«وصايا الصبّار» ,…. على يد الممثلة السورية رنا العضم، أتى الفرج للمخرج الفلسطيني السوري سمير حسين، بعد الفشل الذريع الذي مني به مسلسل «الكندوش» (إخراجه وكتابة حسام تحسين بيك)، خصوصاً في جزئه الأوّل، الفقير بالنسبة إلى ملامح التصعيد الحكائي، والخاوي من أي لمسة إخراجية كان يفترض بها أن تحاول ولو على مستوى الصورة والعناصر البصرية إعادة كتابة النص بلغة متواترة وجذابة، وتخليصه من عيوبه.
المهم بأن الممثلة السورية افتتحت شركة إنتاج تحمل اسم IMPERIES STUDIO بالتعاون مع شريكها حسين فخر الدين وأولت لسمير حسين مهمّة إخراج باكورة إنتاجها وهي عشارية «وصايا الصبّار» (كتابة فادي حسين وبطولة: أمل عرفة، عبد المنعم عمايري، صفاء سلطان، فايز قزق، رنا العضم، تسنيم الباشا، عاصم حواط، علاء القاسم، علي كريّم، بشار اسماعيل، ويوسف المقبل). طبعاً الفرصة جاءت في وقت لم تعد فيه المساحة متاحة أمام مخرج «فوضى» (كتابة حسن سامي يوسف ونجيب نصير) بعد سلسلة من إشكالاته المتلاحقة مع شركات الإنتاج التي عمل معها. لذا، فإنه من المنطقي جداً أن يتمسّك بها للحد الأقصى، وينجز عملاً متيناً، حتى لا تكون فرصته المحلية الأخيرة ربما؟!
حتى هذه اللحظة، تتمثّل ضمانة هذا العمل في الجانب الحماسي للجهة المنتجة، إلى جانب النفس المبشّر والواعد عند كاتب السيناريو، إضافة إلى نجوم المسلسل الذين يعتبرون ماركةً مسجلّة!
في حديثه معنا، يحكي كاتب النص فادي حسين عن تشابه عنوانه هذا مع مسلسل طرح للتداول العام من دون أن يحظى بشرط بيع مناسب وهو «وصايا كانون» (كتابة السيناريست الشهير سامر رضوان) فيقول: «ليس لدي أدنى فكرة عن مسلسل «وصايا كانون»، لكن كل ما في الأمر أنني أثناء الكتابة قرأت خاطرة تقول بأن الصبار مهما اعتنيت به لا يمكن أن يثمر تفاحاً. من هنا ولد العنوان كناية عن التشابه بين الطبيعة الشوكية لنبتة الصبار وشخوص الحكاية».
أما حول ما أشيع عن سوداوية النص، يرد حسين: «أجد أن الوصف مبالغ فيه، وهنا دعني أسأل لماذا لم يحمل عمل فني بحجم وأهمية «التغريبة الفلسطينية» (كتابة وليد سيف وإخراج حاتم علي) نهايات سعيدة والجواب بسيط جداً: فلسطين لم تتحرر بعد! هكذا هو «وصايا الصبار» مع نفي أي مقارنة بالنسبة للمثال المذكور، فحكايتي تدور في سورية وظروفها المتأزمة نتيجة الحرب وتبعاتها، ومن المنطقي أن تحمل هذه القصة شيئاً من السوداوية، لكن ليس بصيغة مفرطة كما يروّج. في النهاية الكتابة وجهة نظر وكلّ ما ينضوي عليه هذا النص هو محاولة لطرح وجهة نظري بمنطق يتماهى مع هموم الشارع التي لا تتبنى خطاباً أو تياراً ما بقدر ما تنتصر لأوجاع الناس ومشاكلهم وقضاياهم، وتكتفي بإسقاط الضوء على ما يدور من مشاكل وصراعات خفية من خلال حكاية أبطالها الافتراضين».
وعن فكرة مادته التلفزيونية وصيغتها التصاعدية، يقول الكاتب الشاب بأن حكايته تنطلق بأحداثها بالاتكاء على عائلتين، إحداهما صاحبة نفوذ اقتصادي كبير، وأخرى معدمة تنحدر من طبقة مسحوقة، تندلع شرارة الرواية كلها عندما تطفو رغبة إحدى العائلتين بالسيطرة على الأخرى، فيتحول الأمر بينهما إلى حرب وتصفية حسابات عن الماضي والحاضر المشترك المربك الذي يجمعهما معاً.
ثم يراهن على جرعة التشويق العالية باعتبار أنه أنجز نصّه على مهل إلى درجة أنّه استغرق حوالي سبعين يوماً بنظام عمل متواصل، إضافة إلى أن «الحكاية تسير بخطى مدروسة نحو نهايتها من دون ألغاز وأحجيات تشتّت ذهنية المتفرج، بل تحاول الغوص في الرواسب النفسية لكل شخصية والدخول في عوالمها ودوافعها وسلوكياتها التي قد تصدمك بين مشهدٍ وآخر فتحقق بذلك شرط التشويق المناسب الذي يدفعك لمتابعة الحكاية إلى آخرها».
وحول المخاطرة التي يحملها العمل في إسناده للمخرج سمير حسين، يقطع فادي حسين الطريق على تلك النظرية بسيل جارف من المديح والإطراء لأحد مخرجيه المفضّلين في سوريا.