وفاء الكيلاني: المشاهد غير مصاب بالألزهايمر
ليست قيمة الخبرة مقرونة بعدد السنين، ولكنّ خمسة عشر عاماً خمّرت تجربة الإعلامية وفاء الكيلاني وأوصلتها إلى مرحلة معقولة من الرضا، سواء عن مجمل البرامج التي قدّمتها، أو عن برنامج «الحُكم» الذي اختتم عرضه أخيراً على «أم بي سي» بحلقة خاصة مع نجوى كرم. فهل من حكم جديد؟ أو هل من غياب جديد؟ وماذا في جعبة الكيلاني من ردود حول ما أثير عن عدم مصداقية الاستفتاء في برنامجها؟
تقول الكيلاني لـ «السفير» إنّها لمست الأصداء الجيدة لبرنامج «الحُكم» من الناس مباشرة. «إنسي أمر الإحصاءات وغيره، أستطيع القول إنني حققت نسبة نجاح لا بأس بها، وسعيدة بأنني حاورت نجوماً عربا للمرة الأولى في حياتي المهنية، وسعيدة بأنّ الله وفّقني، ودوماً أقول إنني وصلتُ إلى حد معيّن من الرضا، لأنه صعب أن أصل إلى مرحلة رضا كاملة عن أي عمل أقدّمه، كما يصعب عليّ أن أشعر بنشوة نجاح معيّن، واليوم بعد انتهاء البرنامج أقول إنني متعبة وأنشد الاسترخاء، وهناك افتراضات كثيرة حول البرنامج المقبل، من بينها أن لا يكون الضيوف محصورين في دائرة الفن على سبيل المثال. وخلال الاستراحة، أفكّر مع الناس وبيني وبين نفسي في البرنامج المقبل. ملامح البرنامج موجودة وكذلك القلق موجود إذ من المخيف الحصول على درجة معيّنة من النجاح وتأتي الخطوة التالية غير مدروسة».
تقول الكيلاني حول ما أشيع عن أسماء رفضت الظهور في برنامجها: «تعذّر على البعض الحضور لأسباب أو لأخرى. ولا يمكنني أن أؤكّد أو أنفي أن هناك مَن رفض الظهور في «الحكم» لأنَّني لا أتواصل مع الضيوف شخصياً، ولكن هناك مَن اعتذر قلقاً من فكرة البرنامج، ومن الطبيعي أن هناك مَن اعتذر دون معرفة سبب الاعتذار». ورداً على مَن شكّك في نتائج الاستفتاء تقول إنّ أروقة المحاكم موجودة، وتضيف: «تتمتّع «أم بي سي» بمصداقية عالية، ونحن تعاملنا مع شركة معروفة، وكلّ الاستفتاءات موثّقة. كنا نعلم منذ البداية أن البعض لا يعجبه العجب، والبعض الآخر يهوى التشكيك، لكننا واثقون من عملنا ومن مصداقيته».
تصف أسئلتها بالموضوعيّة المهنيّة رافضة مقولة إنّها تجرح بالحرير. «أسعى إلى أن أواجه بصدق محترمة عقول ضيوفي والمشاهدين، وأهرب من الكلام المكرّر عبر الشاشات. ليس لأنني واثقة جداً من نفسي، ولكن لأنني من الأشخاص الذين يحضّرون جيداً قبل أي إطلالة، ما يجعلني قادرة على المواجهة، بالإضافة إلى كوني أتمتع والحمد لله بسرعة البديهة، وهذه نعمة إلهية».
تفكّر الكيلاني بصوت مرتفع لتقول إنّ صيغة برنامج «الحُكم» من الممكن أن تستمرّ، ويصعب استمرارها في الوقت عينه، لا سيما أن البرنامج خاضع لاستفتاء في العالم العربي حول النجوم العرب الذين يجتمع على شهرتهم العالم العربي، وهناك مخاطرة بتقديم موسم ثان من «الحكم» بعد استضافة 30 شخصية، «وفي الأساس كان الاتفاق مع «أم بي سي» هو تقديم موسم واحد». وفي حال غيابها لفترة قصيرة عن الشاشة، تأمل بذاكرة المشاهد. «صحيح أنّها ذاكرة ضعيفة في بعض الأحيان، لكن المشاهد غير مصاب بالألزهايمر، وما زال كثيرون يتذكرون «ضد التيار» و «بدون رقابة» حتى يومنا هذا». برأيها، لا وجود لأيقونات إعلامية. «هذه كلمة كبيرة، ويوجد أساتذة كبار أحبّ متابعتهم وأحب جوانب منهم، مع أنني مقصّرة في متابعة التلفزيون بسبب انشغالاتي بحياتي المليئة بطفليّ. كنت معجبة ببرنامج الإعلامي الكبير حمدي قنديل «قلم رصاص»، وتلفتني مقدّمات الإعلامي إبراهيم عيسى، وأحب روح الشارع لدى الإعلامي عمرو أديب».
