاء غريب قريباً، الذي يتوفى نهار السبت يجرّ أفراد العائلة وراءه بسرعة…
على الصفحة، نشر مبيض تعليقاته حول مسلسل «باب الحارة»، مشيراً إلى أنّ حارات دمشق لم تغلق أبوابها يوماً، وأن المسلسل لم يظهر سينما واحدة أو جريدة أو مطبعة أو ندوة ثقافية بينما كانت دمشق في العام 1932 مدينة متطورة فيها صناعة سينما، وترامواي، ومظاهرات نسائية، وجامعة «الجامعة السورية». كما لفت إلى أنّ العائلات الثرية في دمشق، لم تلبس الشروال بل «القمباز»، ولا يخرج أحد خنجره للقتال في أي وقت أو في أي ظرف، ولا يوجد شخص اسمه «العقيد» بل هناك زعيم يمثل الأهالي ويحمي مصالحهم.
تتنوع محتويات الصفحة بين «الوشوشات»، والمعلومات «هل تعلم»، والصور، والأغاني ونوادر الفن السوري، وتحاكي جميع الأجيال. تأسست الصفحة في آب/ أغسطس الماضي، وحصدت حتى الآن أكثر من 13 ألف متابع من جميع أنحاء العالم. يعلّق الأفراد على الوشوشات ويتناقلونها فيتذكرون بها تاريخهم وطفولتهم ومدينتهم التي يعود عمرها إلى 12 ألف سنة.
صحيفة السفير اللبنانية