لطالما سعت الكيلاني لاستضافة شريحة كبيرة من السياسيين والإعلاميين خارج دائرة الفن. «في برنامج «ضدّ التيار» استضفت جمال البنا شقيق مؤسس حركة الإخوان المسلمين وغيره، وفي «قصر الكلام» صوّرنا مجموعة من الحلقات مع أيمن نور، وطارق الزمر، وأحمد أبو هشيمة، ولميس جابر وغيرهم». برأيها، فإنّ البرامج المسجّلة أقلّ جودة ومصداقية من البرامج المباشرة على الهواء. «خلال تسجيل حلقة ما من الممكن أن ألحق ضيفي عشر دقائق لانتزاع تصريح منه، أما على الهواء فهذا لا يمكن، وأجد البرامج المسجّلة تضيف إلى جودة البرنامج إذا استطاع المقدّم الاستفادة من هذه الجزئية وغيرها، ولكنني بالطبع أفضّل البرامج المباشرة، لأنّ فيها متعة، وسبق أن قدّمت العديد من البرامج المباشرة منها «طلوا حبابنا» عبر «آي آر تي»، وبما أنه مطلوب مني أن يكون البرنامج مسجلاً، لم لا؟ لا مانع لديّ، لأن التسجيل يتيح لي أموراً جميلة، ويمنحني ميزات وليس عيباً».
لم ولن تفكّر وفاء الكيلاني بكتابة أي موضوع يتعلّق بكواليس برامجها. «لن أتعدّى يوماً على خصوصيات ضيوفي، وقد أكتب يوماً عن مشاهداتي الاجتماعية وعن الشارع وعن مشاكل الناس، قد أكتب في الدنيا وفي الإنسان والمشاعر في تركيبتها بين الأبيض والأسود». تضيف أنه كانت لديها محاولات نثرية، لكن مشاغل الحياة أبعدتها عن القلم. «صداقتي مع القلم خفتت مع تقدّم التكنولوجيا، لكنَّها لم تبعدني عن قراءة الأدب والروايات، وأحزن على الورق في زمن نقرأ فيه الصحف عبر المواقع الإلكترونية، ولا نلمس فيها أوراق الصحيفة، ففخامة الورق لها إحساس رائع».
الكيلاني المجازة في العلوم السياسية، ترفض القول أنّها وضعت شهادتها الجامعية على الرف، «فالفنّ سياسة، والأكل سياسة، السياسة تدخل في كل شيء، ولا يمكن التنصّل من السياسة حتى في مشاعرنا، فاليوم نعلن إيماننا بحرية الرأي ونضع مسدساً في رأس مَن يقول رأياً مخالفاً لمزاجنا».
تعتبر الكيلاني أنّ مصر اليوم تولد من جديد. «يجب أن أكون متفائلة، مصر لا تقع والتاريخ يقول هذا، والتركيبة المصريّة تقول هذا مهما كانت الظروف». والكيلاني المقيمة في لبنان لا تخاف من أوضاعه الأمنية. «الخوف إحساس يواكبنا في أي بلد كنا. ما يحصل اليوم من انعدام للإنسانية مخيف طبعاً، لا سيما حين نرى أن بعض النفوس لا يمكن مقارنتها بالحيوانات، فالحيوان يعطف على بني جنسه وترفق بأصحابها. أنا مشمئزة ومصدومة مما وصلت إليه النفس البشرية، إذ أصبح القتل والنحر عادياً بعدما انعدمت الرحمة، يمكنني القول إنّ هذا مقزّز. ومع هذا أؤمن أن الخير سينتصر في النهاية، ولا بدّ للخير أن ينتصر».
صحيفة السفير اللبنانية